لاعقلانية و تعسف في ثلاثة استجوابات وأَدَا مجلس 2008 بعد عشرة أشهر ظاهرة برلمانية فريدة لمتوالية مجلس يستكمل وآخر يحل

نشر في 20-03-2009 | 00:00
آخر تحديث 20-03-2009 | 00:00
استعمل صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد الصباح، حفظه الله، بعد عشرة أشهر من التوتر بين بعض أعضاء مجلس الأمة، وسمو رئيس الوزراء الشيخ ناصر المحمد بشأن عدد من القضايا، نتج عنها تقديم ثلاثة استجوابات متتالية إلى رئيس الحكومة، حقه الدستوري وقام بحل الفصل التشريعي الثاني عشر لمجلس الأمة 2008 أمس الأول، وأعاد بذلك قضية حل الخلاف الى المواطنين، للمشاركة في علاج المشكلة بين الحكومة والنواب عن طريق إجراء انتخابات جديدة، على خلاف ما يعتقده البعض من ان قضية حل المجلس ما هي إلا محاولة من قبل الحكومة لاستباق الأحداث برفض طلب مجلس الأمة استجواب رئيس الوزراء.

إن الاستجوابات التي تحمل معنى اتهام، يوجهها المجلس إلى رئيس مجلس الوزراء أو أحد الوزراء، فالعضو إذا نمت إلى علمه معلومات مهمة تثير بعض الشبهات في شأن ما، سواء بلغت النائب تلك المعلومات بوسائله الخاصة أو من جراء سؤال أو مناقشة عامة أو تحقيق، يستجوب رئيس مجلس الوزراء أو أحد الوزراء عن حقيقتها، ويعتبر الاستجواب وسيلة من أهم الوسائل التي تملكها السلطة التشريعية وأخطرها في مواجهة أعضاء الحكومة، كما نصت المادة (100) من الدستور.

الا ان التبعات السياسية للاستجوابات الاخيرة لرئيس الوزراء لا يمكن وضعها في رف الاستجواب الصحي، لعدة أسباب على وشك أن تضع البلد في مهب الريح اذا ما استهان كل عضو بقدر الثقة التي أولتها له الأمة عندما انتخبته، وإذا كانت المادة (100) من الدستور أعطت الحق في استجواب رئيس الوزراء، فإن المادة (102) نصت بكل وضوح على أن المجلس لا يمكن ان يطرح الثقة برئيس الوزراء، وانما يرفع «المجلس» طلب عدم تعاون مع رئيس الوزراء الى سمو الأمير، بعدها يقرر سموه إما إقالة رئيس الوزراء أو حل المجلس... في خلاصة مفادها ان الطريق معبّد الى حل المجلس، مهما كانت نتائج السيناريو المرسوم لتلك الاستجوابات.

دستوري أو غير دستوري

يحق لسمو الأمير حل مجلس الأمة، وهو بمنزلة إقالة جميع اعضاء البرلمان، وكان دستور الكويت قد أقر حل المجلس في المادتين 102، 107، حيث تنص المادة 102 من الدستور على انه: «لا يتولى رئيس مجلس الوزراء أي وزارة، ولا يطرح في مجلس الأمة موضوع الثقة به، ومع ذلك إذا رأى مجلس الأمة بالطريقة المنصوص عليها في المادة السابقة عدم إمكانية التعاون مع رئيس مجلس الوزراء، رفع الأمر الى رئيس الدولة، وللأمير في هذه الحالة ان يعفي رئيس مجلس الوزراء ويعين وزارة جديدة، او ان يحل مجلس الامة، وفي حالة الحل، اذا قرر المجلس الجديد بذات الاغلبية عدم التعاون مع رئيس مجلس الوزراء المذكور اعتبر معتزلاً لمنصبه من تاريخ قرار المجلس في هذا الشأن وتشكل وزارة جديدة»، وتنص المادة 107 على أن: «للأمير ان يحل مجلس الأمة بمرسوم تبين فيه اسباب الحل على انه لا يجوز حل المجلس لذات الأسباب مرة أخرى، واذا حل المجلس وجب اجراء الانتخابات للمجلس الجديد في ميعاد لا يجاوز شهرين من تاريخ الحل، فإن لم تجر الانتخابات خلال تلك المدة يسترد المجلس المنحل كامل سلطته الدستورية ويجتمع فوراً كأن الحل لم يكن، ويستمر في اعماله الى ان ينتخب المجلس الجديد»، ومن خلال المادتين فإن حل المجلس يجب ان يكون بمرسوم اميري يبين اسباب الحل للشعب، وانه لا يجوز حل مجلس الامة للاسباب نفسها مرة اخرى، وإذا تم حل مجلس الامة فإنه تجب الدعوة إلى اقامة انتخابات في مدة اقصاها شهران من تاريخ الحل، ولا يجوز حل المجلس في فترة اعلان الاحكام العرفية.

