مجلس الوزراء: لا وقف للتداول... فالبورصة ليست دكاناً
محامون يرفعون دعوى ضد الحكومة لوقف زيادة تدهورها
السوق ينزف... والأسواق العالمية مستمرة في الانهيار
السوق ينزف... والأسواق العالمية مستمرة في الانهيار
مع استمرار تراجع الاسواق الخليجية وانعدام الثقة بالاجراءات المالية الاميركية وتدهور الاسواق في مختلف انحاء العالم، اخذت قضية انهيار البورصة نصيب الاسد من البحث والنقاش في اجتماع مجلس الوزراء امس، فبينما اكدت الحكومة على لسان رئيسها بالنيابة الشيخ جابر المبارك اطمئنانها على أوضاع سوق الكويت رغم التدني الحاصل في معدلات المؤشر، مشيرة الى «عدم وجود توجه لايقاف التداول بسبب ما تعانيه البورصة»، نصح وزير المالية مصطفى الشمالي المتعاملين في سوق الكويت للأوراق المالية بشراء الأسهم الجيدة بدلاً من البيع، مؤكداً أن «الوقت الآن وقت شراء وليس وقت بيع». وقال عن دعوة بعض المراقبين والقانونيين الحكومة الى إغلاق البورصة حتى إشعار آخر الى أن تتحسن الأوضاع الاقتصادية «إن البورصة كيان اقتصادي كبير، وإغلاقها ليس إغلاق دكان»، مشدداً على أن «البورصة ستستمر في العمل باعتبارها إحدى القنوات الاستثمارية». وكان وزير التجارة والصناعة وزير الدولة لشؤون مجلس الأمة احمد باقر قد استكمل مناقشة التقرير الذي طرحه قبل العيد عن اوضاع البورصة والجهود التي قامت بها لجنة انقاذ البورصة لاعادتها الى اوضاعها الطبيعية، وأكد امام مجلس الوزراء امس أن «اوضاع البورصة أضرت بكثير من المساهمين، وأن التدهور الحاصل لا يعني الكويت فحسب إنما كل دول العالم». واوضح ان «اوضاع البورصة الكويتية افضل حالا بنسبة كبيرة من اوضاع بورصات الخليج التي تهاوت إلى معدلات متدنية فيما كانت بورصة الكويت الأقل ضررا وتأثرا»، مرجعا اسباب التراجع الحاصل في البورصة الى قضايا فنية بحتة. وبين ان «الحكومة قادرة على تجاوز هذه الازمة من خلال اللجنة المشكلة وبالتعاون مع البنك المركزي والهيئة العامة للاستثمار وادارة البورصة». وقالت مصادر مطلعة لـ «الجريدة» ان رئيس الوزراء اكد استعداد الحكومة لزيادة مساهمتها من خلال هيئة الاستثمار اذا استدعت الاوضاع ذلك. وفي استماع الحكومة لمدير عام البورصة صالح الفلاح ورئيس هيئة الاستثمار بدر السعد وممثل البنك المركزي محمد الهاشل، ذكرت المصادر ان «الثلاثة اكدوا ان تردي اوضاع البورصة قضية عالمية وان جهاتهم تبذل كل الجهود من اجل تجاوز المرحلة الحالية». ومن جانب اخر، رفع عدد من المحامين امس، في حادثة تعد الاولى من نوعها في الكويت، دعوى مستعجلة ضد كل من رئيس مجلس الوزراء والمدير العام لسوق الكويت للاوراق المالية ووزير التجارة والصناعة بصفتهم، لالزامهم بوقف التداول في البورصة، نظرا الى تدهور اوضاع المساهمين جراء انهيار اسعار الاسهم، وتكبدهم خسائر فادحة أدت الى افلاس الكثيرين منهم، بالاضافة الى ملاحقتهم من البنوك الدائنة. واتهمت صحيفة دعواهم الحكومة بالتقصير والتقاعس عن حل تلك الازمة الاقتصادية في الوقت الذي بادرت دول العالم الى اتخاذ السبل واعداد الخطط الكفيلة بدعم الاقتصاد واسواق المال، كما استندت بدعواها الى ان الحكومة الكويتية تدخلت في السابق لحل ازمات مماثلة لحماية الاقتصاد الوطني ابان ازمة المناخ والمديونيات الصعبة وسنت لحلها قوانين وتشريعات خاصة، بناءً على ما نصت عليه المادة الثامنة من