الكويت من الدولة إلى الإمارة - الدكتور أحمد الخطيب يتذكر - الجزء الثاني (21)

نشر في 24-09-2008 | 00:00
آخر تحديث 24-09-2008 | 00:00
كانت المفاجأة كبيرة عندما طلب مني خالد الهلال أن أجري مقابلة لبثها في تلفزيون الشباب الذي أصبح جاهزاً خلال أسبوع واحد
إهداء إلى شابات وشبّان الكويت الذين يعملون على إعادة الكويت إلى دورها الريادي في المنطقة.

إلى أولئك الذين يسعون إلى بناء مجتمع ينعم فيه المواطن بالحرية والمساواة تحت سقف قانون واحد يسري على الجميع، ويكون هدفه إطلاق إبداعات أبنائه وليس تقييدها باسم المحافظة على عادات وتقاليد هي جاهلية في طبيعتها ولا تمتّ بصلة إلى الدين ولا إلى ما جبلت عليه الكويت منذ نشأتها من تعلّق بالمشاركة في السلطة، ثم الالتزام بدستور 62 الذي قنن هذه الطبيعة الكويتية.

إلى الشابات والشبّان الذين يحلمون بمستقبل مشرق للكويت يعيد دورها الرائد في محيطها، كي تنضم إلى عالم العلم والمعرفة الذي أخذ ينطلق بسرعة هائلة لا مكان فيه للمتخلّفين.

إلى هؤلاء جميعاً أهدي هذا الكتاب.

الحركة الشبابية

إذن لقد نضجت الظروف ليلعب هؤلاء الشباب دوراً في إصلاح المسيرة ووقف هذا التدهور المحزن الذي جعل الكويت أضحوكة الخليج بعد أن كانت درة الخليج في كل المجالات.

إن شرارة التغيير قد انطلقت بعد أن وصلت الأوضاع إلى حد لا يحتمل. والنجاح يرتبط بعملية التنظيم. العمل الفردي والمبعثر لا يؤدي إلى النتائج المرجوّة. لقد آن الأوان لمساعدة هذه الحركة الشبابية العفوية لتأخذ دورها في إصلاح المجتمع، فقد أعلن الشباب وجودَهم وهنا تبلورت الفكرة في قيام تحالف الشباب ليتسلّم قيادة التغيير. فعملت مع آخرين لجمع هؤلاء الشباب الذين حققوا إنجازات سواء في الجمعيات التعاونية أو في أوساط الطلبة إلى عقد باجتماع عام لتأسيس هذا التحالف الشبابي.

هذا الموضوع عُرِضَ في كل من المنبر الديمقراطي والتجمع الديمقراطي. فكان القرار مباركة هذا التحرك وتشجيعه. وكان واضحاً للجميع أن هناك أمرين لابد من التسليم بهما، أولهما أن هذه الجموع الشبابية لها موقف سلبي من هذين التنظيمين فهي تعتقد أن هذه التنظيمات فاشلة ومنفرّة للناس وقد آن الأوان لها أن تختفي، والآخر أن هؤلاء الشباب لا يقبلون الوصاية من أحد فهم مستقلون بعملهم ورأيهم. على هذا الأساس تم الاتصال بهذه المجموعات ودعوتها إلى مؤتمر تأسيسي في سرداب أحمد الراشد «أبو أنس» في قرطبة بتبرع مشكور منه لتوفير كل ما يسهل هذا الاجتماع.

فكان التأكيد على هذه المجموعات أن يحضر كل أعضائها لا ممثلين عنهم ليكون ذلك مؤتمراً تأسيسياً للتحالف الوطني الديمقراطي بكل معنى الكلمة. وهكذا كان. وقد حضر الاجتماع أكثر من (400) عضو. وكثيرون لم يستطيعوا الوصول إلى مكان الاجتماع لأن قرطبة معروفة بسوء توزيع السكن فيها وضيق شوارعها. كان الاتفاق ألا يترشح أحد من التنظيمين ويترك الاختيار للشباب المؤسسين لينتخبوا من بينهم من يريدون، لكنْ كانت هناك رغبة في أن يرشح د. عبد المحسن المدعج نفسه، نظراً إلى سمعته الطيبة وتجربته الناجحة كعضو في مجلس الأمة وكذلك تجربته القصيرة المميزة كوزير للنفط مما يسهل مهمة الشباب. أيضاً فقد ترشّح خالد هلال المطيري نفسه كأمين عام وانتخب بالتزكية. وكانت نتيجة الانتخابات كالآتي:

