مهندس الديكور د. نهاد بهجت: السينما المصريّة في أفضل مراحلها!

نشر في 17-11-2008 | 00:00
آخر تحديث 17-11-2008 | 00:00
No Image Caption

وضع بصمته الخاصة والمتمردة على عشرات الأفلام خلال 45 عاماً من العمل الدؤوب في الديكور وتنسيق المشاهد. حصدت أعماله عشرات الجوائز وشهادات التقدير والأوسمة. كذلك نال جوائز وتقديرات دولية كثيرة. «الجريدة» التقت مهندس الديكور والمخرج د. نهاد بهجت الذي يكرّمه مهرجان القاهرة السينمائي الدولي على مشواره الفني وإسهاماته التي ما زالت تعيش في ذاكرة السينما.

ماذا يمثل لك تكريم مهرجان القاهرة السينمائي الدولي؟

أكبر تكريم يمكن أن يناله فنان سينمائي في مصر، ولا أطمع في أكثر منه، خصوصاً أن التكريم المعنوي أهم في نظري من التقديرالمادي، لذا يتمناه النجوم الذين يهمهم في المقام الأول تقدير إبداعهم.

فن الديكور مهنتك، كيف تنظر إليه؟

اجتهدت خلال رحلتي في الوصول إلى صيغة تجعلني أنفذ أعمالي بتكاليف متواضعة، على أن تظهر في الوقت ذاته على الشاشة بصورة مبهرة، وهنا تتداخل الخبرة مع الموهبة لتحقيق تلك المعادلة الصعبة.

أعشق اقتناء التحف وقطع الأثاث النادرة واللوحات، الى درجة أنني كنت أسافر آلاف الأميال لشراء كل ما هو نادر وقيّم كي أستخدمه في عملي، فلكل قطعة تأثيرها وسحرها الخاص وهو ما يتجلى في علاقة الأشياء بالكاميرا، خصوصاً أن ثمة قطع أثاث جميلة، لكنها لا تتفاعل مع الكاميرا ولا تشارك في الأحداث وبناء الفيلم كما الممثلين.

يرى نقاد كثيرون أنك قمت بثورة في فن الديكور السينمائي؟

أشكر هؤلاء لتقديرهم، خصوصاً أنني اجتهدت في تحمّل المسؤولية كاملة في تصميم المشاهد واختيار الأكسسوارات ورسم المناظر وتكويناتها المعمارية والفنية على الشاشة، وقد تمكنت من ذلك في فيلم «زائر الفجر» الذي فجر الثورة الحقيقية في تغيير شكل الديكور السينمائي، ثم فيلمي «النداهة»، و«قطة على نار»، ما فتح المجال أمام إبداعات جديدة عززها خيال مخرجين رأوا في فني خطوة جديدة تحمل تمرداً على السائد.

منذ ذلك الحين، بدأ مصممو المناظر يحصلون على جوائز للمرة الاولى، إضافة الى الإشادات النقدية الكثيرة التي أشارت الى أهمية الديكور في الفيلم وفي الواقع.

ما أهمية العلاقة بين المخرج ومصمّم المناظر؟

الفيلم عمل جماعي يقوده المخرج، والديكور كما العناصر الأخرى ينفذ رؤية المخرج. سعيت منذ البداية الى التعامل مع المخرج الجريء والمتمرد كي أصل الى طموحاتي، مثلاً أصريّت على العمل مع يوسف شاهين وحسين كمال لما لمسته فيهما من جنون وتمرّد على المألوف.

أجمل ما في شاهين، رحمه الله، جنونه الفني وتقديره في الوقت ذاته جنون الآخرين وإبداعاتهم، فهو ينسج جنوناً جديداً بينه وبين فريق العمل، ما يشير إلى أهمية التناغم والتآلف بين طاقم العمل لإنجاز الفيلم بأفضل صورة إبداعية،

في تصوّرك، ما أبرز المشكلات التي يواجهها مصمّم المناظر؟

دخلت هذه المهنة منذ مطلع الستينات،حينما كانت عناصر العمل الفني كلها تحصل على حقها في الإنفاق، من ديكور وتصوير وإضاءة ودعاية وملابس وأكسسوارات، أما الآن فقد تبدلت الحال، فالميزانية ينفق منها حوالي80% على الممثلين والبقية تذهب الى العناصر الفنية الأخرى، بالإضافة الى أن الإمكانات والإنتاج لا تساعد في إنجاز الفيلم بشكل كامل، ناهيك عن ندرة الورش المجهزة، والعمالة الماهرة التي انقرضت إلى حد بعيد، أما الاستوديوهات فصغيرة وجدرانها ثابتة وليست مصممة بالمقاسات العالمية. عموماً، تبقى «مدينة الإنتاج» الأفضل بالمساحات والورش والإمكانات.

ما العوامل التي ساهمت في تشكيل نظرتك الفنيّة؟

الحياة بطبيعتها وناسها ومشاعر الإنسانية، ورحلاتي وأسفاري الكثيرة، والقراءة، والمجلات الفنية والأفلام النادرة، والاطلاع على التصميمات التي أنجزها الفنانون العالميون، وعلى الفن المعماري القديم ونقوشه.

يردد بعض مصممي المناظر والديكور أن مهنتهم مظلومة في العملية الإبداعية، ما رأيك؟

طبعاً مظلومة إلى درجة كبيرة. عملت وأبناء جيلي في ظروف قاسية بل وشديدة الظلم، لكن الأجيال الجديدة تتمتع بحظ وظروف أفضل، فقد ارتفعت أخيراً الأجور الخاصة بفنان الديكور، إضافة الى توافر أدوات جديدة، ما أدى الى مزيد من الإبداعات.

هل اختلفت تجربتك بين المسرح والدراما؟

على رغم اختلاف الوسيط، احترمت المشاهد وعقليته ورؤيته البصرية، وسعيت في المسرح الى استخدام خامات أكثر واقعية، ووفّقت بين الشكل المضمون، كي يأتي المشهد المسرحي ثرياً ودسماً بالخامات ويخدم النص، لذا اعتمدت على الرسم والخداع البصري في المناظر المسرحية.

أما التلفزيون فلم أجد نفسي فيه، لذا قررت الاعتذار تماماً عن المسلسلات، ولن أكرر تلك التجربة مجدداً.

ماذا عن تجربتك مع الإخراج السينمائي؟

أول عمل أخرجته كان بعنوان «لا»، استوحيته من لوحاتي وهو فيلم تسجيلي تناول «هزيمة 67» وانعكاسها على الشارع المصري، وقد مثّل مصر في مهرجانات عالمية كثيرة، ثم أنجزت فيلماً تسجيلياً عن الفنان سيف وانلي وحصل على جائزة في مهرجان الإسكندرية الدولي.

كيف ترى المشهد السينمائي الآن؟

أنا متفائل بحال السينما، لأنها تضم مواهب شابة كثيرة وطاقات مبدعة من المخرجين وكتاب السيناريو وفناني الديكور ومصممي الملابس، أما ما يتردد حول قلة الأفلام الجيدة فهذا صحيح، لكنها قليلة أيضاً في السينما العالمية.

back to top