الدستور التي تقضي بالتزام الدولة بصون دعامات المجتمع وتكفلها بالامن والطمأنينة. وفي استطلاع للرأي أجرته «الجريدة» مع عدد من المتخصصين، ذكر احمد معرفي، مدير ادارة الاصول في شركة مدار الاستثمارية ان «ايقاف التداول في البورصة لا يسهم في حل الازمة، لذا لا بد من النظر في الحلول السريعة التي تعيد الثقة للمتداولين والمستثمرين من خلال شفافية الشركات وادراة البورصة والجهات الحكومية المعنية كهيئة الاستثمار والبنك المركزي ووضع الحلول الجدية وتبيان ما أسفرت عنه الاجتماعات المنعقدة للحد من الاشاعات وانعدام الثقة في السوق». ومن جانبه، اشار رئيس مجلس ادارة شركة سنام العقارية مانع الصانع الى ان «ايقاف التداول بالبورصة لن يعالج الازمة»، مستشهدا باجازة عيد الفطر التي قال انها «اكبر دليل على ذلك، لذا، لا بد من اتخاذ قرارات حاسمة وسريعة لمواجهة الازمة وايجاد حلول سريعة من شركات الاستثمار والجهات الحكومية». ولفت الى ان «حجم الأزمة قد يتفاقم في المستقبل القريب، اذ ان انعدام الثقة والخوف يسيطران على اتجاه السوق». اما رئيس مجلس ادارة شركة مجموعة الاوراق المالية علي الموسى، فقال ان «الحديث عن السوق صعب في ظل الظروف الراهنة اذ اننا ننفخ بجربة مقضوضة، واتجاه السوق غير معروف». واضاف الموسى انه «من غير المعلوم ما اذا كانت الهيئة العامة للاستثمار قد ضخت اموالا في صناديق شركات الاستثمار كما اعلن سابقا ام لا، إذ إنه لم يتم التصريح رسميا من مسؤولي الهيئة عن تلك السيولة وحجمها». وعلى صعيد متصل، قال مصرفيون إن «بنك الكويت المركزي ضخ امس مزيدا من الأموال بالنظام المصرفي المحلي لدعم الثقة وزيادة السيولة مع اتساع نطاق أزمة الائتمان الأميركية وتراجع أسواق الأسهم العالمية». وأوضحت بيانات «المركزي» أن أسعار الفائدة بين بنوك الكويت انخفضت لليوم الثاني بعد أن قال مصرفيون إن «البنك أتاح مزيدا من الاموال للبنوك بعد تحرك مماثل امس الاول وفي الاسبوع الماضي». وبينما قال مصرفي في بنك محلي لرويترز «يعرضون أموالا من جديد للبنوك التي تحتاج الى الاموال»، مضيفا ان البنك عرض أموالا لأجل ليلة وأسبوع، ذكر آخر ان «البنك عرض أيضا أموالا لأجل شهر». واجمع المصرفيون على أن حجم الاموال مماثل لما عرضه البنك المركزي في الايام السابقة. ولم يذكروا مزيدا من التفاصيل. وكانت البورصة الكويتية كبقية البورصات الخليجية والعالمية شهدت تراجعا كبيرا امس استمرارا لنزيف امس الاول، اذ تراجعت معظم الاسهم الى الحدود الدنيا من دون تداولات تذكر، ليقفل السوق خاسرا 427.3 نقطة عند مستوى 11951.7 نقطة، بينما تراجع الوزني 24.5 نقطة. عالميا،تدهورت امس البورصات في مختلف مراكز المال في القارات الخمس. ومنيت البورصة الاميركية بانخفاض كبير منذ بداية تعاملاتها على نحو هبط بمؤشر داو جونز الرئيسي للاسهم الصناعية دون مستوى 10 الاف نقطة للمرة الاولى منذ عام 2004، وتأثرت البورصة باستمرار قلق المتعاملين وخوفهم على الرغم من اقرار الكونغرس بمجلسيه استراتيجية خطة الانقاذ الاقتصادي التي بلغت قيمتها 700 مليار دولار، اذ أدرك المستثمرون أن هذه الخطة لن تسهم سريعا في تخليص الاسواق الائتمانية مما أصابها من جمود. كما واصلت اسواق الاسهم الاوروبية امس تراجعها الحاد في ظل المخاوف من انهيار عدد من المؤسسات المالية، او على الاقل تعرضها لخسائر كبيرة.