وكم كانت النتيجة معبّرة عن طبيعة هذا التحالف الذي ضمّ المرأة والرجل، السنّي والشيعي، ومن الداخل والخارج، ومن جميع المناطق وجاءت في المرتبة الأولى فاطمة سعود جوهر حيات من مجموعة أميركا.

كم كنت سعيداً تلك الليلة، فما حلمت به كل هذه السنين الصعبة قد تحقق. هذه المجموعة المنتخبة - الهيئة التنفيذية - قامت بتلبية دعوة من الشباب الوطنيين في الجهراء في ديوانية للنقاش معهم حول هذا التحالف أدت إلى طلب هؤلاء الشباب من التحالف إنشاء فرع لهم في الجهراء والشيء نفسه حصل في منطقة الرميثية والمنطقة العاشرة مما رفع معنويات الشباب.

جاءني خالد هلال المطيري وقال إن الشباب بحاجة إلى إيجاد مقرّ للتحالف وكذلك للفروع التي سوف توجد في المناطق الكويتية، والتحالف بحاجة إلى التمويل في بداية عمله، وقد قمت من جهتي بالعمل على تأمين مبلغ أسهم فيه بعض التجار الكويتيين الذين لم يترددوا يوماً في دعم العمل الوطني.

ولد التحالف في عزّ معركة إعطاء المرأة حقوقها السياسية، ورمى هؤلاء الشباب بكل ثقلهم في هذه المعركة، ورأينا الدينامية الجديدة للعمل الشبابي المشابهة لما يحصل في العالم، وكانت معركة شرسة أبدع فيها الشباب وانتصرت المرأة وأقرّ قانون إعطاء المرأة حقوقها السياسية. وتحقق هذا الإنجاز الذي انتظرناه طويلاً وعملنا له بجد منذ تقديم هذا القانون في مجلس 1971 كما ذكرت. ولكننا لم نستطع تحقيق أي شيء. وها هم الشباب يحققون هذه المعجزة في وقت قياسي، تشاركهم فئات واسعة من المجتمع الكويتي وخصوصا نساء الكويت.

حقوق المرأة السياسية

عند الحديث عن حقوق المرأة في الكويت هناك أمور يجب أن تذكر حتى تكون الصورة أكثر وضوحاً. وأولها هو موقف الحكومة من الرغبة الأميرية التي أوصلها الأمير إلى الحكومة بإعطاء المرأة حقوقها السياسية. وكيف أن المجلس رفض هذه الرغبة مع أن الحكومة والنواب الذين يدورون في فلكها يشكلون الأغلبية الكافية لتمرير هذا القانون.

لا بل الأدهى والأمر، أن إدارة الفتوى والتشريع التابعة لمجلس الوزراء هي التي تصدت للسيدات الكويتيات عندما رُفِعَت هذه القضية أمام المحكمة الدستورية. حتى أن أحد القضاة تعجب من هذا الموقف متسائلاً. كيف تجند إدارة الفتوى والتشريع كل طاقاتها لمعارضة مشروع تقدم به الأمير؟ هذا لا يمكن أن يحصل في الكويت إطلاقاً، وخصوصاً إذا عرفنا أن العرف عند آل الصباح أن الأمير هو كل شيء ولا يمكن أن يُرَدَّ له طلب. لكن إذا عرف السبب بطل العجب كما يقول المثل الشعبي المعروف.

