كويتيات منسيات... حياة لا إنسانية الانتهازية السياسية لقضية المرأة في الانتخابات وصمت الحكومة يحوّلان حياة 10 آلاف كويتية إلى جحيم

نشر في 12-09-2008 | 00:00
آخر تحديث 12-09-2008 | 00:00
No Image Caption
إذا كانت حياة الكويتية المتزوجة من غير كويتي تعد حياة لا إنسانية، خصوصاً في مجال السكن وتجنيس الأبناء، فإن الفئة الأكثر تضرراً تلك التي تقترن فيها الكويتية برجل من غير محددي الجنسية، إذ تخلو حياتهما من أي مقومات للعيش الكريم.

تعد قضية الكويتيات المتزوجات من غير كويتيين قضية متشعبة من زاويتين، فأولا يجب التفريق بين نوعين من الزواج، اذا كان من غير محددي الجنسية، او ممن يسمون بـ«البدون»، او الزواج من حملة الجنسيات المختلفة التي تخضع لقانون اقامة الاجانب.

وتعد الحالة الاولى اصعب لجهة ظروف المعيشة من المنتمين الى الشريحة الثانية، باعتبار ابناء المتزوجات من اصحاب الجنسيات المختلفة يُعاملون بحسب قانون اقامة الاجانب ولهم ما للاجانب من حقوق وواجبات.

اما الحالة الاخرى، فهي ذات صلة بطبيعة ونوع القوانين التي تسري على كل شريحة على حدة، وفي هذه ايضا تعد الشريحة الأولى، اي الكويتيات المتزوجات من عديمي الجنسية، أسوأ من حيث الظروف المعيشية.

واذا ما استثنينا مسألة الفوارق بين الشريحتين، فان هناك ثلاثة مطالب رئيسة كفيلة بحل مشاكلهم، وهي حق السكن والانتفاع به، حق التعليم، والحق في الحصول على جنسية للأبناء عند البلوغ.

حجم المشكلة

رئيسة لجنة انصاف المواطنة الكويتية د. خديجة المحميد والناشطة في هذا المجال، اكدت لـ «الجريدة» ان وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل قامت بعمل دراسة عام 1993، بينت فيها ان اعداد هذه الشريحة تصل الى 7947 حالة، منهن %48 متزوجات من غير محددي الجنسية، ما يعني النصف تقريبا.

وتضيف أن قانون الجنسية الكويتي الصادر عام 1959 في مادته الخامسة، لا يمنح الجنسية لابناء الكويتية المحافظة على اقامتها في الكويت، اذا كان ابوهم غير كويتي الا في حال طلاق والدتهم طلاقا بائنا او في حال وفاة الزوج، وانه على الرغم من التعديلات الكثيرة التي طالت القانون في الفترة من عام 1966 حتى 2004، لكن اي تغيير ايجابي لمصلحة هذه الفئة لم يحدث، مما ادى الى معاناة الكويتية وابنائها نفسيا واجتماعيا، لاسيما فئة الكويتية المتزوجة من غير محددي الجنسية. وتشير الاحصاءات الاهلية (غير الرسمية)، الى ان اعداد هذه الفئة تزايدت لتصل الى ما يقارب الـ10 آلاف حالة.

تناقض

ويمنح قانون الجنسية حق تجنيس غير الكويتية في حال زواجها من كويتي بعد اعلان الرغبة بذلك، وتقدر اعداد من حصلن على الجنسية الكويتية من المتزوجات من كويتي منذ اوائل التسعينيات من القرن الماضي الى الان نحو 30 الف امراة، وغالبا ما تنجح الكويتية المتزوجة من غير كويتي بهذا التناقض الذي يتضمنه قانون الجنسية، الذي لا يرسي قواعد العدالة والمساواة، فيما ترى الجهات الرسمية ان منح الجنسية حسب القانون الكويتي يتأسس على صلة الدم وليس الارض.

