الأخ مسلم: قليلاً من الهدوء!

نشر في 17-11-2008
آخر تحديث 17-11-2008 | 00:00
 بسام عبدالرحمن العسعوسي

كلنا يعلم تاريخ الديوانيات في الكويت، فهي كانت ولاتزال إحدى ركائز الديمقراطية، وكان معظمها، ولايزال، معلماً وتاريخاً ونبراساً حراً، وسوف يبقى، ولن يزول مهما حاول البعض تشويه صورته، فوجود خمور أو التعاطي أو الأسلحة في ديوانيات لا يقلل من شأن بقية الديوانيات.

إذا ما أردنا أن نستعرض أداء الكتل البرلمانية أثناء جلسات مجلس الأمة، فإننا نستطيع أن نؤكد بكل صراحة وثقة أن أداء كتلة العمل الوطني يتسم «بالحكمة»، وأداء السلف والإخوان «بالعقلانية» أما أعضاء كتلة العمل الشعبي فإن أداءهم يتسم «بالاستعراض المكشوف»، فهم يمارسون العمل السياسي بخبث ومكر منقطعي النظير، ومثلما هناك في الحكومة عناصر تأزيم، فإنه في كثير من الأحيان يكون عنصر التأزيم في البرلمان من «أعضاء الشعبي».

وبالعودة إلى الوراء وبمحاولة بريئة لتسليط الضوء على «الشعبي» لتحليل مواقف أعضائه، وتحديداً خلال استجواب الجراح، فقد أصر النائب مسلم البراك أن يعرض صوراً لبعض موظفي مؤسسة البترول، وهم مجتمعون بوفود وتعلو طاولتهم كؤوس الخمر!! مما شكل إضراراً بسمعة هؤلاء الموظفين وأسرهم، بل لايزال بعضهم موقوفا عن العمل، وبعضهم الآخر مهدد بالفصل، وعلى النقيض من ذلك، وتحديداً قبل أيام في جلسة ما يسمى بقانون الديوانيات عطّل النائب مسلم الجلسة باعتراضه- بطريقة استفزازية- على عرض بعض الصور التي التقطتها عدسة إزالة التعديات لأحد المخيمات، وأصر على أنها لإحدى الديوانيات على الرغم من تأكيدات الوزير وأعضاء اللجنة بأنها لأحد الجواخير والمخيمات المخالفة!!

ولنفترض جدلاً- والفرض غير الحقيقة والواقع- أن تلك الخمور وجدت في إحدى الديوانيات، فلماذا المزايدات ودغدغة المشاعر واستنهاض الفزعات بهذه الطريقة؟! وجود خمور في ديوانية واحدة لا ينسحب على ديوانيات الكويت التي يقدر عددها بالآلاف، فالجمع والتعميم مرفوضان رفضا باتا. ولو استعرضنا ما يحدث بالديوانيات لوجدنا «أن شراء الأصوات» و«الانتخابات الفرعية» تقام أيضا فيها. أليس شراء الأصوات مخالفاً للقانون؟ كما أنه ليس من أعراف وأصول الدواوين إهانة هيبة الديوانيات التي يتباكى عليها النائب.

لقد سبقك أهل الكويت بالتعبير عن أسفهم على ما حل بالديوانيات التي كانت في يوم من الأيام معقلا للديمقراطية والكلمة الحرة الشريفة، وأصبح بعضها اليوم معقلا لممارسة الفساد وشراء الأصوات... فكفانا مزايدة.

ثم إنني أستطيع أن أتعهد بأن أزود الأخ مسلم البراك بعدد من الملفات من أرشيف المحاكم عن جرائم وضبطيات وأحكام بالإدانة على أشخاص وجدوا يتعاطون المخدرات والخمور بالدواوين!! ولكن السؤال الذي سيطرح نفسه: هل من أجل حفنة من الأصوات ومن أجل تسجيل مواقف ننكر واقعنا ونغمض أعيننا عما يجري؟ فإن أراد النائب حجب الصور فلا يمكنه إنكار وجودها.

فشأن غالبية المجتمعات من حولنا... هناك خمور، وهناك تعاطٍ، وفي انتخاباتنا هناك شراء أصوات، كما أن هناك انتهاكات في «بعض» الديوانيات المشبوهة التي يسقط عنها مسمى «الديوانية» متى ما حوت هذه الموبقات، لذا كان الأولى والأجدى بالنائب أن يضع الحلول لهذه المشكلات لا أن يحاول حجبها عنا.

كلنا يعلم تاريخ الديوانيات في الكويت بوصفها موروثا اجتماعيا وثقافيا فريدا يسهم في إثراء قيم التواصل والتراحم والتفاعل الاجتماعي والسياسي، فهي كانت، ولاتزال، إحدى ركائز الديمقراطية، وكان معظمها ولايزال معلماً وتاريخاً ونبراساً حراً، وسوف يبقى، ولن يزول مهما حاول بعضهم تشويه صورته، فوجود خمور أو تعاط أو أسلحة في عدد قليل من الديوانيات لا يقلل من شأن بقية الديوانيات، ولا يتعين علينا تعميمه أو إنكار وجوده.

أخيراً لابد من كلمة نقولها للنائب الفاضل الذي لا ينكر أحد مواقفه المشهودة في الدفاع عن الدستور والحقوق والحريات، فقليلاً من الهدوء والروية يا «بو حمود»، فالصراخ والصوت العالي يضعفانك ويجعلانك تتهم بالتخريب والتعطيل بسبب وقف الجلسات، فليس «بالعفرتة» تؤخذ الأمور وتعالج الأوضاع.

back to top