البلد الصغير لرشا الأمير بالفرنسيّة

نشر في 06-10-2008 | 00:00
آخر تحديث 06-10-2008 | 00:00
No Image Caption

تروي رشا الأمير في كتابها الجديد «البلد الصغير» (لا علاقة له بكتاب «الأمير الصغير)، حكاية بلد صغير «تمنّى الجغرافيون عدم رسمه على خرائطهم»؛ بلد يبدو من الخارج جنّة لكنه في الحقيقة جحيماً.

تضع الأمير إصبعها في الجرح. تتحسّسها، تمحّص في أسبابها، وذلك كله بأسلوب خيالي يمت الى الواقع بصلات كثيرة. قالت الامير لـ{الجريدة} انها كتبت نص الكتاب لمطبوعة المانية بعد {حرب تموز} 2006، سرعان ما راودتها فكرة نشره بالفرنسية برغم انها تكتب بالعربية، وقد اصدرت رواية {يوم الدين} وهي تتمنى أن يوزع كتابها الجديد للطلاب في المدارس.

تستحضر الكاتبة من ذاكرتها أحداثاً عدة، ترويها للصغار والكبار على حد سواء بأسلوب شاعري. تحدثهم عن بلد صغير يضطر فيه أبناؤه ألبي وثريّا، بطلا قصتها، وأترابهما الى الدراسة في أكثر من 20 كتاب تاريخ و10 لغات مختلفة، وهذا اشارة الى الواقع اللبناني الغني بـ{الثرثرات} اللغوية كما تقول الامير، وهذا اشارة ايضا الى تناقضات هذا البلد الصغير الذي تحاول الكاتبة ان تجعل من نصها مرآة واقعه.

تخبر الكاتبة بأسلوب الدعابة كيف يتغنى البلد الصغير بأدبائه وأطبائه وكيف يتحوّل مريضاً، واهناً، خائر القوى عندما يتعلق الأمر بتسديد حسابات البنك الدولي! بل تقصّ كيف أن ثقة بلدهم الكبيرة بنفسه لم تحل دون أن ينظر إليه جيرانه، الأقربون والأبعدون، بعين الشهوة.

هذا البلد الصغير يعيش كل يوم بيومه، من دون أن يعي ما سيحمله القدر إليه غداً. وذات يوم تشتعل الحروب. حروب لا يفهم الصّغار قواعدها. حروب يتيقّن الناس كلّهم بأنهم تحت رحمتها، وأنهم لا يستطيعون الوقوف في وجه ما اعتقدوه قدراً محتّماً. واذا كان سكّان البلد الصّغير لم يستطيعوا أن يقولوا لا للحرب سابقاً، فإن الكاتبة عبر أبطال قصتها تقول لا للحرب. إذ تحمل رفوف العصافير البلد الصغير، في يوم من أيام استراحة المحاربين، وتحلّق به الى مكان آمن، بعيداً عن أهله وجيرانه، الذين اعتقدوا أنه لا يستطيع أن يحيا يوماً بعيداً عنهم. الى مكان لا يستطيع أحد، سوى العصافير، بلوغه.

يجد {البلد الصغير} نفسه كالعصفور المتروك وحده، أمام اختبار التحليق للمرة الأولى في حياته، بمنأى عن أمه وأبيه وجيرانه، فيما يأخذ الشك طريقه إليه مرات عدة. صبيحة ذات يوم، يستفيق البلد الصغير على وقع سمفونية تنشدها له العصافير التي تحضر لتشاهده وهو يغرّد للمرة الأولى... يغرد بأجنحته ويشاهد النجوم كما لم يسبق أن بدت له على هذا القدر من الجمال.

في الكتاب رسوم تصويرية رافقت النص، تتبدل ملامحها وألوانها ودلالاتها وتتغير تبعاً للمسار الذي تأخذه مجريات القصة وأحداثها. وتواكب ريشة دانيال قطار نص رشا الأمير خطوة خطوة، فتمتزج الكلمة باللوحة الفنية، في قالب إبداعي مثير للاهتمام. كذلك لا بد من الإشارة الى أن الإشراف الفني تولّته رنده عبد الباقي.

back to top