الروائي محمد داود: لا يحقّق النص وجوده إلا بقارئ واعٍ

نشر في 18-12-2008 | 00:00
آخر تحديث 18-12-2008 | 00:00

يغوص الطبيب والكاتب محمد داود في روايته {فؤاد فؤاد}، الصادرة حديثاً، في التجارب الإنسانية، ويتخذ من القرية المصرية مكاناً فسيحاً له يعبر عنه ببصمة كاتب متمرّس يعي ما يرصده. عن روايته وتجاربه، التقته {الجريدة} في الحوار التالي.

لم التكرار في عنوان روايتك الجديدة {فؤاد فؤاد}؟

المقصود هنا قلب فؤاد، وتصوير فؤاد كشخصية محورية في العمل، تم استقصاؤها بشكل مفصّل.

عالم القرية هو المسرح الذي تدور عليه أحداث أعمالك كلها، لكنك لم تسمّ قرى بعينها، لماذا؟

القرية مسرح رواية {السما والعمى}، أما {قف على قبري شويا} و{فؤاد فؤاد} فتدور أحداثهما في مدينة إقليمية مصرية. أعتقد أن تسمية القرية ليست ضرورية دائماً، خصوصاً إذا كانت في مصر حيث تتشابه القرى في قيمها وعاداتها ورموزها.

شخصية عبد العليم تظهر كشبح في الرواية، ألا يثير ذلك غموضاً لدى القارئ؟

بل يثير فضوله، وقصدت بذلك التعامل مع القارئ باحترام وجعله يكمل النص وكأنه ملكه، إذ لا يحقق النص وجوده إلا من خلال قارئ واع. عموماً، أطرح المشكلة وأترك لقارئي حرية التفكير والاختيار.

لماذا يظهر الموت كبطل أساسي في رواياتك؟

إن كان القصد هو الموت المعنوي في روايتي {قف على قبري شويا {فأنت محق، الرواية كلها أشبه بمرثية على رغم أنها تحتفي بالحياة وتمجّدها، وليس فيها شخصية مهمة واحدة تعرضت للموت الجسدي. أما في رواية {السما والعمى}، لم يأت الموت كبطل رئيس، لكن إحدى الشخصيتين الرئيستين الشيخ عبد العليم يموت في أرض الواقع، ويظل حياً داخل روح الشخصية الأخرى.

أتمنى تناول الموت كموضوع في رواية مقبلة، لأنه موضوع كل إنسان، ولن يتأتى لي تحديد موقف جدي تجاه حقيقة الموت الأزلية، إلا بالكتابة.

كيف تنظر الى الكتابات التي ترتبط بالموت وعذابات الحياة؟

الكتابة عموماً لا بد من أن تتناول جوانب الحياة المختلفة، ومواجهة الموت أحدها، لكن في هذا النوع من الروايات الضجيج كثير والطحن قليل، إذ تتناول كتابات كثيرة الموت سطحياً من دون أن تتوغل فيه، أو ربما تدّعي تناوله. أما عذابات الحياة فلم أعرف حياة خالية منها وليس هذا دليلاً على إفلاس الحياة، فهل جاءت كتابات تولستوي وفيكتور هوغو، وفلوبير وغيرهم التي تصوّر معاناة الإنسان في وجوده نتيجة انعدام الأمل وسيطرة الموت فحسب؟!

لماذا سيطر الخوف في روايتك {السما والعمى} على بطلك الطبيب محمود خير الله؟

لم يكن الخوف هو المسيطر الوحيد على محمود خير الله، بل ثمة مشاعر أخرى تسلطت عليه والخوف أحدها. فخير الله طرف في معادلة مركّبة وصعبة، طرفها الآخر هو الشيخ عبد العليم، بينهما صراع وكلاهما يمثل مجموعة قيم متداخلة ومتفاعلة في صراع مستمر بين الإنسان الفرد من ناحية والجماعة والضمير والأنا العليا والخرافة أيضاً من ناحية أخرى، وقد يتبادل الطرفان الموقع في تمثيل بعض أو هذه القيم أو كلها.

هل أفادك عملك كطبيب في الإبداع؟

لم أستفد جيداً من الطب في كتاباتي بعد، لكنني أتمنى ذلك. لديَّ تجربة إنسانية لا بأس بها في المجال الطبي وأنا طبيب مكلّف في وحدة صحية في الريف وتخصصي القلب والأوعية الدموية أي الإنعاش والعناية المركزة للحالات الحرجة، وأخيراً تخصصت في الطب الشرعي. ما يبدو أنه استفادة من الطب في رواياتي السابقة، قد يكتبه أي روائي. آمل بأن أتناول بعض تجاربي في هذا المجال بشكل جيد في الكتابة ولدي عدد من المشاريع في هذا الاتجاه.

هل يسعدك تشبيه رواياتك بكتابات {كافكا}؟

لا يسعد أي كاتب أن يقال إنه يقترب من آخر أو يبتعد عنه مهما كان هذا الآخر عظيماً، مثل تلك الأقاويل مجانية يطلقها الناس ويرددها كثيرون. كل ما يمكنني فعله مواصلة طريقي الإبداعي من دون الالتفات الى مثل تلك الأقاويل .

طريقة سرد روايتك {فؤاد فؤاد} مغايرة عن رواياتك السابقة، هل قصدت الخروج عن السرد الحكائي المألوف؟

لا يهمني الخروج على السرد المألوف، بل العثور على الطريقة الأنسب لاستيعاب ما أود قوله، وقد تكون النتيجة ما يسمى بسرد مغاير. لا أعرف هل أفرح بذلك أم لا، بل لا أستطيع تأكيد صحته وكل ما أتوخاه هو الصدق مع نفسي ومع قارئي الذي أحبه وأحترمه.

وجديدك.

لديَّ رواية جاهزة للنشر بعنوان {أمنا الغولة}، أتمنى نشرها في العام المقبل. وأكتب رواية موضوعها وقالبها الفني يتيحان لي مزيداً من الحرية والانطلاق الساخر، الذي جاء للضرورات الفنية فحسب في رواياتي السابقة. كذلك أعد كتاباً أتمنى أن يضم أشكالاً فنية غير روائية، ذات طابع ساخر أيضاً.

نبذة

 ولد الروائي محمد داود في مدينة المحلة الكبرى في مصر، وتخرج في كلية الطب البشري عام 95. يعمل طبيباً في مصلحة الطب الشرعي، وله ثلاث روايات منشورة، {قف على قبري شويا} صادرة عن {هيئة قصور الثقافة} - 2002، {السما والعمى} صادرة عن {هيئة الكتاب}، مكتبة الأسرة - 2004. وأخيراً روايته {فؤاد فؤاد} عن دار {هفن للنشر} في القاهرة. له عدد من القصص القصيرة، والمقالات الأدبية نُشرت في دوريات مختلفة، مثل مجلتي {الهلال} و}الثقافة الجديدة}، وجريدتي {الأهرام} و}أخبار الأدب}.

back to top