دخول المرأة الكويتية في المعادلة الانتخابية سيكون في البداية لمصلحة القوى الدينية المنظمة والتكتلات القبلية لأنها كانت ناجحة في تنظيم المرأة وجعلها مؤثرة في انتخابات الجمعيات التعاونية. ولكن الحق الإنساني أولاً وحرية الرأي ثانياً، والمراهنة على تحولات المجتمع نحو الأفضل، وكل ذلك يدفعنا إلى تأكيد حق المرأة في الانتخاب وغيره. والتفكير في دور المرأة دفعني إلى التفكير في كيفية الوصول إلى المرأة وإقناعها بممارسة حقها لمصلحة المرشحين الوطنيين خصوصاً أن مشاركتها في المهرجانات الخطابية صعب في هذه المرحلة، ففكرت في ضرورة إيجاد قناة تلفزيونية نستطيع من خلالها أن نصل إلى المرأة في بيتها عبر برامج تهمها وتهتم بها. تداولت مع خالد هلال المطيري هذه الفكرة وحرصت أن يكون ذلك سرياً. وقد رأيت أن محمد جاسم الصقر مهيأ للمساعدة في ذلك بسبب خبرته الإعلامية كرئيس تحرير لجريدة القبس الناجحة وبسبب ما عُرف عن هذه العائلة الكريمة من استعداد لدعم كل عمل وطني. كان ظني في محله فقد تعهّدت هذه العائلة بكل شيء.

لكن مفاجأة حل المجلس والدعوة إلى الانتخابات خلال شهر واحد، جعلتني أعتقد أن قيام هذه القناة شبه مستحيل. إذ كيف يمكن أن يولد هذا المشروع خلال هذه الفترة القصيرة. لقد أصابني ذلك بالإحباط الشديد. وكم كانت المفاجأة كبيرة عندما طلب مني خالد هلال المطيري أن أجري مقابلة تلفزيونية لبثّها في تلفزيون الشباب الذي أصبح جاهزاً خلال أسبوع واحد.

لقد لعبت هذه المحطة التلفزيونية دوراً مهماً في تلك الانتخابات، وفتحت صدرها لكل المرشحين الوطنيين على اختلاف مشاربهم بلا تحيز. ولقد زار كل الذين نجحوا في الانتخابات من الوطنيين مركز التحالف في الروضة لشكر الشباب على دورهم في إنجاحهم، وقدم هؤلاء الشباب الرائعون درعا لي كعربون امتنان على هذه المبادرة. هذا الإنجاز عزز إيماني بقدرة هؤلاء الشباب على خوض العمل الوطني بل قيادته في هذه المرحلة الحرجة.

المعركة الثانية هي معركة الدوائر الخمس أي توزيع الكويت إلى خمس دوائر انتخابية بدل الـ(25) دائرة كما أسلفت سابقاً. هذه المعركة كانت حامية بسبب الاصطدام بقوى الأمن وكذلك برئيس مجلس الأمة جاسم الخرافي، لأن الحشود الشبابية التي كانت توجد في المجلس أو في ساحة الارادة المقابلة للمجلس فاقت التصورات. كانت أجهزة الأمن تؤكد للمسؤولين أن هذه التحركات محدودة لا قيمة لها، مما جعل هذه الأجهزة تخسر مصداقيتها عند أصحاب القرار لأنها كانت تعتقد أن الشارع الكويتي هو للأحزاب الدينية التي تحالفت معها كل هذه الفترة. هذا النجاح الباهر جعل النواب يتوجهون إلى ساحة الحرية هذه ويقسمون على أنهم سيؤيدون قانون الخمس دوائر. وهكذا فرض الشباب رأيهم وتم تغيير الدوائر إلى خمس.

المعركة الثالثة كانت توزير نورية الصبيح كوزيرة للتربية واستماتة القوى الدينية في العمل على منعها من مزاولة عملها. تعيين د. معصومة المبارك لم يكن مشكلة كبيرة للقوى الدينية. المشكلة هي وزارة التربية معقلهم الحصين. لذلك قاموا بتحديها وطرح الثقة فيها.