تعديل القوانين

وقد كان تعديل الكثير من القوانين، سواء التي شرّعها مجلس الامة او الحكومة، قد ادى الى تردي اوضاع هذه الشريحة، إذ حرم تشريع رقم 47/1993 الخاص بقانون الرعاية الاسكانية والذي وافق عليه مجلس الامة بعد تقديمه من الحكومة، حق المواطنة الكويتية الرعاية السكنية الذي كان معمولا به في السابق، حيث كانت تتمتع بهذه الرعاية بصفة ايجار، فجاء التعديل ليجعل السكن للاسرة الكويتية التي لا يقل عدد افرادها عن شخصين.

المطالب

وتقول د. خديجة المحميد التي تعمل مع عدد من الناشطات من النساء، منهن خولة العتيقي ومثال العرادي وعائشة الرشيد وترفة العنزي ورولا دشتي، ضمن 3 لجان شعبية، هي «كويتيات منسيات» وتجمع «تنامي» ولجنة «انصاف المواطنة الكويتية»، تقول إن نشاط هذه اللجان توج بتقديم عدد من المقترحات للجنة المرأة في البرلمان، وتضمنت 15 بندا اساسيا كشرط لتحسين ظروف هذه الفئة في مجالات الجنسية والتوظيف والتعليم والصحة وغيرها.

لكن اوجه المعاناة تكون اشد اذا ما تركز الحديث عن الكويتيات المتزوجات من «البدون»، بسبب ان معاناة هذه الشريحة عمرها خمسون عاما من دون حل ناجح وواضح، وهو ما يلقي بظلاله على الكويتيات اللاتي يتزوجن منهم.

ويمكن تلخيص ابرز هموم ومعوقات فئة الكويتيات المتزوجات من «البدون» بما يلي:

عدم تثبيت عقود الزواج، وعدم صرف شهادة الميلاد لابناء هذه الشريحة، ومنع استخراج اجازة قيادة السيارة وتسجيلها، كما لا يشملهم حق الاقامة والتعليم والعمل، ولا يملكون وثائق سفر، ويسبب هذا التقييد مآسي اجتماعية كبيرة يكابدها الاطفال وباقي افراد الاسرة كل عام.

ما العمل؟

تعتبر هذه القضية من القضايا المتشعبة التي تمس قوانين معمولا بها في البلاد، كقانون الجنسية والاسكان والرعاية الاجتماعية والصحية والتعليمية، وعلى ضوء ذلك فان الجهد التشريعي يضع على راس اولوياته تغيير اوضاع هذه الفئة، لاسيما قانون الجنسية الذي يشكل بوابة لحل الكثير من الاشكالات الاخرى التي تعرضت لها على مدار سنوات مضت من مزايدات سياسية وانتخابية لم تحسن احوال اكثر من 10 الاف حالة لمواطنات كويتيات، كما ان استمرار تحرك المجتمع المدني لانصاف هذه الشريحة سيؤدي الى نتائج ايجابية.

فهل تستطيع السلطتان التنفيذية والتشريعية اصلاح اوضاع الكويتيات المتزوجات من غير كويتي؟

مطالب الكويتيات المتزوجات من غير كويتيين

تقدمت كل من لجنة «كويتيات منسيات» في الرابطة الوطنية للأمن الأسري «رواسي» ولجنة انصاف المواطنة الكويتية، إلى لجنة شؤون المرأة البرلمانية بعدد من المطالب لنيل الحقوق المدنية للكويتيات المتزوجات من غير كويتي وحقوق ابنائهن، لتصاغ بنصوص قانونية ملزمة لتحقيق العدالة وفق بنود الدستور الكويتي، وهي ما يلي:

1- تحقيق العدالة الاجتماعية بين الرجل والمرأة، تطبيقا للمواد الدستورية 7 و8 و29.

2- تحرير عقود الزواج للكويتية المتزوجة من غير محددي الجنسية «البدون».