ونوعا حل مجلس الأمة هما: إما دستوري بإنهاء عمل مجلس ودعوته إلى انتخابات جديدة خلال شهرين من تاريخ الحل، حيث ان الحل الدستوري لا بد ان تتبعه انتخابات خلال مدة أقصاها 60 يوما، وإلا اعتبر المجلس «المنحل» منعقداً وكأنه لم يحل. أو حل غير دستوري وذلك بإلغاء العمل بالدستور والمجلس وتقييد الحريات حيث يأتي معه دائماً تعليق لبعض مواد الدستور، وهي المواد الخاصة بدور وصلاحيات مجلس الامة، مما يعني انه حل غير شرعي وتعد على حقوق الشعب. ويمكن القول ان حل مجلس الامة لأعوام 1975 و1985 لم يكن في اطار الحل الذي رسمه دستور الكويت وذلك لسببين:

1 - ان حل مجلس الأمة عام 1975 وعام 1985 كان بأمر أميري ولم يكن بمرسوم أميري.

2 - ان الأمر الأميري الصادر بالحل لم يدع إلى اجراء انتخابات لمجلس جديد في ميعاد لا يجاوز شهرين من تاريخ الحل، كما نص على ذلك الدستور في المادة (107) وقد ترتب على ذلك أن حل مجلس الامة عام 1976 امتد إلى مدة تقارب اربعة اعوام ونصف العام، وان حل مجلس الامة 1986 امتد إلى مدة تقارب 6 سنوات وثلاثة اشهر.

ظاهرة فريدة عبر المجالس السابقة!

من المفارقات اللافتة للنظر في تاريخ الحياة السياسية والبرلمانية الكويتية هو ان القدر يسمح لمجلس بإتمام مدته البرلمانية، والمجلس التالي له تحدث به مشكلة تؤدي الى حله، فأول مجلس أمة بالكويت عقد 1963 استكمل مدته التشريعية حتى 1967، ومجلس 1967 يصفه البعض بأنه تم تزوير الانتخابات فيه، ومجلس 1971 استكمل مدته حتى 1975، وتم حل المجلس اللاحق في 1976، واستمر تعطيل الحياة النيابية حتى 1981. تمت الانتخابات في 1981 واستكمل المجلس مدته حتى 1985، وتم حل المجلس اللاحق في 1986، واستمر الحل الى ما بعد الغزو. وجاء مجلس 1992 ليستكمل مدته حتى 1996، وتم حل المجلس الجديد في 1999، واستكمل مجلس 1999 مدته، وتم حل مجلس الأمة 2003، لكن خالف هذا العرف مجلس 2006 الذي كان مفروضا ان يستكمل مدته، ولكنه تم حل المجلس، وهذه الظاهرة الوحيدة المخالفة في تاريخ استكمال مدة المجالس وحلها المتواتر والمنتظم في الكويت... لمجلس يستكمل وآخر يحل!!