لقد لعب الشباب دوراً مميزاً في التصدي لهذه القوى المتخلفة، كما أن الوزيرة نجحت بل تميزت في ردّها أثناء استجوابها في مجلس الأمة على كل القضايا التي أثيرت بكل موضوعية وثقة وجرأة نالت إعجاب الخصوم قبل المؤيدين وانتزعت انتصاراً مشرّفاً لها وللمرأة الكويتية وللشباب الذين وقفوا معها. وكانت شهادتها حول أهمية الدور الذي لعبه الشباب رائعة عندما أقام شباب التحالف حفلة تكريم في مقرهم بالروضة بمناسبة انتصارها المميز.

هذه المعارك المهمة لم تعطِ الشباب الوقت الكافي للانتباه للمهمة الأولى والأساسية ألا وهي تجنيد الشباب في كل مناطق الكويت. فالعمل التنظيمي لم يلقَ الاهتمام الذي يستحقه، لذلك فوجئ الكل بالانتخابات الأخيرة وحسب الدوائر الخمس الجديدة. ولم يستطع التحالف التعامل مع هذا الحدث المفاجئ بالشكل المطلوب لخلل حصل في العملية الديمقراطية داخل التحالف تسبب في اهتزاز صورة التحالف عند الأعضاء والأصدقاء.

هناك فكرة خاطئة عن طبيعة هذا التحالف الشبابي، البعض يعتقد أن التحالف هو تحالف المنبر الديمقراطي والتجمع الوطني الديمقراطي. وهذا غير صحيح إطلاقاً، فهو تحالف شبابي ليست له أي علاقة بهذين التنظيمين. وأنا أستطيع أن أذكر موقف المنبر الديمقراطي من هذا التحالف لأنني كنت طرفاً في النقاش الذي دار في المنبر الديمقراطي حول هذا الموضوع. ففي اجتماع ضم قيادة المنبر الديمقراطي واللجنة السياسية للمنبر وكنت عضواً في اللجنة السياسية طرحت اقتراحاً بأن يُحل المنبر الديمقراطي، لأن هذا التحالف الشبابي هو البديل الحقيقي للعمل الوطني كله. ولا يجوز أن ننقل أمراض المنبر الديمقراطي التي أدت إلى ضعفه وتفككه، إلى هذا التحالف. وبعد نقاش مطول وحاد تم التوصل إلى حل وسط، وهو أن يؤجل حل المنبر الديمقراطي حتى يتم التأكد من نجاح هذه التجربة الفريدة. وعندما يقف هذا التحالف الوليد على قدميه يتم حل المنبر الديمقراطي حتى لا نصل إلى وضع قد يفشل فيه هذا التحالف ويكون المنبر الديمقراطي غير موجود.

* * *

إن مهمة تصحيح بعض الأوضاع في التحالف الوطني هي مهمة شباب التحالف. ولكون هذا التنظيم ديمقراطياً يجب أن يكون ضمن العملية الديمقراطية. فاختلاف وجهات النظر في الأحزاب الجماهيرية أمر طبيعي، حتى داخل هذه الأحزاب نرى أجنحة يمينية وأخرى يسارية وثالثة تقع في الوسط، سواء كانت أحزاب يمينية أو أحزاب يسارية فالاختلافات مطلوبة وضرورية ليكون الحوار حيوياً ويؤدي إلى الوصول إلى الحلول الصحيحة ولا يجوز إطلاقاً أن يؤدي ذلك إلى الانشقاق الذي يدمر الحزب. والأقلية عليها أن تعمل بجد داخل الحزب لكسب مؤيدين أكثر لوجهة نظرها في انتخابات حزبية تالية. هذه هي الميزة الكبرى لهذه الأحزاب للمحافظة على ترابطها وحيويتها وتعميق ديمقراطيتها.

كلمة ختامية

في الختام، لا بدّ من الإشارة إلى أنني ترددت في الكتابة عن حركة الشباب، لأنني غادرت منذ زمن هذه المرحلة من العمر، وما عاد بإمكاني التعامل معها إلا من باب «المراقب». وهذا الكتاب كتاب «ذكريات» ويفترض أن يتحدّث عن محطات عشتها وشاركت فيها ولكن، لأهميّة هذه الحركة التي أراها تمثّل الأمل في إعادة الكويت منارة، ومجتمعاً مفتوحاً، وإعادة كل أشكال السلطة إلى كنف القانون وما يمثّله ذلك من إمكانات لإقامة العدالة، ولتقدّم الكويت وأهلها، لهذه الأسباب كلها كان لا بد من الحديث عن هذه الحركة الشبابية.

