خيار التسوية السياسية بين واشنطن وطهران 4-5

نشر في 14-08-2008
آخر تحديث 14-08-2008 | 00:00
 د. مصطفى اللباد تحاول هذه السلسلة من المقالات الإجابة عن أسئلة جوهرية في معضلة العلاقات الأميركية - الإيرانية مثل: أولاً ما خيارات واشنطن الجدية حيال طهران؟ وثانياً ما الأبعاد الجيوبوليتيكية للتسوية على الصعيد الدولي في ما يخص الصين؟ وثالثاً في ما يخص روسيا؟ ورابعاً كيف تبدو ملامح تسوية كهذه؟ وخامساً من الطرف الذي يعرقل خيار التسوية السياسية؟.

تقوم ملامح التسوية السياسية المفترضة بين إيران وأميركا على فرضية منطقية، مفادها قبول أميركي لأهداف إيران الإقليمية في مقابل تنازلات إيرانية على صعيد الإقليم، مع إدخال تعديلات مهمة على سياستها الخارجية في ما يتعلق بالعداء لإسرائيل والقبول بقيادة أميركا للعالم. لا تحتاج إيران في الحقيقة إلى واشنطن لبسط نفوذها في المنطقة، فهي قامت بذلك عبر تحالفاتها الإقليمية في ظل وجود عسكري أميركي كثيف ومن دون موافقة أميركية، ولكن في المقابل لا يمكن لإيران، أو غيرها من القوى الإقليمية في أي منطقة جغرافية، أن تلعب دوراً إقليمياً معترفاً به دولياً من دون الضوء الأخضر الأميركي.

كما أنه لا يمكن في ظل النظام الدولي أحادي القطبية تصور أن يعترف العالم لدولة بامتلاك التكنولوجيا النووية من دون الضوء ذاته وباللون نفسه والمصدر عينه. صحيح أن أوراق إيران الإقليمية الممتازة تمكنها من عرقلة المشاريع الأميركية، وهو ما تثبته طهران يومياً على طول المنطقة الجغرافية الممتدة من غرب إيران حتى الأراضي الفلسطينية المحتلة، بخليط مدهش من استثمار التخبط الأميركي والمداورة الاستراتيجية والدهاء الإيراني، ولكن وبالرغم من ذلك كله فإن صانع القرار في طهران الطامح دوماً إلى لعب دور إقليمي، يعلم قبل غيره حدود القوة الكونية التي تحبس طموحه التاريخي تحت أسقف معينة.

ربما تكون إيران راغبة في مقايضة امتلاك التكنولوجيا النووية والتخلي عنها وطرح أوراقها الإقليمية للتفاوض، فقط في حال مشاركتها كقوة إقليمية معترف بها دولياً في صياغة ورسم سياسات المنطقة، أي بمعنى آخر الحصول على الفوائد الاستراتيجية لامتلاك التكنولوجيا النووية من غير حيازتها، وإذ تنظر إيران إلى نفسها كقوة إقليمية عند رسم سياستها الخارجية، يلاحظ المتفحص لنمط إدارتها للصراع مع واشنطن رغبة طهران في التعامل بالجملة وليس بالمفرق كما تريد واشنطن. أدارت واشنطن مفاوضات مباشرة مع طهران مرة واحدة من قبل حول أفغانستان، وخاضت عن طريق الوسطاء في مرات، تستعصي على الحصر طوال ربع قرن، حوارات مع طهران بشأن قضايا مختلفة، نجح بعضها وأخفق أغلبها لأن واشنطن دأبت على حصر حواراتها في طلبات محددة في قضايا بعينها من دون التطرق إلى مجمل القضايا العالقة.

أثبتت طهران لكل ذي عينين أن الأوراق الإقليمية الممتازة بحوزتها تكفي لعرقلة الأهداف الأميركية في المنطقة، ولكنها بالرغم من العرقلة لا تكفي للمحاصصة الإقليمية من دون تفاهم مع واشنطن. صحيح أن إيران تسعى إلى لعب دور إقليمي وتعي أن القيام بهذا الدور مرتهن بالضوء الأخضر الأميركي، ولكن إيران لن تبرم تسوية لا تضمن لها شروط تلبي مصالحها الوطنية. باختصار تسعى طهران إلى تسوية مع واشنطن ليس من موقع المهزوم، ولكن من موقع الندية والشريك، وهو درس يبدو مهماً جداً لدول المنطقة. ربما تكون أهم الشروط الإيرانية للدخول في تسوية سياسية مع الولايات المتحدة الأميركية هي التالية:

1. الاعتراف بشرعية النظام الإيراني القائم.

2. وقف كل أشكال العقوبات الأميركية والتصرفات المعادية ضد إيران.

3. الإفراج عن الأرصدة الإيرانية المجمدة في البنوك الأميركية.

4. احترام «المصالح الوطنية الإيرانية» في العراق.

5. احترام حق إيران في الحصول غير المقيد على التكنولوجيا النووية، وصولاً إلى امتلاك التكنولوجيا النووية السلمية بالكامل (الوصول إلى النموذج الياباني في التخصيب).

6. الاعتراف بالمصالح الأمنية الإيرانية المشروعة في المنطقة، (أي الاعتراف لها بدور إقليمي).

7. التفاوض المتدرج إلى حين التوصل إلى اتفاقية تكون مقبولة من الطرفين (تطبيع العلاقات فوراً بين واشنطن وطهران).

8. تسلم أعضاء منظمة «مجاهدي خلق» الموجودين في العراق مقابل تسليم أعضاء من «القاعدة».

* مدير مركز الشرق للدراسات الإقليمية والاستراتيجية - القاهرة

back to top