حل مجلس الأمة 1975

الفصل التشريعي الرابع لمجلس الأمة 1975 الذي افتتح اعماله في 11 نوفمبر 1975، لم يكتب له الاستمرار حتى نهايته المقررة وفقا للدستور، اذ عقد آخر جلساته يوم 20 يوليو 1976 بعد ان تم حله للمرة الأولى حلاً غير دستوري، في سابقة لم تشهدها الحياة الديمقراطية في الكويت منذ تأسيس أول مجلس للأمة عام 1963.

ونتلمس اسباب الحل من مصدرين: الأول كتاب سمو ولي العهد والثاني الأمر الأميري الصادر بحل مجلس الأمة.

أولا: كتاب سمو ولي العهد:

قدمت الحكومة استقالتها في 29 اغسطس للاسباب التي جاءت في كتاب سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء ومنها:

1 - تعطيل مشروعات القوانين التي تراكمت منذ مدة طويلة لدى المجلس.

2 - ضياع الكثير من جلسات المجلس من دون فائدة.

3 - التهجم والتجني على الوزراء والمسؤولين من دون وجه حق.

4 - فقدان التعاون بين السلطتين.

ثانيا: الامر الاميري الصادر بحل مجلس الامة:

يمكن من الامر الاميري الصادر بتاريخ 29 اغسطس 1976 بحل مجلس الامة استخلاص الاسباب الآتية للحل:

1 - استغلال الديمقراطية.

2 - استغلال الدستور من اجل تحقيق مكاسب شخصية.

3 - بذل الجهود من اجل الاعانة واثارة الاحقاد وتضليل الناس.

وجاءت وقائع الحل في 29 اغسطس 1976 حين قدمت الحكومة استقالتها للاسباب التي جاءت في كتاب سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الشيخ جابر الاحمد الصباح، وفي ذات اليوم وجه الشيخ صباح السالم الصباح امير البلاد، رحمه الله، كلمة الى الشعب الكويتي، كما اصدر ثلاثة اوامر اميرية، الاول قبول استقالة رئيس مجلس الوزراء، والثاني تكليفه ترشيح اعضاء الوزارة الجديدة، والثالث حل مجلس الامة وتنقيح الدستور.

حل مجلس الأمة 1985

تم انتخاب مجلس الامة 1985 لفصل تشريعي سادس، لكن هذا المجلس لم يتم مدته الدستورية، اذ في مساء يوم الخميس الموافق 3 يوليو 1986 فوجئ المواطنون بصدور امر اميري بحل مجلس الامة للمرة الثانية بشكل غير دستوري، وكانت اسباب الحل التي يمكن استخلاصها من ديباجة الامر الاميري الصادر بالحل والتي جاء بها: «لقد تعرضت البلاد لمحن متعددة وظروف قاسية لم يسبق ان مرت بمثلها مجتمعة من قبل، فتعرض امنها لمؤامرات خارجية شرسة هددت الارواح، وكادت تدمر ثروات هذا الوطن ومصدر رزقه، وكادت نيران الحرب المستعرة بين جارتيها المسلمتين ان تصل الى حدودها، وواجهت ازمة اقتصادية شديدة، وبدلا من ان تتضافر الجهود وتتعاون كل الاطراف لاحتواء هذه الازمة تفرقت الكلمة، وانقسم الرأي، وظهرت تكتلات واحزاب ادت الى تمزيق الوحدة الوطنية، وتعطيل الاعمال، حتى تعذر على مجلس الوزراء الاستمرار في مهمته.