كان عدد من الأصدقاء أَلَحّوا عليّ سنواتٍ طويلةً أن أكتب هذه الذكريات، وكنت غير راغب في ذلك، لأني كنت أسأل نفسي لمن سأكتب، خصوصا أنني توقفت عن الكتابة حتى للصحافة منذ زمن طويل، وضعفت هذه الملكة عندي. لمن سأكتب؟ والحركة التي كنت جزءاً منها، والتي شاركت معها في بناء بلد يحسدنا عليه الجيران، تعاني الضمورَ وتزداد معاناتها كل يوم، وصارت غائبة عن الساحة، تعاني التمزّقاتِ التي تصيبها.

لمن سأكتب؟ بقي السؤال إلى أن جاءت حركة الشباب هذه لتعيد إليّ الأمل ولتجعلني أحسّ أنه آن الأوان لكي أقدّم تجربتي كواحد شارك في كل المعارك التي خيضت لوصول الكويت إلى ما وصلت إليه، سواء على مستوى الحسنات والسيئات. وأملي أن تكون هذه التجربة مفيدة لهؤلاء الشباب، وليست مجرد كتابات يهتم بها الذين تظهر أسماؤهم أو صورهم، ولا هي مجرد كتابة عن مرحلة لم يتبقّ منها سوى الحنين.

أنني آمل أن أكون مفيداً لأجيالنا القادمة، لا أن أكون قد دخلت معركة جديدة لا أريدها، مع الذين لم يعجبهم ما كتبت، فما عادت هذه المعارك تهمني.

إنني بقدر ما أحسّ بالإحباط بسبب ضمور العمل الوطني والقومي، أحسّ بخطورة سيطرة التيارات الدينية على المجتمع، وما يتركه ذلك من أثر سلبي على الحريات والإبداع، وخصوصا على المجتمع الذي ينقسم على أساس ديني طائفي وهذا أخطر الانقسامات.

وبقدر ما أشعر بالمسؤولية تجاه بلدي وضرورة إبعاده عن شرب الكأس المرّة التي شربتها دول قريبة منا، سواء في سيطرة عقلية دينية تسجن المجتمع داخل فهمها للدين، أو الكأس الأمرّ لأي صراع طائفي أو قبلي.

بقدر ما أشعر بذلك، أحسّ بالفخر لهذا الدور الذي لعبته القوى الوطنية والقومية وقوى المجتمع المدني في صياغة التاريخ الحديث لدولة الكويت الذي عاصرته، حيث نعيش في بلد فيه دستور وقانون وحريات رغم المخاطر التي تحيط بنا.

وأشعر أيضاً بالأمل المتمثل في هذه الحركة الشبابيّة التي تحتاج إلى تنظيم لتصبح قوة ضاغطة فاعلة تستطيع التواصل واتخاذ القرارات.

ولا بدّ لي من توجيه الشكر إلى الذين ساهموا في أن يرى هذا الكتاب النور، وأوّل شكر لزوجتي التي كنت أتركها في أوقات كانت تحتاج إليّ وأعمل على هذا الكتاب، وأولادي وأحفادي الذين سرقت كثيراً من الوقت المخصص لهم.

