المحتار في تدخين السيجار!

نشر في 04-11-2008
آخر تحديث 04-11-2008 | 00:00
 بسام عبدالرحمن العسعوسي بعضهم يستخدمه لـ«الكشخة» والبعض الآخر يعتبره نوعا من «الفانتازيا»، والسواد الأعظم يمسكه بيده دائما أو يضعه في فمه أحيانا كنوع من «استعراض العضلات»، فما هي يا ترى قصة ذلك «السيجار» الذي ظهر فجأة في المجتمع إلى أن أصبح هبّة من «الهبات» التي يتميز بها ويركض وراءها بعض أبناء المجتمع... والتي تظهر فجأة ثم تختفي لتعود «هبّة» جديدة؟!

وما القصة بالتحديد، فما إن تدخل إحدى الوزارات حتى تفاجأ بأن أحدهم يلف في أروقتها وبيده «سيجار» وما إن تشد الرحال إلى قصر العدل إلا وتجد بعض المحامين «واثق الخطوة يمشي ملكا» بين القاعات «وسيجاره» في فمه؟!

في الشارع، وبينما أنت واقف عند الإشارة الضوئية، وما إن تلتفت بالمصادفة إلى المركبة التي بجانبك أو أمامك إلا وتقع عينك على قائدها يحمل «سيجارا» بيده التي يخرجها من نافذة السيارة!! وما إن تذهب إلى أحد المجمعات الضخمة، وبينما أنت جالس في أحد المطاعم أو المقاهي، حتى تصطدم بأن الجالس على الطاولة التي إلى جانبك يدخن «سيجارا» وينفث دخانه الأرعن!!

استعراض ما بعده استعراض... فأنا لا أدخن «سيجارا» ولا سجائر، وأنا أيضا مع حرية البشر في ما يفعلون ويتصرفون، ولا تثريب على أحد إن مارس تلك الحرية في حدود المسموح والقانون... ولكن أصبح الغني والفقير والطويل والقصير والشيخ والشاب يدخن ذلك السيجار ذا الرائحة الكريهة في أي وقت وأي مكان!!

أعتقد جازما أن ذلك «السيجار» اللعين يحتاج إلى وقت ومزاج وكيف لشربه وتدخينه، وليس هكذا في كل وقت!! فهو كما يحدثني أحد مدخنيه وعاشقيه بأنه عادة يدخن في الأماكن والمقاهي المفتوحة، وفي الأسواق المكشوفة أو خلال السهرات والمطاعم الليلية وفي أضيق الحدود، وليس كما يفعل البعض عندنا، فتدخين السيجار فن ومزاج!! ويحتاج إلى طقوس خاصة!!

الغريب عندنا ما إن تفتح الجريدة إلا وترى شخصية أمنية مشهورة تقبض على متهمين... والسيجار في اليد!! وما إن تدخل إلى سوق البورصة حتى تشاهد أحد التجار وسيجاره في «فمه»، وإن تصفحت الصفحة الأخيرة لصحيفة وطنية فإنك تقرأ لأحد كتابها يتفاخر ويفتخر بأنه يدخن «السيجار» فما هي الحكاية؟! ولماذا هذا الهوس؟ البعض يموت من الجوع والبعض يخرج من فمه دخانا كريه الرائحة.

أكرر بأنني مع الحرية الشخصية على طول الخط، والناس أحرار في ما يفعلون ويعتنقون ويدخنون!! لكن أحب أن أقول إن البعض أصبح يقلد تقليداً أعمى، فالتاجر والغني ومن لديه ثروة لا يلام إن دخّن السيجار الفاخر الغالي الثمن لأنه ببساطة لديه القدرة المالية على اقتنائه، ولكن ألقي باللوم على من لا يملك في هذه الدنيا إلا راتبه المتواضع، ويصر على الاستعراض والتقليد!! أليس من العار بدلا من أن نتفاخر بالعلم والشهادات والأخلاق أن نتفاخر «بسيجار»؟!

back to top