ولما كانت الازمة الاقتصادية، التي تمر بها البلاد، لن ينقذها منها الا عمل حاسم وحاد، ولما كانت المؤامرات الاجرامية التي يتعرض لها الوطن لن يوقفها الا اليقظة التامة والاستعداد الكامل والوحدة الوطنية الشاملة، ولما كانت ظروف المنطقة تتميز بالحرج وتحيطها ملابسات دقيقة وخطيرة، ولما كان استمرار الوضع على ما هو عليه سيعرض الكويت لما خشيناه ونخشاه من نتائج غير محمودة، ولما كانت الحرية والشورى نبتا اصيلا نما وازدهر منذ نشأة الكويت، وكانت الكويت هي الاصل وهي الهدف وهي الباقية، أما ما عداها فهو زائل ومتغير وفقا لحاجاتها ومصالحها، فإن استمرار الحياة النيابية بهذه الروح وفي هذه الظروف يعرض الوحدة الوطنية لانقسام محقق، ويلحق بمصالح البلاد العليا خطرا داهما، لذلك رأينا حرصا على سلامة واستقرار الكويت ان نوقف اعمال مجلس الامة».

وتجدر الاشارة الى أن مجلس الامة 1985 حدثت بينه وبين الحكومة العديد من المواجهات نذكر منها:

1 - ازمة المناخ: التي كان لها بالغ الاثر على الاقتصاد الكويتي، وما صاحبها من تشكيل مجلس الامة، بتاريخ 15 يونيو 1985، لجنة تحقيق كان احد اعضائها النائب حمد عبدالله الجوعان الذي طلب من وزير المالية والاقتصاد صورة من محاضر اجتماعات مجلس ادارة البنك المركزي، وصورة من التقارير الخاصة بالنقد، وقد رفض وزير المالية والاقتصاد ذلك، لان الاجابة عن الطلب تتضمن افشاء معلومات تتعلق بشؤون البنك المركزي وعملائه والبنوك الخاضعة لرقابته، مما دعا الحكومة الى طلب تفسير نص المادة 114 من الدستور لبيان ما اذا كان حق مجلس الامة في تشكيل لجان للتحقيق او ندب عضو من اعضائه للتحقيق وفقا للمادة سالفة الذكر حقا مطلقا لا يحده شيئا، ويشمل كل الامور التي يقررها المجلس، وبتاريخ 14 يونيو 1986 قضت المحكمة الدستورية بأن حق مجلس الامة في اجراء تحقيق نيابي على مقتضى المادة 114 من الدستور يشمل اي موضوع مما يدخل في اختصاصه التشريعي او الرقابي، وما يجري فيه التحقيق بخصوص البنك المركزي، يقتضي اطلاع العضو المنتدب للتحقيق على كل الوثائق والاوراق والبيانات.

2 - ظاهرة توالي الاستجوابات: إذ قدم استجواب من النواب مبارك فهد الدويلة، المرحوم الدكتور احمد عبدالله الربعي، وحمد الجوعان لوزير العدل والشؤون القانونية والادارية، وبعد مناقشة الاستجواب قدم اقتراح بسحب الثقة من الوزير الذي آثر تقديم استقالته قبل يومين من موعد انعقاد جلسة مجلس الامة التي كانت محددة للتصويت على طرح الثقة به، وعقب ذلك قدم النواب ثلاثة استجوابات جديدة الاول لوزير المالية والاقتصاد قدمه ناصر فهد البناي وخميس مطلق عقاب وسامي المنيس، والثاني لوزير النفط والصناعة وقدمه مشاري العنجري وجاسم القطامي ود. عبدالله النفيسي، والثالث لوزير المواصلات وقدمه محمد سليمان المرشد وفيصل عبدالحميد الصانع واحمد يعقوب باقر، الامر الذي ضاقت معه الحكومة، واعتبرته افراطا يهدد التعاون بين السلطتين.

وجاءت وقائع الحل بعد استقالة وزير العدل إثر استجوابه وتقديم النواب ثلاثة استجوابات ضاقت بها الحكومة ذرعا، اذ قُدمت ولم يبق على انفضاض دور الانعقاد العادي الثاني للمجلس سوى اربعة اسابيع، الامر الذي دفع بالحكومة الى تقديم استقالتها التي قبلها حضرة صاحب السمو امير البلاد، واصدر امره في 3 يوليو 1986 بحل مجلس الامة وتعطيل بعض مواد الدستور.