وأخص بالشكر الأصدقاء الذين ساعدوني على إنعاش ذاكرتي التي كلّت بفعل السنين، وقدّموا كل مساعدة وتشجيع ودفع للقيام بهذا العمل، فلهم كل الشكر والمحبّة، وأذكر منهم، مع رجاء تقبّل اعتذاري لكل من نسيت اسمه: علي البداح ود. غانم النجار وأحمد النفيسي. كذلك كوكبة من شابات وشباب المستقبل ممن سهر وتعب في البحث والتنقيب عن معلومات كثيرة ما كان بإمكاني الحصول عليها من دون مساعدتهم، وهم إيمان علي البداح وأمل علي البداح ود. أريج الخطيب ووضحة الخطيب ود. رنا العبدالرزاق وشروق مظفر وبثينة رشود وليلى الكندري وشيخة عبدالكريم المحارب وعلي العوضي ومحمد بوشهري ونايف الأزيمع لنصائحه، وكذلك أحمد العبيد لتوفيره مجموعة من الصور المهمة، وشكري للأخ مظفر عبدالله الذي فاتني ذكره في الجزء الأول لأنني لم أكن مطلعاً على الجهد الكبير الذي بذله، والصديق راشد العجيل. كذلك لا بدّ من التأكيد أنه لولا الجهد الجبار الذي بذله الأخ العزيز علي البداح وبناته إيمان وأمل لهندسة طريق العمل لكان الأمر غير ممكن. وأخصّ بالشكر الجزيل الصديق الوفي حسن ياغي وسكرتيرته سوسن زهوي والعاملين في المركز الثقافي العربي ببيروت الذين تحمّلوا الكثير بسبب طريقة عملي غير الطبيعية مما لم يألفوه من أي مؤلف آخر لأنني جديد على هذا «الكار»، أي تأليف الكتب. وأيضاً لجريدة «الجريدة» الكويتية وأصحابها والعاملين فيها كل المحبة والتقدير على اهتمامهم واستعدادهم لمشاركتي في تحمّل مسؤولية نشر هذا الكتاب. كذلك لا بدّ من شكر الصديق جان بيار بوغصن الذي تحمّل مشقّة مرافقتي في تنقلاتي المتكررة من منزلي في الجبل، إلى مركز دار النشر في بيروت، والانتظار كل مرّة ساعاتٍ طويلة من دون ملل بل بكل تشجيع واهتمام. والشكر لكل من ساهم بأي طريقة في إخراج هذا الكتاب إلى النور.

أحمد الخطيب

بيروت في 1/7/2008

رداً على ما جاء في مذكرة د. أحمد الخطيب

بناء على ما نشر في جريدتكم الغراء بعددها الصادر يوم الجمعة 19 سبتمبر 2008 - العدد رقم 414 - في باب ذكريات، وما جاء في حديث الاستاذ الفاضل د. احمد الخطيب في الحلقة السابعة عشرة من ذكرياته، والتي ورد فيها اسمي مشيرا الى انه اعتقل من قبل امن الدولة عندما كنت مديرا عاما لهذه الادارة وما جاء في حديثه من روايات حول ذلك.

بناء على ذلك فإنني اود ان اوضح التالي لبيان الحقائق بشأن كل ما ورد من مزاعم وروايات على لسان د. الخطيب الذي اكن له ولتاريخه كل تقدير واحترام آملا من جريدتكم الغراء نشر هذا الرد بكامل نصه وبالشكل المنشود وفي نفس صفحة ذكريات عملا بحق الرد وحرية الرأي، وانا مسؤول امام الله تعالى ثم امام ضميري عن كل ما سأشير اليه.

أولا: لم تكن هناك اي اعتقالات من قبل امن الدولة ومن قبل رجالها حسب ادعاء د. الخطيب، علما بأنه قد تم تحويله الى امن الدولة من مخفر الشويخ من دون ان يكون لرجال امن الدولة اي صلة في اعتقاله، كما ان احالته الى امن الدولة تمت بعد يوم من اعتقاله.

ثانيا: لقد حرصت شخصيا وتقديرا لمكانته على توفير غرفة لائقة له قرب مكتبي مزودة بسرير وتلفزيون وصحف يومية، وطلبت ان يبادر بالاتصال بأهله لتزويده بالطعام حسب رغبته، وان يتم ايصال الطعام بشكل مباشر من قبل اي شخص مقرب منه، وذلك تحسبا من ان يصاب بأي مكروه فيتم الادعاء من قبله على ان هناك محاولة لتسميمه او اصابته بأي اذى من قبل السلطات المختصة.

ثالثا: حرصت ايضا على استقبالي له في مكتبي مباشرة ومتابعة اوضاعه اولا باول دون تكليف اي شخص آخر، او كما ادعى بوجود شخص من ابناء الصباح مكلف بمرافقته ولمنع اي شخص آخر من الاتصال به.

