هل حقّقت المحطة الفضائية الدوليّة أهدافها؟
• لماذا نطرح هذا السؤال الآن؟إنها الذكرى العاشرة لإطلاق الزجلة الفضائية الأولى First Module (وحدة منفصلة مستقلة عن عربة فضائية) التي أصبحت تشكل المحطة الفضائية الدولية الكبرى. لكن هذه المحطة لم تكتمل بعد، ثمة أربع زجلات فضائية مضغوظة أخرى ينبغي إضافتها إلى الزجلات العشر التي أرسلت مسبقاً إلى الفضاء على مدار حوالى 322 كيلومتر تقريباً فوق الأرض.
كان من المقرر أن تنجز هذه المحطة الفضائية منذ خمس سنوات، وهي مثقلة بالأعباء، بالإضافة الى تكاليف تقدّر بحوالى 100 مليار دولار (65 مليار جنيه استرليني).• من أين أتت فكرة ابتكار محطة فضائية دولية؟جاءت هذه الفكرة بعد انهيار الاتحاد السوفياتي في مطلع تسعينات القرن الماضي. الى ذلك الوقت كان لكل من الولايات المتحدة الأميركيّة والاتحاد السوفياتي مبادرته الخاصة في ما يتعلق بالمحطة الفضائية. أطلق الروس على محطتهم اسم «مير»، أي السلام، وقد أحرزت نجاحاً لسنوات عدة، مسجلة أرقاماً قياسية على صعيد الفترة الزمنية التي يستطيع الإنسان إمضاءها في المدار. أما المحطة الأميركية فتدعى «فريدوم»، لكنها لم تطلق يوماً بسبب عوائق تقنية وتمويليّة. بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، وقّع الرئيس الأميركي السابق جورج بوش الأب ونظيره الروسي بوريس يلتسين اتفاقاً في شهر يونيو (حزيران) عام 1992 للتعاون في المهمات الفضائية المشتركة. بعد عام، في سبتمبر (أيلول) عام 1993، كشف نائب الرئيس الأميركي السابق آل غور ورئيس الوزراء الروسي السابق فيكتور شرنوميردين عن خطط لمحطة فضائية جديدة أصبحت المحطة الفضائية الدولية لاحقاً. وهكذا، استطاعت روسيا توفير بعض الزجلات، وصواريخ بروتون القادرة على حمل الأوزان الثقيلة، فيما أمّن الأميركيون بعثات صيانة مستمرة بواسطة سفن فضائية يمكن استعمالها مجدداً.• لماذا صممت هذه المحطة؟كي تتيح إمكان وجود بشري دائم في الفضاء وإجراء أبحاث علمية. بالإضافة إلى أنها تتمتع بدور سياسي يقضي بتوحيد الأمم في مسعى مشترك لتحقيق أغراض سلميّة. كان ذلك مهماً جداً، خصوصاً بالنسبة الى روسيا بسبب مخاوف فعليّة من أن يعمل علماء الصواريخ في هذا البلد لصالح دول مارقة إذا لم تقدَّم لهم وظائف شرعية في مجال الفضاء. والآن يضم مشروع المحطة الفضائية الدولية حوالى 20 أمة، وأبرزها الولايات المتحدة وروسيا واليابان وكندا والبرازيل، وقد وقّعت هذه الدول اتفاقات مع وكالة الفضاء الأوروبيّة.ماذا عن حجمها؟ عندما تنتهي ستبلغ مساحة هذه المحطة قدر ملعب كرة قدم، وهي تتضمن ألواحاً شمسية كبيرة تؤمن لها التزوّد بالطاقة. يبلغ حجم الزجلات الـ14 المضغوطة مجتمعة حوالى ألف متر مكعب وستتضمن مختبرات، وحجرات التحام وأدسمة هوائية ومناطق سكنية. وقد أطلقت الزجلات من خلال مكوك فضائي أميركي أو عبر صواريخ بروتون أو صواريخ سويوز الروسية، وهي ملتحمة في الفضاء. يمكننا رؤية المحطة الفضائية بالعين المجردة، فهي تلمع بشدّة في السماء عندما تلتقي بالضوء في الزاوية المناسبة.• من يعيش على متنها، والى متى؟وصل الطاقم المقيم الأول إلى المحطة الفضائية الدولية في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) من عام 2000، بعد سنتين من إطلاق الزجلة الأولى. منذ ذلك الحين، استقبلت هذه المحطة مجموعات متتالية تتألف من ثلاثة أشخاص تمتد فترة مهمتهم على ستة أشهر. كمجموع عام، زار أكثر من 160 رجل فضاء المحطة، بعضهم أكثر من مرة.