كفى تناقضاً يا الوعلان

نشر في 15-05-2008
آخر تحديث 15-05-2008 | 00:00
 حسن مصطفى الموسوي

من المعطيات الحالية، سيظل الاختيار بناء على القبيلة والطائفة والعائلة في أغلب الأحيان بغض النظر عن الكفاءة. ولذلك فلا تتوقعوا أي إصلاح قادم لأن أغلب النواب الذين انتخبوا فقط لانتمائهم القبلي والطائفي والعائلي سيعملون على خدمة هذه الفئات فقط، وتحقيق مكاسب لهم.

بعد يومين يتوجه الناخبون والناخبات إلى صناديق الاقتراع ليختاروا ممثليهم في انتخابات تاريخية تجري لأول مرة في ظل الدوائر الخمس، وفي ظل وضع سياسي مضطرب بسبب محاولة بعض القوى في الخفاء تشويه صورة الديمقراطية، تمهيداً لإجهاضها. كنت أتمنى أن تكون هذه الانتخابات فرصة لانتخاب الكفاءات بغض النظر عن أصولهم وانتماءاتهم القبلية والطائفية، بعكس الطريقة التي كانت متبعة في الاختيار في ظل نظام الخمس والعشرين دائرة المقبور، لكن الأحداث التي جرت في البلاد خلال الفترة السابقة لا تبشر بخير.

فمن المعطيات الحالية، سيظل الاختيار بناء على القبيلة والطائفة والعائلة في أغلب الأحيان بغض النظر عن الكفاءة. ولذلك فلا تتوقعوا أي إصلاح قادم لأن أغلب النواب الذين انتخبوا فقط لانتمائهم القبلي والطائفي والعائلي سيعملون على خدمة هذه الفئات فقط، وتحقيق مكاسب لهم لأنها هي التي أوصلتهم إلى الكرسي الأخضر. و نتيجة لذلك أيضا، لا تتوقعوا تشكيل حكومة متجانسة تضم رجالات دولة يعملون على الإصلاح لأن الناس- بطريقة اختيارهم لنوابهم- لا يريدون ذلك، بل يريدون استمرار الواسطة والمحسوبية، فكيفما تكونوا يولَّ عليكم.

والمصيبة أن أغلب المرشحين ينحازون إلى قبائلهم أو طوائفهم ثم يدّعون بأنهم للكويت و للجميع. خذ مثلا المرشح مبارك الوعلان الذي صرح قبل عدة أيام بأن هناك من يريد تفكيك الناس إلى سنة وشيعة وحضر وبدو مذكراً الناس بأننا جميعا كويتيون ولا فرق بيننا. كلام جميل ولكن ألم يكن الوعلان نفسه من خاض قبل أسبوعين انتخابات فرعية (آسف تشاورية) مبنية على العرق! فإذا كنا كلنا كويتيين ولا فرق بيننا فلماذا لم يرشح الوعلان نفسه لجميع الكويتيين في دائرته من دون أن يحصر نفسه بقبيلته مكتفيا بأصواتهم للنجاح! «كبر مقتاً عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون»... يا الوعلان.

وخذ الدكتورة فاطمة العبدلي كمثال آخر -والأمثلة كثيرة- التي غطت رأسها بعلم الكويت عند ترشيح نفسها، ثم تتحدث عن تدني نسبة الشيعة في المناصب القيادية! المشكلة ليست في كم شيعي وسني وكم حضري وبدوي في المناصب القيادية، بل المشكلة في كفاءة هؤلاء. فكم من شيعي وسني وبدوي وحضري تبوءوا مناصب هم غير أهل لها، والعكس صحيح.

ليت الناس يتخلون عن عصبياتهم ونعراتهم ولو لمرة واحدة ليفكروا في مستقبل وطنهم ومستقبل أبنائهم. فما نحتاجه اليوم هم الكفاءات بغض النظر عن انتماءاتهم حتى يستطيعوا سن القوانين التي تكفل حقوق الجميع من دون أي واسطة. فانتخاب هؤلاء يكفل لنا حقوقنا من دون إذلال النفس في بعض الأحيان لمن يسمون مجازا بنواب الخدمات الذين هم في الواقع نواب التجاوزات. فنواب المواقف والكفاءات هم نواب الخدمات الحقيقيين لأن خدماتهم تشمل الجميع بقانون واحد من دون التسكع في ردهات الوزارات.

فتذكروا يا معشر الناخبين والناخبات بأن الاحتماء بالقبيلة والطائفة والعائلة لن يوصل أحداً إلى بر الأمان، أما إذا «أصريتوا على ذلك فهيك ناخبين وهيك عقلية بدها هيك مجلس وحكومة»!

***

17/5 هو أيضا يوم توجيه رسالة إلى سراق المال العام و أزلامهم، بأن كل محاولاتهم للنيل من أشرف و أطهر الناس في المجلس و اغتيالهم سياسيا قد باءت بالفشل بل زادت من ارتباط الناس بهؤلاء المخلصين لوطنهم الغالي.

من جانب آخر أتمنى أن تكون الأخطاء الفادحة في مراسيم تعديل قانون الانتخاب التي كشفها الأستاذان أحمد الديين و محمد عبدالقادر الجاسم، و شطب مرشح من كل دائرة كلها محض صدف و ليست محاولة للإلتفات على نتائج الانتخابات في حال لم تعجب الحكومة الخفية!

back to top