رابعا: حول ما اشار اليه من توافد موظفي الادارة على حجرة الضابط المسؤول معه في حوار استمر حتى الساعة الثانية صباحا مشبها ذلك بندوة ناجحة بكل المقاييس، فانني اود ان اؤكد ان ذلك لم يحدث مطلقا خاصة ان الغرفة المخصصة لحجزه تبعد عن مكتبي بامتار قليلة وكنت شخصيا موجودا طوال هذه الفترة بسبب اوضاع الحجز الكلي لرجال امن الدولة.

وحقيقة استغرب من هذه الرواية المزعومة والتي لم تكن قد حدثت بأي شكل من الاشكال، بل لم يكن يسمح بذلك لاعتبارات امنية وسرية تخص الادارة، كما ان روايته جاءت لتناقض ما ادعاه من تكليف احد من ابناء الصباح بمرافقته ومنع اي شخص آخر من الاتصال به.

خامسا: لعل اغرب ما يمكن الاشارة اليه في الرواية المزعومة التي ذكرها د. الخطيب ما قاله: «جاءني مدير امن الدولة فهد الفهد وقال: دعني ارتب لك مقابلة مع الشيخ سعد العبدالله، لكني افهمته بلغة واضحة من انا وكان هذا آخر لقاء بيننا»، وللحقيقة والتاريخ فقد احضرت د. الخطيب الى مكتبي ولم اذهب اليه وطرحت عليه سؤالا كان يحيرني في ذلك الوقت متطلعا الى الاجابة عنه، حيث سألته بالتالي: لماذا منحتك حكومة اليمن الجنوبية آنذاك وساما نظير خدماتك وقد ذهبت الى هناك وتقلدت الوسام وانت تعلم انها دولة شيوعية.

وهذا ما حدث فعلا وحقيقة عندما واجهته في مكتبي بسؤالي الذي طرحته ولم يرد عليه، ولم اتطرق لا من قريب ولا بعيد الى ما زعمه من ترتيب مقابلة الفقيد الراحل الشيخ سعدالعبدالله - طيب الله ثراه - علما بأن المسألة لم تكن تتطلب ذلك.

سادسا: حول ما قاله: «وبعد أربعة ايام اطلقوا سراحي واصروا على عدم اخبار اهلي واستعملوا الطرق الفرعية متجنبين الطرق المنارة حتى لا يراني احد وتحدث مشاكل»،

فإن ما ذكره هنا لا يمت للحقيقة بأي صلة، حيث تم اطلاق سراحه بشكل عادي جدا من قبل الادارة وتم حضور اقربائه عند باب الادارة لاصطحابه، ولم يكن الامر يتطلب في اي حال من الاحوال اتخاذ تدابير خاصة لاطلاق سراحه.

سابعا: هذه هي الحقائق بكاملها لكل ما حدث وبالتفاصيل الدقيقة في مسألة احضاره الى امن الدولة دون اي تجن او مبالغة او مزايدة او محاولة لقلب الحقائق وتزييف الوقائع، وللعلم فإن الدكتور الخطيب سبق ان اشاد بي في احدى ندواته الانتخابية على حسن المعاملة التي لقيها مني ومن ادارة امن الدولة.

ختاما... انني في الوقت الذي كنت ومازلت وسأبقى اكن للدكتور الخطيب ولمكانته وتاريخه كل التقدير والاحترام، لكنني استغرب عن اسباب ما ورد في ذكرياته من ادعاءات ومزاعم غير صحيحة، ولا اعرف الاسباب الحقيقية وراء اختلاق روايات لم تحدث مطلقا، خاصة انه ارفع من ذلك بكثير ومن محاولة تضخيم الامور وتهويلها بمزاعم تصب في مصلحته وتاريخه الحافل، وربما من وجهة نظري الخاصة ان لعامل السن والسنوات الطويلة التي مضت سببا في ذلك، وفي عدم ذكر الحقائق الجلية والوقائع التي مر بها كما حدثت بالفعل.

اللواء فهد الفهد

back to top