حل مجلس الأمة 1996

جاء الحل الثالث لمجلس الامة في فصله التشريعي الثامن في الرابع من مايو عام 1999 حين اصدر سمو امير البلاد الراحل الشيخ جابر الاحمد الصباح المرسوم رقم 134 لسنة 1999 بحل مجلس الامة حلا دستوريا، وحمل المرسوم موقف الحكومة المعبر عنه في هذا الشأن «تعسف بعض الممارسات النيابية باستعمال الادوات الدستورية مسؤولية حل المجلس».

وجاء الحل بعد مناقشة لاستجواب وزير العدل وزير الاوقاف والشؤون الاسلامية احمد الكليب، وورد في مرسوم الحل «ان مسيرة العمل الوطني تعرضت للتعثر مرارا نتيجة بعض الممارسات النيابية التي تعسفت في استعمال الادوات الدستورية بعيدا عن روح الدستور ومجافاة لقيم واخلاق مجتمعنا الاصيلة وانحرافا عن الحوار الإيجابي الى خلافات ومشاحنات وتسجيل للمواقف على حساب مصلحة الوطن والمواطنين. والفصل التشريعي الثامن جرت انتخاباته في السابع من أكتوبر عام 1996، وكان برئاسة أحمد عبدالعزيز السعدون.

حل مجلس الأمة 2003

حل سمو أمير البلاد مجلس الامة حلا دستوريا في تاريخ 21 مايو 2006، وهو الحل الرابع، بعد أن تفاقمت أزمة الدوائر الانتخابية بين المعسكر المؤيد لتقليص الدوائر إلى الخمس ومعسكر المؤيدين للإبقاء على نظام الخمس والعشرين، ازدادت حدة المواجهة بين اعضاء مجلس الأمة والحكومة برئاسة سمو الشيخ ناصر المحمد الصباح لتصل إلى الاستجواب الذي تقدم به النواب أحمد السعدون وأحمد المليفي والدكتور فيصل المسلم، ومع محاولات عدة لإثناء النواب وسحب استجوابهم، الا ان الجهود باءت بالفشل لترفع الحكومة إلى سمو امير البلاد طلبا لحل مجلس الامة، وبالفعل، أصدر سمو امير البلاد مرسوما اميريا بحل مجلس الأمة والدعوة إلى انتخابات في تاريخ 29 يونيو 2006.

حل مجلس الأمة 2006

مع حل مجلس الأمة الذي انتُخِب في 29 يونيو 2006 يكون مضى من الفصل التشريعي الحادي عشر 617 يوما، فقد افتتح الفصل التشريعي في 12 يوليو 2006 مدة أسبوع واحد، وعاد المجلس إلى بدء دور الانعقاد الثاني في 31 أكتوبر 2006 إلى 11 يوليو 2007، وانطلق دور الانعقاد الثالث في 30 أكتوبر 2007 حتى أسدل الستار على الفصل التشريعي الحادي عشر في 19 مارس 2008 ليكون الحل الخامس في تاريخ الفصول التشريعية لمجالس الأمة.

