التعليم العالي تعامل مقترح زيادة البعثات على أنه سياسي! وافقت على زيادة مقاعد المبتعثين إلى 1500 ولم تقبل غير 600!

نشر في 03-08-2008 | 00:00
آخر تحديث 03-08-2008 | 00:00
No Image Caption
تعامل وزارة التعليم العالي مقترحات التيارات المختلفة على أنها «سياسية» وعلى حساب المصلحة الأكاديمية، وتوافق على زيادة مقاعد البعثات إلى 1500 في وقت قبلت فيه 600 طالب فقط، متعللة بالنسب.

هل التعليم العالي في الكويت بخير؟ وهل المؤسسات التعليمية تعمل كما يجب؟ وهل تطور قطاعات التعليم ملحوظ أو على الأقل تسير وفق خطة مدروسة؟ ثم هل يعد استجواب وزيرة التربية والتعليم العالي هو السبيل لتطويره أو الضغط عليها ما أمكن لتحقيق النتيجة المرجوة من الوزارة التي تمثل أساس قيام الدول، لأنها تخرِّج أغلى كادر... البشري؟

بالطبع لا... لأن الكل يعلم أن التعليم مسؤولية فجزء منه تربية... والمسؤولية تقع على الجميع، وتحديدا على مسؤولي قطاعات التعليم المباشرين من وكيلة وزارة التعليم العالي د. رشا الصباح ومدير الجامعة د. عبدالله الفهيد، فضلا عن مساعديهما المباشرين ورؤساء القطاعات والأقسام والإدارات التابعة لهما، ولأن مشكلة التعليم ورغم وجود مسؤولين أغلبهم رشحتهم اللجان أو اختارتهم الوزيرة أو أساسا وجدوا قبلها كعناصر متميزة أو «خبرة»، فإن «البعارين» ما زالت غير قادرة على حمل مثالب وعيوب وبيروقراطية بل و«مراضات» بعض الأطراف في وزارة التعليم العالي أو جامعة الكويت، ولا يمكن حل مشكلات التعليم في وقت قصير، حتى لو عولجت بالعديد من القوانين والاقتراحات والقرارات المنظمة، أو خصصت لها ميزانيات ضخمة.

مقترح «التحالف»

التحالف الوطني الديمقراطي اقترح في برنامجه الانتخابي البرلمانية الأخيرة، فضلا عن بيان رسمي له وفي بند «التعليم» زيادة مقاعد البعثات الدراسية إلى خارج الكويت، من 350 مقعدا إلى 1500، لقناعته بأن «أمراض» التعليم لا يمكن التخلص منها في يوم وليلة، ولا حتى بالميزانيات الضخمة، بل حصر هذه الميزانيات وقلص الاقتراحات والقرارات بقرار واحد، يزيد مخرجات التعليم علما وثقافة متنوعة يمكن أن يوظفها الخريج الكويتي وهو عائد لبلاده في قطاعات عدة، وأولها اصلاح التعليم الكويتي لأنه مر بتجربته، واكتشف الفرق بين النظام التعليمي في الخارج ونظام مؤسسات بلده، واقتنى حصيلة علمية يمكن أن يستخرج منها نماذج عدة يستبدل أو يصلح بها التعليم في الكويت.

حل مثالي

بدوره أكد أمين عام التحالف الوطني الديمقراطي بالوكالة سعود العنزي أن المرء «حين يجد أن البلد يتمتع بوفرة مالية، يطالب بتوجيهها واستغلالها في تحسين البنية التحتية والبناء الأكاديمي»، مبينا ان التحالف ارتأى المساهمة بـ«حل مشكلات التعليم بوقت قصير لأهمية هذا القطاع في بناء المجتمعات ولأن العنصر البشري عامل أساسي في تطور وتنمية تلك المجتمعات، وبما أن حل القصور في بعض المناهج الدراسية يحتاج إلى وقت طويل، اقترحنا زيادة عدد البعثات من 350 إلى 1500 مقعد كحد أدنى، وكحل عملي وسريع لمشكلات التعليم»، لافتا إلى أن «الخريج حين يعود لا يحمل معه الشهادة فقط، بل يأتي ومعه ثقافة أخرى، وعادة ما تكون شخصيته إيجابية وفاعلة في المجتمع، لأنه مر بتجارب عديدة ومتنوعة، يمكن أن يستثمرها في معالجة أي خلل أو بيروقراطية تعرقل التطور في البلد».

