متحف فورد يعرض رداء أبراهام لينكولن... في ذكرى اغتياله

نشر في 04-11-2008 | 00:00
آخر تحديث 04-11-2008 | 00:00
No Image Caption

واشنطن - سيُعرض الرداء الملطّخ بالدم، الذي كان يرتديه الرئيس أبراهام لينكولن في مسرح فورد ليلة اغتياله، خلف زجاج واقٍ في ردهة مسرح فورد بعد ترميمه. يستطيع الزوار تأمّل الرداء عن كثب، وبإمكان المارة في الشارع رؤيته من بعيد طيلة اليوم. سيشكّل هذا المعطف، الذي طُرّزت على بطانته عبارة «بلد واحد، مصير واحد»، رمزاً مؤثراً لعيد مولد لينكولن المئتين السنة المقبلة.

بعض خبراء القماش قلق من أن رداء لينكولن القيّم قد يكون هشاً جداً. لا يمكن إبقاؤه معروضاً طيلة اليوم عندما يفتح مسرح فورد أبوابه مجدداً في شهر فبراير (شباط) المقبل، بل يجب حفظه، في مكان ملائم، للأجيال المقبلة.

يعتقد الخبراء أن الضوء والجاذبية يُلحقان الضرر بالملابس التاريخية. على غرار ملابس لينكولن الأخرى، كان المعطف، الذي صممته شركة Brooks Brothers، معروضاً بشكل متواصل تقريباً منذ أن وهِب لمسرح فورد عام 1968 ولغاية العام الماضي حين أقفل المسرح أبوابه بسبب أعمال الترميم، على حدّ تعبير المسؤولين.

تذكر كاثي هفنر، رئيسة مؤسسة Textile Preservation Associates، أنها فحصت الرداء الشهر الماضي بطلب من قسم «خدمة المنتزهات الوطنية»، مؤكدة أن «الوقت حان لوضع هذه الملابس جانباً وعدم عرضها للعموم إن كنا نأمل بالحفاظ عليها للأجيال المقبلة».

إنه صراع بين الرغبة في الحفاظ على الملابس الأثرية وحق المواطنين في رؤيتها! يسأل المخرج المنتج في المسرح فورد بول تيترولت: «منذ متى نأخذ قطعة أثرية... ونخفيها في قبو محصّن ولا ندع أحداً يراها؟ وما هي قيمة هذه القطعة إن كان مَن يملكها لا يستطيع رؤيتها؟».

راهناً، يؤكد قسم «خدمة المنتزهات الوطنية» ومؤسسة Ford’s Theatre Society، اللذان يديران المسرح، أن خطط عرض معطف لينكولن في الردهة وعرض سترته من طراز «فراك» وسرواله وسترته التحتية وربطة عنقه في معرض المتحف الجديد في الطابق السفلي لم تتبدّل. يؤكد تيترولت: «سنتخذ الاحتياطات اللازمة كافة».

قيمة تاريخيّة

في 14 أبريل (نيسان) عام 1865، أطلق الممثل جون ويلكس بوث النار على لينكولن لأنه كان غاضباً بسبب خسارة الجنوب في الحرب، فأصابه في رأسه. فارق لينكولن الحياة في صباح اليوم التالي. يُقال إن ماري تود، أرملة لينكولن، أعطت ملابس الأخير لألفونسو دون، شرطي سابق في واشنطن عمل حارساً في البيت الأبيض.

اعتادت السيدة لينكولن وهب الملابس وغيرها من الأغراض الشخصية بعد فقدانها شخص عزيز على قلبها، للتعبير عن حزنها وتفجّعها، بحسب الخبراء.

يؤكد متحف National Auctioneers أن دون، الذي واصل العمل في البيت الأبيض، رفض عروض كثيرين لشراء هذه الملابس، بمن فيهم ملِك السيرك فينياس بارنوم.

عام 1924، طرحت إبنة زوجة دون الملابس في مزاد علني في فيلادلفيا، لكن أحدهم دفع ثمنها 6500 دولار وسمح لها بالاحتفاظ بها، وفق رواية منشورة على الموقع الإلكتروني لمتحف المزاد العلني. عندما آلت الملابس إلى حفيدة دون، حاولت هي بدورها بيعها. عام 1968، بيعت الملابس بـ25 ألف دولار ووُهبت للمسرح، بحسب ما ذكرت الصحف آنذاك.

