مكاتب الموظفات في رمضان: كُبّة وعلب قرقيعان... ودراريع!

نشر في 08-09-2008 | 00:00
آخر تحديث 08-09-2008 | 00:00
 فاطمة دشتي من كانت لديه معاملة في شهر رمضان فليؤجلها إلى ما بعد عطلة عيد الفطر، ولتكن لديه قناعة تامة أنها لن تنجز إلا بعد انقضاء الشهر الكريم، وإغلاق سوق الموظفات الرمضاني!

تسود مكاتب موظفات الدولة في شهر رمضان من كل عام ظاهرة تسويقية إعلانية، تحولت في السنوات القليلة الماضية إلى عادة لا يستغنى عنها من قبلهن، إذ تتحول مكاتبهن إلى ما يشبه دكاكين مغلقة غير مرخصة، فتذهب الملفات الى الخزائن وتوضع معاملات المراجعين في الأدراج، وتبدأ كل موظفة باستعراض مواهبها الفنية في عالم الأزياء والمشغولات اليدوية، وخبرتها في عالم الطبخ وصنع أشهى الأطباق الرمضانية، وبدء مشوار التسويق والتسوق، في رحاب المبنى الحكومي!

ما يحصل هو تطبيق عملي لمقولة الكسالى بأن «الصوم والعمل لا يلتقيان في رمضان»، فالموظفات العاملات في بعض الهيئات والجهات الحكومية لا يحبذن استمرار العمل الحكومي ومتابعة المراجعين وانهاء معاملاتهم، ويتحولن إلى «بائعات متجولات»، فهذه تعرض نموذجا لعلبة قرقيعان صنعتها بنفسها، وتؤكد لزميلتها أنها على استعداد تام لصنع أي كمية حسب الطلب، «وكل تصميم بحسابه»! وتلك تقدم دعاية مجانية لـ«أم عبدالعزيز» التي استغلت سرداب منزلها لتحوله إلى مطبخ متخصص لصنع الحلويات والكبب بأنواعها وبوفيهات الغبقات و«فناتك أخرى» على حد تعبيرها، وأخرى حرصت على إحضار كتالوج خاص يحتوي على صور تصاميم مختلفة لـ«دراريع رمضان» صممتها خصوصاً لليالي رمضان ولنهار العيد وبأسعار تبدأ من 50 دينارا، بينما تعرض إحداهن مجسما لبيت كويتي قديم صمم ليكون هدية القرقيعان، وتؤكد أن أختها هي صاحبة التصميم، وعلى استعداد أيضا لتوفير المزيد من الطلبات والتصاميم والعُلب حسب الطلب!.

تؤكد الكثيرات من العاملات في الجهات الحكومية أن أنسب طريقة لتسويق منتجات كل واحدة منهن هي عرضها في أروقة الجهات الحكومية ومكاتبها، فهي الأسهل والأنجع لتواجد عدد كبير من الأشخاص مع ضمان فرصة انتشار أكبر، وتأكيد أن أحدا لا يملك سلطة المنع ولا الرقابة على عمليات البيع والشراء القائمة من قبل الموظفات البائعات.

أما الفراشون والمراسلون في تلك الإدارات الحكومية فتم تكليف بعضهم بالقيام بدور مهم في عمليات التسويق الرمضانية، حيث تحرص بعضهن على استخدام أحد هؤلاء ليكون وكيلا لها في توزيع البطاقات الشخصية على جميع من في المبنى الحكومي، مطبوعا عليها الاسم والمنتجات وأرقام الهواتف، نظير مبلغ بسيط، يسميه الفراش «إكرامية»!.

وبما أن 55% من العاملين في الدوائر الحكومية من الإناث حسب إحصاءات مؤسسة التأمينات الاجتماعية الأخيرة، فإن عددا كبيرا من إدارات الجهات الحكومية سيتعطل فيه العمل، وسيقل مؤشر الانتاجية، لا بسبب التعب والصيام بل بسبب عمليات البيع والشراء، ولربما يكون الموظف الزميل أيضا شريكاً في العمليات التجارية القائمة في هذا الشهر، متفرجاً كان أو مشتريا، في حين يقف المراجع وقفة المتفرج ليدفع ضريبة تأخير المعاملة الحكومية.

لربما تحتاج مؤسساتنا ووزاراتنا إلى «الحارس الميكاترونيكي»، الذي ابتدعته حديثاً إحدى الشركات اليابانية، وهو روبوت يجمع بين الهندسة الميكانيكية والإلكترونية والبرمجيات يقوم بدوريات مباغتة على مكاتب الشركة، ويتابع سير العمل فيها ويتمتع بذاكرة دقيقة لجميع بيانات الموظفين، ومن يتقاعس عن عمله أو تغف عينيه يكن له بالمرصاد، حيث يطلق صافرة إنذار ويصدر تقريره ويرفعه إلى المسؤولين!، ولحين استقدام هذا الروبوت إلى مؤسساتنا، تبقى دكاكين الموظفات عامرة قائمة حتى أواخر الشهر الحالي!.

back to top