فقد تعرضت الحكومات المتتابعة لسمو الشيخ ناصر المحمد لهزّات عنيفة أبرزها استقالة أحد اعضائها وزير الاعلام محمد السنعوسي قبيل استجوابه بيوم، واستقالة الحكومة قبل جلسة طرح الثقة في وزير الصحة الشيخ أحمد العبدالله الصباح، اضافة إلى استقالة وزير النفط الشيخ علي الجراح الصباح بعد استجوابه، التي أدت إلى استقالة وزير المواصلات وزير الدولة لشؤون مجلس الأمة شريدة المعوشرجي في 30 يونيو 2007 انسجاما مع موقف السلف في قضية طرح الثقة بوزير النفط علي الجراح، وتوالت الاستجوابات لعدد من الوزراء بدءا بوزيرة الصحة معصومة المبارك، ومرورا بوزير المالية بدر الحميضي الذي ترافق معه طلب آخر لاستجواب وزير الاوقاف والشؤون الاسلامية عبدالله المعتوق، وكان آخرها استجواب وزيرة التربية وزيرة التعليم العالي نورية الصبيح، ولكن شلال الازمات لم يضعف أخيرا، فتلاحقت أزمات متعددة في الآونة الاخيرة منها الكوادر وزيادة الرواتب وتأبين عماد مغنية وغلاء الأسعار واتحاد الكرة الكويتي مع «الفيفا» فضلا عن إزالة الدواوين المتعدية على املاك الدولة، ثم إصرار نواب المجلس على زيادة الـ50 دينارا والتهجم العلني على حكومة سمو الشيخ ناصر المحمد من قِبل بعض النواب، والتهديد بطلب إقالتها، وأسدل الستار على الفصل التشريعي الحادي عشر في 19 مارس 2008 مع حل المجلس الذي انتخب في 29 يونيو 2006.

حل مجلس الأمة 2008

يوصف الحل السادس للفصل التشريعي الثاني عشر لمجلس 2008 في تاريخ مجالس الأمة بـ«اللاعقلانية» في تفعيل أداة الاستجواب البرلمانية لطرف سمو الشيخ ناصر المحمد الصباح رئيس الوزراء، فقد قُدِّم إليه على التوالي خلال شهر واحد ثلاثة استجوابات، بدأها النائب فيصل المسلم ثم أتبعته الحركة الدستورية الاسلامية «حدس» بآخر، وختمها محمد هايف بثالث الاستجوابات، هذا التسابق المحموم في مسألة تقديم الاستجوابات كان مدعاة إلى التخوف والتساؤل عن الواقع الغريب الذي تعيشه البلد وضياع أولويات المواطنين.

ومع دخول قضية مسجدي أبوفطيرة والفنيطيس، اللذين أزالتهما لجنة التعديات على املاك الدولة، على خط الازمة الحاصلة أصلا بين الحكومة ومجلس الامة، وصلت الازمة الى منتهاها المتوقع، لاسيما مع تجديد سمو رئيس مجلس الوزراء الثقة برئيس فريق الإزالات محمد البدر، حين قدم النائب محمد هايف الاستجواب الثالث إلى رئيس الوزراء بتاريخ 9 مارس 2009.

أما فيصل المسلم فقد قدَّم الاستجواب الأول بتاريخ 1 مارس 2009 في صحيفة استجواب لسمو رئيس الوزراء تتكون من 21 صفحة، وتتضمن محورا واحدا يتعلق بمصروفات ديوان سمو رئيس الوزراء، مرفقا به تقرير ديوان المحاسبة.

اما الاستجواب الثاني الذي قدمته «حدس» بتاريخ 2 مارس 2009، فقد تقدم النواب جمعان الحربش وناصر الصانع وعبدالعزيز الشايجي بطلب لاستجواب سمو الشيخ ناصر المحمد، وتضمنت صحيفة الاستجواب خمسة محاور، أبرزها ما وصفه المستجوبون بـ«تضييع هيبة الدولة بتناقض القرارات، والتراجع عن المراسيم، والتهاون في القيام بالمسؤوليات التنموية»، و«الإخفاق في تبني سياسة مالية واقتصادية رشيدة ترفع المعاناة عن المواطنين وتنقذ الاقتصاد الوطني وتوظف الفوائض»، وذلك إلى جانب «تعطيل أعمال المجلس المخالف لأحكام الدستور بالمماطلة بتشكيل الحكومة، وإعادة ذات التشكيل الحكومي السابق، و«التجاوزات المالية لمصروفات ديوان رئيس الوزراء، بالإضافة إلى «الإخلال بأحكام الدستور بشأن برنامج عمل الحكومة وخطة الدولة التنموية، على حد قول المستجوبين.

back to top