رُفع الستار عن الملابس في المسرح بعد يومين من حفلة إعادة افتتاحه في شهر يناير (كانون الثاني)، بعد انتهاء عمليات ترميم دامت سنتين، وعُرضت في متحف المسرح في الطابق السفلي، ثم وُضعت خلف زجاج واقٍ خاص ينقّي الضوء. يؤكد المسؤولون أنها لم تُرفع من مكانها إلا لتنظيفها وتقييم حالتها.

ذكرت هفنر التي قيّمت الملابس الشهر الماضي أنها ستقدّم تقريراً حول هذه الأخيرة إلى قسم «خدمة منتزهات الولايات المتحدة»، معبِّرة عن قلقها من عرض الملابس طوال اليوم: «إذا أمكنك رؤية المعطف من الشارع، فهذا دليل على أنه معرّض لكمية كبيرة من الضوء الذي يُلحق به ضرراً بالغاً. ما من سبيل إلى تصحيح هذا الضرر بعد وقوعه».

في المتحف القديم، الذي خلا من النوافذ وكان يُقفل ليلاً على حدّ تعبير مسؤولي قسم «خدمة المنتزهات»، وُضعت الملابس تحت ضوء اصطناعي.

قيمت الخبيرة في الأقمشة فوندا طومسون ملابس لينكولن بطلب من قسم «خدمة المنتزهات» عام 1990. توضح طومسون: «لا تضع قطعاً كهذه في الردهة. إذا اتصلت بأي خبير اختصاصي في الحفاظ على الأقمشة وسألته رأيه في وضع الملابس في الردهة، لا شك في أنه سيستاء كثيراً».

تذكر طومسون معرضاً في منتزه Grand Teton الأميركي قبل بضعة عقود تضررت فيه مجموعة من التحف التي تعود إلى الأميركيين الأصليين بسبب تعرّضها للضوء.

فضلاً عن ذلك، تؤكد سوناي بارك آفنز، خبيرة بارزة واختصاصية في الحفاظ على الأقمشة في متحف سميثونيان الوطني للتاريخ الأميركي، أن مجموعة المتحف من الأثواب التي ارتدتها زوجات الرؤساء تضررت بسبب تعرّضها للضوء في مبنى «الفنون والصناعات القديمة» في أواسط تسعينات القرن العشرين.

غرفة آمنة

ذكرت آفنز حديثاً أن المتحف بذل جهداً كبيراً ليحدّ من الضوء في معرض لثياب بنجامين فرانكلين، موضحة: «تخوض المتاحف كلها هذا النوع من الجدال».

في مسرح فورد، تصمَّم غرفة الردهة الزجاجية في استوديو Split Rock من سان بول في مينيسوتا، حيث ستوضع سائر ملابس لينكولن. تشكل هذه الغرفة الأسطوانية «غرفة عرض آمنة حديثة الطراز» مزوّدة بزجاج يحجب الأشعة ما فوق البنفسجية، بحسب رئيس الشركة كريغ سومرفيل، الذي رفض تقديم مزيد من التفاصيل.

يقول تيترولت، مدير المسرح، عن معطف لينكولن: «نعمل بدأب على ابتكار طريقة صيانة وتغليف مناسبة لهذه التحفة. حتى أننا درسنا إمكان وضع زجاج أقل شفافية على النوافذ المطلّة على الردهة». أما طوم شوارتز، مستشار في مشروع ترميم مسرح فورد (بلغت كلفته 50 مليون دولار) ومدير أبحاث في مكتبة أبراهام لينكولن ومتحفه الرئاسيين، فيؤكد أن ما من طريقة لحماية الملابس تماماً من الأشعة ما فوق البنفسجية: «ستعبر الزجاج دوماً كميات صغيرة من الأشعة». هكذا «تتلف الملابس تدريجاً، لكن في الوقت نفسه لا أعتقد أن بإمكاننا إخفاء التحف... فالناس يملكون الحق برؤيتها لوقت محدود وفي بيئة آمنة».

يقول المؤرخ ريتشارد نورتون: «نتوق دوماً إلى الاقتراب مما هو عظيم، خصوصاً إذا كانت عظمته أسطورية. برؤية هذه الملابس، يقترب معظم الناس... من لينكولن، رئيسنا الشهيد».

back to top