تقرير محلي صعوبة اختراق حكومة الائتلاف عرّض الرئيس للمساءلة عن أخطاء وزرائه ناصر المحمد وجد نفسه محارباً من قبل من يفترض به أن يكون سنده سياسياً

نشر في 18-12-2008 | 00:00
آخر تحديث 18-12-2008 | 00:00
جرت عادة الحكومات الكويتية على انتقاء مبدأ المحاصصة الطائفية والقبلية كقاعدة يبنى عليها هيكل الوزارات الجديدت، وأكدت الأزمات السياسية السابقة التي واجهت مثل تلك الحكومات أن الأساسات الطائفية والقبلية هشة، وغير قادرة على تحقيق التضامن الحكومي المطلوب والتعامل مع مجلس أمة متعدد الأطياف.

حكومة سمو الشيخ ناصر المحمد الأخيرة، لم تختلف في تشكيلها عن قاعدة المحاصصة الطائفية والقبلية، غير أنها أخذت حيزاً حزبياً يكاد يكون الأول من نوعه في تاريخ الحكومات الكويتية، اذ عرضت الحكومة بشكل شبه رسمي على القوى السياسية «المؤثرة» في الشارع ولها ممثلون في مجلس الأمة المشاركة فيها.

حكومة الائتلاف

ما يمكن أن نطلق عليها «حكومة الائتلاف» الأخيرة، تجاوزت الى حد كبير أزمات سياسية على مستوى الوزراء، وحققت أغلبية نيابية مريحة للحكومة ومزعجة للأقلية النيابية غير الممثلة والمستقلين منهم، فمنذ بداية دور الانعقاد الأول لمجلس الأمة، استطاعت الحكومة تجاوز عقبات شكلت لها «صداعاً سياسياً» في المجلس السابق، وعلى رأسها قانون تشريع الدواوين على أملاك الدولة وإلغاء سقف الراتب لمستحقي زيادة الـ50 ديناراً.

الامتداد السياسي للقوى السياسية الممثلة في مجلس الأمة الى مجلس الوزراء، أسس قناة اتصال غير رسمية بين الحكومة والقوى السياسية عبر أعضاء مجلس الأمة، نجحت في تقريب وجهات النظر بين الحكومة ومعظم النواب الحزبيين وبعض المستقلين الحكوميين، وتكللت بالاتفاق على جدول أولويات للأدوار القادمة، وتجاوز الأزمات «الصغرى».

نجاح «حكومة الائتلاف» في الاتفاق على بعض القضايا مع النواب، ولّد لدى النواب المستقلين وغير الممثلين في الحكومة شعوراً بأنهم غير قادرين على اختراق ائتلاف القوى السياسية مع الحكومة، فأصبح الإدراك أن التلويح باستجواب اي وزير، بل وحتى استجوابه، لن يأتي بنتيجة الحصول على العدد اللازم لطرح الثقة - وهو الهدف المطلوب دائما – فكان الاتجاه الآخر للالتفاف على التحالف الحكومي والقوى السياسية هو تحميل رئيس الوزراء مسؤولية أخطاء وزرائه، والمضي الى ما هو أبعد من ذلك وتقديم الاستجوابات له.

فكرة حكومة ائتلاف القوى السياسية، قاب قوسين أو أدنى من النجاح في خلق بيئة سياسية مستقرة، وعلاقة سلسلة ما بين السلطتين التشريعية والتنفيذية لو لم تصطدم بالاستجواب المقدم من النائب د. وليد الطبطبائي لسمو رئيس مجلس الوزراء، حيث فرضت «دستورية» استجواب رئيس الوزراء على القوى السياسية اتخاذ قرار تأييد «الحق الدستوري» ومطالبة سموه بصعود المنصة للرد.

مفترق طرق

هنا، يمكن القول أن فكرة ائتلاف القوى السياسية مع النظام في تشكيل الحكومة اسقطتها تمسك الأولى بمواد الدستور، وإصرار الثانية على وضع خطوط حمراء تجاه صعود رئيس الوزراء المنصة، لتجد جميع الاطراف نفسها على مفترق طرق واختلاف لا يمكن الوصول به الى نقطة التقاء لاستمرار هذا الائتلاف إلا بصعود رئيس الحكومة المنصة. وهذه المعضلة بين القوى السياسية والنظام وضعت استمرارية حكومة الائتلاف على المحك.

مشاركة القوى السياسية في الحكومة – والحديث عن الحكومة المستقيلة – لا يمكن اعتبارها تجربة فاشلة بسبب التضاد السياسي فيها أو اختلاف الرأي بداخلها، بل مثلت الحكومة نقطة التقاء «للعمل والتنمية» بين القوى السياسية المتصارعة سياسياً وفكرياً، وتكفلت كل القوى بالدفاع عن ممثلها في الحكومة سواء داخل البرلمان أو في الإعلام، وخلقت أريحية عمل للحكومة قلما رأيناها في الحكومات السابقة.

خلافات أبناء العمومة

الفترة القصيرة لحكومة الائتلاف، حققت نجاحات لم يكتب لها الاستمرار لتستكمل عمرها التشريعي (أربع سنوات)، وتشكيل حكومة ائتلاف أخرى لم يعد ممكناً – في الفترة الحالية على الأقل – بعد انكشاف المداخل «الدستورية» لإسقاطها، والأهم من هذا صراع الأسرة الحاكمة وخلافات أبناء العمومة، فإن كانت القوى السياسية تدافع عن أعضائها الوزراء، فرئيس الحكومة الحالي وجد نفسه محارباً من قبل من يفترض به أن يكون سنده سياسياً، الا أنها تجربة تستحق النظر فيها من جديد، ولكن في غير هذه الظروف.

back to top