حرِّروا البحر من احتلال الشاليهات

نشر في 21-08-2008
آخر تحديث 21-08-2008 | 00:00
 حسن مصطفى الموسوي نعيش في بلد نلبس فيه الملابس الشتوية لثلاثة أو بحد أقصى أربعة أشهر فقط، لذلك، فمن الطبيعي أن يكون البحر والمرافق المائية أشهر الوسائل التي يلجأ إليها المواطنون والمقيمون للترفيه وتمضية أوقات الفراغ، خصوصا للذين لا يسافرون في الصيف، لكن مَن ينظر إلى الواقع يجد العكس تماما، فنحن نعاني إهمالا فاضحا للسياحة الداخلية بالرغم من المقومات التي نملكها في هذا المجال.

ورغم تملكنا ساحلا طوله 290 كيلومتراً، لاتزال النسبة المستغلة منه للترويح السياحي 11% فقط، بينما تبلغ النسبة المستغلة من قبل المؤسسات الخاصة والأفراد 40%، ومن قبل الجهات الحكومية 14%. وإذا استثنينا الـ70 كيلومترا في جون الكويت من الحسبة بسبب ضحالتها وطبيعتها غير الرملية، فإن نسبة استحواذ الأفراد على الشواطئ الرملية الجيدة تبلغ 52%، في وقت ينص قانوننا وقوانين بلدان العالم جميعها المطلة على البحار، على أن البحر حق للشعب كله وليس لفئة من دون أخرى.

فحاليا مَن يريد أن يستمتع بالبحر ليس لديه سوى البلاجات أو الواجهة البحرية الملوثة بالأوساخ، بسبب كثرة تردد الناس عليها، بينما نحرم من الشواطئ الجنوبية الصافية الشفافة، بسبب احتلال علية القوم لها! أما حجز الشاليهات فحدّث ولا حرج، لأن أسعارها مرتفعة بسبب قلة العرض ولا يوجد مشروع حكومي سوى منتزهات الخيران القديمة، التي أنشئت قبل ربع قرن تقريبا ويجب أن تؤجرها قبل أشهر عدة حتى تضمن الحصول عليها، في حين بلغت أسعار الشاليهات الجديدة فيها 200 دينار لليلة الواحدة.

في السابق أشدنا بحملة إزالة الدواوين المتعدية على أملاك الدولة، لكن كنا نتمنى أن تبدأ حماية هذه الأملاك ابتداءً من الكبار قبل الصغار، فمع أن الدواوين كانت تعديات غير مرخصة، فإن الشاليهات تعديات مرخصة ومشرعنة من قبل الدولة، وتلك مصيبة أعظم! ومع أن أصحاب الدواوين متجاوزون، لكن أغلبهم لم يتعدَّ على حقوق الآخرين، بينما نجد عدداً بسيطاً من المواطنين لا يتجاوزون بضعة آلاف متعدين على حقوق مليون كويتي، بسبب احتلالهم للشواطئ التي هي حق للجميع.

وإذا أضفنا إلى ذلك شُح المراسي في الدولة ومعاناة أصحاب الطراريد من هذه المشكلة، وفوضى البناء وصب الخراسانات في الشاليهات مما يشكل اضراراً بالبيئة، فإن الوقت قد حان لأن يشرع مجلس الأمة قانونا يفرض على الدولة شراء هذه الشاليهات بأسعارها السوقية الحالية، أو رفع قيمة تأجيرها «البخسة» أضعافا مضاعفة، حتى يُجبر أصحابها على إعادتها إلى الدولة. وبعد ذلك تنشأ شركة مساهمة كويتية تطرح للاكتتاب العام بدلا من شركة المشروعات السياحية الفاشلة و«الدايخة»، بحيث تقوم الشركة الجديدة باستثمار هذه الأراضي بإقامة مشاريع ترفيهية عملاقة تكون جاذبة حتى للسياح من خارج الكويت. ويمكن أن تقسم هذه المشاريع إلى ثلاثة أجزاء: أولها تخصيص جزء من البحر ليكون مفتوحا لعامة الناس، كما هو الحال في الواجهة البحرية، حتى تكون مقصداً للرحلات القصيرة التي لا تتعدى عدة ساعات.

والجزء الثاني يكون لإقامة مئات الشاليهات الجديدة وعرضها بسعر مخفض للناس، إضافة إلى إنشاء مشاريع ترفيهية حديثة بدلا من المدينة الترفيهية التي أنشئت قبل ربع قرن أيضا وأكل عليها الدهر وشرب. ويمكن إقامة مجمعات تسوق أيضا كما هو الحال في مشروع الـ«السن واي لاغون» في كوالالمبور، حيث يتضمن مدينة ألعاب مائية ضخمة، إضافة إلى فندق ومجمع تجاري ضخم، وبالتالي يكون مشروعاً ترفيهياً لجميع أفراد الأسرة، أما الجزء الثالث فيتم فيه بناء شاليهات فاخرة تؤجر سنوياً لعلية القوم حتى يتم ترضيتهم بهذا المشروع.

إن استمرار احتلال الشاليهات للبحر يعزز النظرة العامة للناس بأن الحكومة لا تستطيع تطبيق القوانين، إلا على الضعفاء، ولذلك، فلا يحق للحكومة أن تلوم الناس على العناد والإصرار على تجاوز القوانين مادامت هي لا تجرؤ أن تطبقه على الكبار!

back to top