وأكد العنزي أن بعض التخصصات التي يحتاج إليها سوق العمل لا توفرها المؤسسات التعليمية في الدولة، ولا يمكن توفيرها إلا من خلال التعليم في الخارج، مشيرا إلى أن نواب التحالف طالبوا في أكثر من مناسبة بزيادة عدد البعثات».

النسب...!

إلى ذلك، استجابت وزارة التعليم العالي لمقترح التحالف الوطني الديمقراطي وزادت عدد البعثات من 350 إلى 1500 مقعد، لكن الوزارة وللأسف لم تتعامل مع «روح» المقترح بل استجابت له استجابة «نصية»، واكتفت فقط بزيادة عدد المقاعد من دون تخفيض نسب القبول بحيث تتماشى والعدد المتوافر للطلبة!

وماذا حصل! لم تعتمد وزارة التعليم العالي في عملية القبول الأخيرة إلا 600 طالب وطالبة كعدد تقريبي أعلنت عنه وكيلة الوزارة د. رشا الصباح قبل أيام، وبالتالي فإن الوزارة حرمت شباب الكويت من 900 مقعد لسبب لا يرقى إلى الغاية المنشودة من المقترح، بل أكدت الصباح في تصريح خاص لـ«الجريدة» أنه «لا نية لتخفيض نسب القبول في البعثات»، وأعلنت في الوقت ذاته استقبال الطلبة الذين «لم يحالفهم الحظ» لأخذ مقاعد الطلبة الـ600 المقبولين، والذين اعتذروا أو لا يرغبون في تلك البعثات التي قبلوا فيها وكأن الوزارة وحسب مقاعدها المتاحة لا يمكنها قبول أكثر من ذلك!

تعامل حرفي

أغلب قيادات المؤسسات الحكومية التي تريد مراضاة التيارات رغم اختلافها، تتعامل معهم «تعاملا حرفيا»، بمعنى أنها تستجيب لمقترحاتهم استجابة «نصية» أي مجتزأة، وتغض النظر عن الرغبة المنشودة منه، وتبحث دائما عن مخارج ومنافذ أخرى للحفاظ على الوضع بصورته الحالية، والدليل على ذلك موافقة وزارة التعليم العالي على مقترح التحالف الوطني وفي الوقت نفسه حدت منه ببقاء النسب وكأن المقاعد لم ترتفع إلا 250 مقعدا إضافيا فقط!

نعم هناك تيارات تريد الموافقة على مقترحاتها «لتركض» إلى الشارع أو وسائل الإعلام وتقول أنا أنجزت، لكن وزارة التعليم العالي ليست مطالبة الآن بتقييم التيارات أو الدخول في نواياها، بل عليها دراسة فائدة المقترح وجدواه من عدمه، وبما أن الوزارة وافقت على المقترح فهي مقتنعة به اقتناعا كاملا، فلماذا الحد من المقاعد بالنسب التي لا تستند إلى أساس أكاديمي أو منطقي؟! وهناك تخصصات عديدة يفتقر إليها سوق العمل، ليست بالضرورة تخصصات الطب أو الهندسة حتى ترفع فيها النسب إلى هذا الحد!

تساؤلات

وبعيدا عن هوية صاحب الاقتراح... ألا تعلم وزارة التعليم العالي بأهمية زيادة الطلبة الخريجين والعائدين من بلدان مختلفة وثقافات مختلفة، وعائد التطوير البشري على التطور العمراني؟! وهل يحتاج قطاع تقوده خبرات أكاديمية إلى اقتراحات وتوصيات ومتابعة من التيارات حتى يصلح وضعه الأكاديمي؟!

على وزارة التعليم العالي إعادة النظر في النسب المشروطة لقبول الطلبة في البعثات، فليس من المنطقي أن يوفر 1500 مقعد وتقبل الوزارة فقط 600 طالب، ثم تأتي لتقول، «هناك طلبة اعتذروا لذا نستقبل من لم يحالفه الحظ».

يبدو أن الكويت «لم يحالفها الحظ» بالقيادات الأكاديمية في وزارة التعليم العالي، فما زالت تنظر إلى المقترحات على أنها «سياسية»، «ولم يحالف التحالف الوطني حظ» في استيعاب الوزارة لبعد نظر المقترح، وعائده الكبير على مستقبل البلد.

back to top