القوانين العديمة التنفيذ... هدر للمال العام! قانون منع التدخين وضع في أدراج التأجيل على الرغم من بساطة تطبيقه

نشر في 19-10-2008 | 00:00
آخر تحديث 19-10-2008 | 00:00
وجود قانون منع التدخين بعيداً عن تطبيقه أمر يساعد على ارتفاع قاعدة المدخنين لا سيما من فئة الشباب، ويساعد على تمادي أصحاب المقاهي والمطاعم في عدم توفير أماكن لغير المدخنين.

لا يمكن إطلاق وصف القوانين المعطلة عن التنفيذ من قبل السلطة التنفيذية سوى انها «قوانين عديمة التنفيذ»، وذلك بسبب عدم تطبيقها، إما تباطؤ من المسؤولين في السلطة التنفيذية، أو رغبة في عدم التطبيق حتى لا يقال «لا نريد عوار راس» من المدخنين!

لا يمكن القبول بوجود قوانين كقانون منع التدخين لمجرد الحديث عنها بعيدا عن تطبيقها، وهو الأمر الذي يدعونا إلى طرح تساؤل في غاية الأهمية، وهو لماذا إذاً نشرع القوانين إذا ما كنا لا نطبقها؟، بل إن عدم تطبيق القانون ساعد على ارتفاع قاعدة المدخنين الذين أصبحوا اليوم من فئة الشباب، بل ساعد على تمادي أصحاب المقاهي والمطاعم إلى عدم توفير مقاعد لغير المدخنين، وهو ما يعني أن لا مكان سوى للمدخنين أولا، وللمدخنين السلبيين ثانيا، وهو الأمر الذي يتعين على وزير التجارة أحمد باقر التحرك وتفعيل القانون وتحذير المطاعم والمقاهي من عدم تطبيقه.

«المحامين»

يقول رئيس جمعية المحامين الكويتية المحامي عبداللطيف صادق إن جمعية المحامين تحرص دائما على ضرورة تطبيق القوانين والتشريعات، تأكيدا على سلامة تطبيق القوانين، كما قرر ذلك الدستور، مبينا أن هناك العديد من التشريعات بلا تطبيق منذ أكثر من 15 عاما، وذلك بسبب تباطؤ السلطة التنفيذية في تنفيذها، أو عدم الرغبة في تنفيذها إلا وقت المحاسبة.

ويضيف صادق إن عدم تطبيق قانون منع الدخين يؤكد رغبة الدولة في التشجيع على التدخين، بدليل عدم حظرها التدخين على الرغم من وجود قانون يحظر التدخين صدر قبل نحو سنوات طويلة، مضيفا ان جميع وزارات الدولة لم تنفذ القانون سوى مرفق قصر العدل، الذي سيبدأ متأخرا في تطبيق هذا القانون، ويتعين تعميم الحظر وتوفير الغرف الزجاجية للمدخنين كبديل في جميع وزارات الدولة.

تأجيل

ويقول المحامي محمد مرشد العتيبي إن قانون منع التدخين من أسهل القوانين التي يتعين على السلطة التنفيذية تنفيذها، لافتا إلى أن هناك دولا لا تتمتع بأية إمكانيات وتقوم بتطبيق القانون من دون تهاون أو تأجيل، وانه يتعين على السلطة التنفيذية ان تعمل على تفعيل القوانين التي من شأنها الحفاظ على الصحة العامة التي كفلها الدستور للمواطنين.

ويضيف العتيبي قائلا: «على نواب الأمة محاسبة الحكومة على القوانين التي تصدر ولا تطبق وإلا فما فائدة التشريعات -كقانون منع التدخين أو قوانين المرور- من دون تطبيق سوى التباهي بأن في الكويت تشريعات تعاقب على التدخين في الاماكن العامة.

إلزام

ويؤكد العتيبي ان هناك دولا قامت بإلزام شركات التدخين بوضع علامات تحذيرية على علب التدخين؛ لان على الدولة عاتق حماية مُواطنها من الأمراض، وعليها عاتق وقايته من الأخطار، وهو الأمر الذي يدعونا إلى مخاطبة المسؤولين بالرجوع إلى نصوص الدستور التي تلزم الدولة بتوفير الصحة العامة للمواطنين.

أما المحامي محمد أحمد طالب فيقول إن قانون منع التدخين وُجد لكي لا يطبق على الرغم من أنه أبسط القوانين من حيث التطبيق، فالمشرع أمر بمنع التدخين في كل مكان عام، مع إمكانية توفير أماكن مخصصة للمدخنين أشار إليها المشرع بالنص على وضع غرف زجاجية، وهو الأمر الذي يؤكد رغبة المشرع على ضرورة تمكين المدخن من ممارسة حريته، ولكن لوحده في غرفة زجاجية حتى لا يضر الآخرين من غير المدخنين.

تطبيق

ويضيف طالب قائلا: «ان قضية الامتناع عن تطبيق النصوص التشريعية في غاية الخطورة، ويؤكد مخالفة السلطة التنفيذية لنصوص الدستور في تطبيق القوانين، بل ومخالفة رغبة سمو الأمير، حفظه الله ورعاه، لأن التشريعات تصدر بمرسوم يقوم سمو الأمير بالتوقيع عليه ويلزم الوزراء بتنفيذه، وهو الامر الذي يدعونا إلى الحديث عن ضرورة وجود تعاون بين السلطتين من أجل تطبيق القوانين، ويتعين على أعضاء مجلس الأمة، في كل اجتماعاتهم في المجلس من أجل إقرار مشاريع قوانين جديدة، أن يتفقوا على تطبيق القوانين التي أصدروها حتى من قبل 10 سنوات، بدلا من إصدار تشريعات ورقية تصدر من أجل الإصدار.

تدابير

في حين يقول المحامي حامد الحريتي إن على المشرع الكويتي اتخاذ تدابير جديدة تجاه السلطة التنفيذية من أجل تطبيق القوانين المعطلة بلا سبب، لافتا إلى أن هناك قوانين لا تحتاج إلى ميزانيات او حتى إلى خطط، بل أعد لها المشرع طريقة تنفيذها.

ويبين الحريتي قائلا ان قانون منع التدخين صدر منذ 10 سنوات، ولم يطبق حتى الآن، وأصدر وزير الصحة اللائحة التنفيذية الخاصة به، ولكن بلا جدوى، بل ان اجتماع مجلس الامة من أجل إقرار قانون كقانون منع التدخين واجتماع لجان وزارة الصحة وباقي الوزارات من أجل إعداد اللائحة التنفيذية بمنزلة الهدر للمال العام لأن المجلس يضيع وقته، واللجان الحكومية من بعده، ولا فائدة من القوانين التي توضع في جريدة «كويت اليوم» من دون تطبيق.

رؤية

ويقول الحريتي ان على مجلس الأمة والحكومة إيجاد طريقة للتعاون من اجل تطبيق القوانين المعطلة، بسبب عدم وجود رؤية حكومية لتطبيق القوانين، وهو الأمر الذي يدعونا إلى طرح ملاحظة يجب أخذها بعين الاعتبار، وهي أن القوانين المعطلة هي التي تجعل كثيرا من الناس لا يحترمون القانون، وتولد الشعور لديهم بالفوضى تجاه أبرز حق يمارسه الفرد بالتنقل في الأماكن العامة من دون تلوث أو ضرر، وهو واجب يتعين على الدولة تحقيقه للأفراد حفاظا على سلامتهم وهو ما أكده الدستور.

back to top