سيكون خراباً !

نشر في 30-05-2008
آخر تحديث 30-05-2008 | 00:00
 بسام عبدالرحمن العسعوسي

أستعرض الأسماء.. وأدقق في الوجوه.. وأبحث عن الجديد.. وأفكر كثيراً، فأرى وزراء مقلدين ليسوا مبدعين، وليس هناك أي رابط بين الوزارة ووزيرها على الإطلاق، وهذا دليل مادي ملموس على خواء آلية وطريقة الاختيار في حد ذاتها.

بعد مخاض ليس بالعسير وبسرعة متناهية وعلى عجالة وعلى طريقة «سلق بيض»، جاءت الحكومة لتؤكد الطائفية والقبلية والمحاصصة وترسخها، وهو ما دأبت عليه الحكومات السابقة كلها. إذن هذه الحكومة ليست بجديدة، بل هذا ما سار عليه وابتدعه السابقون والأولون.

هي جديدة بأشخاصها لكنها قديمة و«معتقة» بطريقة تشكيلها وآلية اختيارها، فمقولة من كل بستان زهرة تنطبق تماماً على هذه الحكومة التي لا أعلم كيف سينسجم أعضاؤها مع بعضهم بعضاً؟ وماهي القواسم المشتركة مع كل واحد منهم؟ وبصراحة أكثر لا أعلم كيف سيتعاون أحمد باقر ومحمد العليم مع موضي الحمود أو فاضل صفر مثلاً؟

حسبما أعتقد، فإن أبلغ وصف يمكن أن يطلق على هذه التشكيلة هو «بداية السقوط»، ولا أريد أن أكون متشائماً لكن هذه الحكومة ستستمر على أبعد تقدير مدة السنة ونصف السنة تقريباً، لأن ما بُني على باطل فهو باطل، إذ إن تطييب الخواطر وجبرها لا يصلحان، بأي شكل من الأشكال، لإدارة شؤون الدول والسعي إلى التنمية المنشودة.

أستعرض الأسماء.. وأدقق في الوجوه.. وأبحث عن الجديد.. وأفكر كثيراً، فأرى وزراء مقلدين ليسوا مبدعين، وليس هناك أي رابط بين الوزارة ووزيرها على الإطلاق، وهذا دليل مادي ملموس على خواء آلية وطريقة الاختيار في حد ذاتها.

لذا يبدو لي ألا أمل بتاتاً ولا حتى في الأحلام بحكومة بعيدة عن المحاصصة «لإرضاء فلان ولإسكات علان»، وتلك والله لمأساة حقيقية، بل هي جريمة في حق البلد والأمة.

يا إخواني... إن الإصلاح في هذه البلاد، ومنذ قديم الزمان، لم يكن في أي يوم من الأيام شأناً من شؤون رؤساء الوزارات ولا هماً من همومهم، بل كان نتيجة ضغوط شعبية ونخب سياسية مستنيرة مارست ضغوطها لإرغام السلطة على تبنيه قولاً وعملاً، وفي النهاية وجدت السلطة نفسها مرغمة على الأخذ ببعض البرامج والرؤى الإصلاحية ومجبرة على تنفيذها. إلا أنها وفي كل مرة تعود وترضخ لقوى التخلف والسطوة القبلية والطائفية ولا ترغب في إحداث قفزة إلى الأمام والانتقال إلى مرحلة الدولة المدنية الحقيقية. وما تشكيل هذه الحكومة وطريقة اختيار أعضائها إلا دليل ساطع في سماء بداية سقوط الدولة من جراء سوء الاختيار والمحاصصة من ناحية، والنكوص عن القيام بالإصلاحات التقدمية من ناحية أخرى.

فالمحاصصة يا أعزائي، لن تصلح حال الناس لأن كل وزير لديه مفهوم مختلف تماماً عما في ذهن زميله الآخر، وكل وزير لديه أجندة لا تتفق بالضرورة مع مثيلتها في جعبة زميله وأهدافه، وهذا أمر سيؤدي بنا في النهاية إلى الخراب.

back to top