ويُذكر أن النوم صعب في المحطة الفضائية لأنها تمر بـ16 شروقاً وغروباً للشمس يومياً، ولهذا تُغطى النوافذ «في الليل» لإضفاء انطباع بحلول الظلام. يبدأ يوم الطاقم مع اتصالات لايقاظهم عند السادسة صباحاً تتبعها عملية تفقّد صباحيّة للمحطة وتناول الفطور قبل البدء بالعمل قرابة الثامنة. عند الواحدة ظهراً يستريح الطاقم لساعة يتناول خلالها الغداء، وتبدأ النشاطات التي تسبق موعد النوم عند السابعة والنصف مساءً قبل إطفاء الأنوار عند التاسعة والنصف. كذلك يمارس الطاقم التمارين الرياضية بانتظام، خلال يوم العمل الذي يمتد على 10 ساعات، لإبطال تأثيرات الجاذبية المنخفضة التي قد تسبب ضعفاً في العضلات والعظام.• أي نوع من العلوم يطبق فيها؟ تضم المحطة عدداً من المختبرات العلمية:• المختبر الأميركي «دستيني»: أطلق في فبراير (شباط) من عام 2001، ويشتمل على أكبر نافذة في الفضاء بقياس 60 سنتم تقريباً، وهي نافذة مثالية لمراقبة الأرض.• المختبر الأوروبي «كولومبوس»: يجري اختبارات في علم الأحياء وفيزياء الموائع، وأبحاثاً حول النشاط الشمسي والمواد الجديدة، فضلاً عن أنه يشتمل على ساعة ذريّة. • الزجلة اليابانية «كيبو»: تشتمل على منصة خارجية لتعريض الأشياء للفضاء. • Express Logistics Carriers: مختبر أميركي سيجري أبحاثاً بشأن فراغ الفضاء.• بماذا أفادتنا هذه الأبحاث؟الاختبارات التي أجريت بالقرب من منطقة انعدام الوزن ضمن مدار اصطناعي ارتفاعه عن الأرض بين ٥٠٠ - ١٥٠٠ كيلومتر كانت مفيدة، لكنها لم تؤدي إلى خلاصات بالغة الأهمية. ويعتقد علماء كثيرون أن هذه الاختبارات كانت لتنجز بتكلفة أقل بكثير من خلال استعمال سفن فضائية من دون وجود بشري، وهي اختبارات لا تتطلب المستوى المرتفع من السلامة الذي تتطلبه بعثة من الباحثين. أحد أبرز منتقدي هذه المحطة رائد الفضاء اللورد ريز الذي وصفها بأنها «ديك رومي ضخم ومكلف جداً يطير في الفضاء»، موضحاً أن وضع هذه المحطة الفضائية ضمن مدار اصطناعي ارتفاعه عن الأرض بين ٥٠٠ - ١٥٠٠ كيلومتر كلّف مليارات الجنيهات الاسترلينية، فيما كان من الأفضل إرسال رجال آليين بسيطين نسبياً وأقل تكلفة إلى القمر والمريخ وكواكب أخرى للقيام بمهمات استكشافية. واللورد ريز، على غرار علماء كثيرين، لا يعارض إرسال رحلات فضائية تضم بشريين إذا كان ذلك يشجع الجمهور على نطاق أوسع، لكنه في المقابل يعارض إنشاء محطة فضائية دوليّة أعدّت لأغراض سياسية لا علميّة. • ماذا بعد هذه المحطة؟ينتهي برنامج المكوك الفضائي عام 2010، لكن ثمة أحاديث عن إمكان تمديده الى أبعد من هذا التاريخ، عوضاً عن الاعتماد على الصواريخ الروسية وحدها للدخول الى المحطة والخروج منها، وتوسيع الطاقم الذي سيمضي فترة عمله الممتدة على ستة أشهر، حتى أن التركيز في العقود المقبلة سيكون على قاعدة تضم بشريين بشكل دائم على القمر بحلول عام 2020، وعلى إرسال بعثة بشريّة إلى المريخ بحلول منتصف القرن الحادي والعشرين. وبذلك تكون المحطة الفضائية مجرد نقطة إنطلاق لتحقيق أغراض أشمل.• ما التقلبات التي مرت بها؟أحلك اللحظات كانت مع كارثة المكوك الفضائي كولومبيا في فبراير (شباط) عام 2003، ما أدى إلى انقطاع العمل ببرنامج المكوك لسنتين ونصف، وكاد بناء المحطة الفضائية أن يتوقف. أما اللحظة الأسعد فكانت مع زيارة ستة سياح الفضاء وإطلاقهم طابة غولف دارت حول العالم. فضلاً عن زواج رائد الفضاء يوري مالينشينكو وهو في الفضاء بايكاتيرينا ديميترييفا التي كانت في تكساس آنذاك.هل تستحق المحطة المال الذي أنفق عليها؟نعم- ضمنت عدم لجوء علماء الصواريخ الروس إلى دول مارقة ذات طموحات نووية.- وثّقت تعاوناً علمياً بين نحو 20 دولة مشاركة في المحطة الفضائية.- شكلت إنجازاً علمياً وتكنولوجياً لامعاً ستستفيد منه بعثات فضائية أخرى.لا- من الممكن جمع المعلومات العلمية غير المفيدة جداً بتكلفة أقل عبر استخدام سفن فضائية آلية.- شوّهت صيت العلم لأنها اشتملت على حيل تجارية كالسياحة الفضائية وملعب الغولف.- يبدو أن اكتشاف المدار الاصطناعي الذي يبلغ ارتفاعه عن الأرض ما بين ٥٠٠ و١٥٠٠ كيلومتر غير مثير للاهتمام بقدر اكتشاف القمر والكواكب الأخرى.