من هوليوود إلى بوليوود!
«بوليوود تستدعي رامبو للتشبّث بالسينما الأميركية». هذا ما جاء في أحد العناوين الرئيسة في الهند حول عقد لسيلفستر ستالون للتمثيل في فيلم محلي. لا يبدو الهنود متحمسين بشأن مستقبل التأثير الأميركي في بوليوود، قطاع صناعة الأفلام المحكية باللغة الهندية في الهند، فحسب، وإنما حيال مستقبل التأثير الهندي في هوليوود أيضاً. مع ذلك، سيتطلب الأمر من أضخم قطاعين سينمائيين أكثر من مجرد رامبو لإزالة الحواجز الثقافية في أمة كل منهما.
يشكل توقيع عقد مع نجم أفلام أميركي خطوةً ناجحة بالنسبة إلى المنتج ساجد ناديادوالا وسابقة لبوليوود.ليس ستالون الممثل الأميركي الأول الذي اكتشف الهند، إذ يجري استوديو DreamWorks التابع لستيفن سبيلبيرغ مفاوضات على شراكة بقيمة 500 مليون دولار أميركي مع شركة Reliance ADA المتخذة مقراً لها في مومباي. أعلنت هذه الأخيرة أخيراً أن قسم الترفيه فيها، Reliance Big Entertainment، سيموّل ثماني شركات إنتاج يملكها نيكولاس كايج، جورج كلوني وغيرهما. ثمة آمال كبيرة من كلا الجانبين. لنأخذ «فيفيك» مثلاً، وهو أحد المساهمين في موقع bollywoodbuzz.in، الذي يعتقد أن إضافة ستالون إلى فريق التمثيل في بوليوود قد يضفي «المزيد من المادة» على الفيلم المحلي. لكن «المادة» كلمة لم ترتبط عادةً بستالون، الذي يُعرف بأدواره التي تهرب من عالم الواقع كرامبو وروكي، لكن أي استيراد من هوليوود قد ينعش صناعة أشبعت بالمظاهر المبتذلة التي تجمع الزركشات والأغاني والرقص. في المقلب الآخر، نجد أن المطامح المتنامية لبوليوود ترافق الاستثمار الهندي في هوليوود. في هذا الإطار، يقول رئيس شركة Reliance، أميت خانا، إن شركته «ستوافق على ما يجري إنتاجه» في الشركات الثماني التي تموّلها الشركة الهندية المتعددة الجنسيات. أضف إلى ذلك استثمار تلك الشركة في 240 شاشة عرض في أنحاء أميركا، فجأةً تبدو الهند مستعدة لتقديم إنتاجها من الأفلام في الولايات المتحدة. يتوقع إطلاق فيلمين من إنتاج بوليوود ومن تمويل شركة Reliance، هما Broken Horses وKite، بشكل محدود في الولايات المتحدة في خلال العامين المقبلين. لكن ما مدى صحة تلك الآمال؟ عندما يتعلق الأمر بالعولمة، تعمل الثقافات بأسلوب مختلف عن الاقتصادات. قد يكون الاقتصاد المتنامي بوتيرة سريعة في الهند مستعداً لتلقّي الاستثمارات الأجنبية، لكن هذا لا يعني أن القطاع السينمائي على استعداد هو الآخر، فنجم فيلم Rocky غير معروف في الأجزاء الريفية من الهند وهو على الأرجح لن يستحوذ على اهتمام ملايين المعجبين الذين يتابعون نجومهم في بوليوود بالجنون عينه الذي يتابعون فيه نجوم لعبة الكريكيت في بلادهم. في المقابل، على الرغم من أن المفهوم الهندي قد يستقطب المستثمرين الأميركيين، إلا أن الأميركيين العاديين الذين يرتادون دور السينما يشكلون سوقاً مختلفة. قد تلفت الأفلام الهندية اهتمام طلاب الدراسات السينمائية وجماهير دور السينما في مانهاتن، لكن من غير الواضح ما إذا كانت ستجذب شريحةً أوسع. شعور بالألفةيقول تايلر كوين، أستاذ مادة الاقتصاد في جامعة جورج ماسون في فيرجينيا ومؤلف كتاب Creative Destruction : How Globalization is Changing the World’s Cultures، إن الأفلام يجب أن تكون مألوفة. «يجب أن يسود شعور بالارتياح» كي ينجح الفيلم، على حد قوله، لهذا السبب «لا يحب الأميركيون الأفلام الأجنبية» في رأيه، ففيلم من إنتاج بوليوود يتضمن مواضيع ثقافية وممثلين من الهند يبيع تذاكر لأعضاء الجالية القوية الحضور في الولايات المتحدة والتي يبلغ عددها ثلاثة ملايين نسمة، وليس للشعب الأميركي العادي. كذلك، يسعى مرتادو السينما الهنود هم أيضاً إلى ما هو مألوف. حتى الآن، تدرك هوليوود على ما يبدو أن على المرء في الهند التصرّف كما الهنود. أطلقت شركة Sony Pictures، في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أول فيلم هندي موّل من الخارج بعنوان Saawariya. عمدت بوليوود إلى تركيب عناصر الفيلم من الأغاني والرقصات وقصة الحب، باختصار المكوّنات المعتادة كافة. هوليوود ليست في وارد استبدال صيغة تبيع 3.6 مليار تذكرة في الهند سنوياً. في الهند، لا تستطيع هوليوود التصرّف على سجيتها، فهي غير قادرة على التنافس مع صناعة محلية تنتج بشكل وافر أكثر من ألف فيلم سنويا. تعتبر المنتجات الأميركية المنتظمة في هوليوود، والتي تشكل مجرد 5% من عائدات السوق، من الدرجة الثانية. حسبما يوضح خانا الأمر، هوليوود مجبرة على التقيّد بقوانين بوليوود. يقول: «أيام الامبريالية الثقافية ولّت». إلا أن البعض يتوقع بأنه، في الوقت الذي تتحرر فيه الهند، قد يتغير مستقبل الأفلام. يقول كوين، في إشارة إلى عاصمة التكنولوجيا الناجحة الهندية التي يسكنها شباب من الطبقة العليا والمتوسطة: «إن أصبحت الهند كبنغالور، سيبدأ حينئذ مزيد من الهنود بمشاهدة أفلام هوليوود». مع زيادة ثراء الهنود، ستعكس أذواقهم تلك على الطبقة العليا فحسب. مع ذلك، حتى عند هذا الحد، من غير المرجّح أن تحل إحدى الصناعتين محل الأخرى. في الهند، قد تصبح هوليوود شكلاً سينمائياً بديلاً لعدد كبير من الهنود. قد تحب بنغالور رامبو، لكن لن يتضاءل الإعجاب في المدينة بأيشواريا راي، نجمة بوليوود الأولى. كذلك قد يبدأ الأميركيون يوماً ما بالتآلف مع الثقافة الهندية، لكن السيطرة الطويلة على الساحة السينمائية التي يستمتع بها أمثال ستالون لن تنتهي. يمكن أن تشن العولمة حرباً طويلة لإزالة الحواجز بين الأمم، لكن تلك واحدة من المعارك التي لن ينتصر فيها أحد قريباً.