3- استخراج شهادات الميلاد لأبناء الكويتيات المتزوجات من غير محددي الجنسية، سواء الذين ولدوا داخل الكويت أو خارجها، كما حصل للبعض في أثناء فترة الغزو الصدامي لينالوا الرعاية الصحية والتعليمية.

4- يحق لأبناء الكويتيات المتزوجات من غير كويتيين او غير محددي الجنسية، التمتع بالرعاية الصحية الكاملة اسوة بابناء الرجل الكويتي، وذلك في جميع وجوهها من مجانية العلاج ومجانية الأدوية.

5- اصدار بطاقات الاعاقة لذوي الاعاقة من أبناء الكويتيات المتزوجات من غير كويتيين او غير محددي الجنسية اسوة بأبناء الرجل الكويتي، وصرف الاعانة الاجتماعية لهم والاجهزة التكميلية او التعويضية كالكراسي المتحركة والحفاظات والجباتر وغيرها.

6- يحق لأبناء الكويتيات المتزوجات من غير كويتيين او غير محددي الجنسية التعليم بجميع مراحله العام والعالي، أسوة بأبناء الرجل الكويتي، وصرف الاعانة الاجتماعية لهم في الجامعات والمعاهد والكليات التطبيقية.

7- فتح باب التوظيف لابناء الكويتيات المتزوجات من غير كويتيين او غير محددي الجنسية في كل مرافق الدولة.

8- منح الموظفات والعاملات الكويتيات المتزوجات من غير كويتيين او غير محددي الجنسية العلاوة الاجتماعية بفئة متزوج.

9- منح الموظفات والعاملات الكويتيات المتزوجات من غير كويتيين او غير محددي الجنسية علاوة الاولاد، وتحق لهن هذه العلاوة بعد الطلاق او وفاة الزوج اذا كن حاضنات لاولادهن.

10- معاملة ابناء الكويتيات المتزوجات من غير كويتيين او غير محددي الجنسية معاملة الكويتيين في جمعيات النفع العام والاندية والاتحادات الرياضية.

11- منح ابناء الكويتية المتزوجة من غير كويتي او من غير محددي الجنسية حق الاقامة الدائمة في الكويت.

12- تمكين الكويتيات المتزوجات من غير محددي الجنسية من ضم مواليدهن إلى البطاقة التموينية، حيث يتعذر عليهن ذلك بسبب عدم الحصول على شهادة ميلاد لهم.

13- منح ابناء الكويتيات المتزوجات من غير كويتيين او غير محددي الجنسية البطاقة المدنية التي تثبت شخصيتهم وتحفظ حقوقهم وكرامتهم الانسانية.

14- الحصول على حق السكن اسوة بالرجل الكويتي للفئات التالية:

- المواطنة الكويتية المتزوجة من غير كويتي او من غير محددي الجنسية.

- ارملة غير الكويتي او غير محددي الجنسية متى كان لاي منهن ولد او بنت (وفي الحالة الاخيرة يلزم تغيير مفهوم الاسرة القاضي بحق السكن ليشمل الام وابنتها)، بشرط ان تمتد الرعاية السكنية بعد وفاتها الى ابنائها، حيث يحق لهم البقاء في المسكن حتى زواج جميع البنات وتمكّن الابناء من العمل.

- الارملة ومطلّقة الكويتي في حين ليس لاي منهما ابناء ولا معيل في السكن.

- الكويتية غير المتزوجة التي لا معيل لها في السكن.

- الغاء كل القوانين المعطلة لحق هذه الفئات في الرعاية السكنية.

15 - تجنيس ابناء المواطنة الكويتية المتزوجة من غير محددي الجنسية، ويخير ابناء الكويتية المتزوجة من غير كويتي ويحمل جنسية اخرى لابناء الكويتية المتزوجة من غير كويتي ويحمل جنسية اخرى، ان يخيروا بين جنسية الام او الاب.

التحرك الشعبي

• كانت اول انطلاقة شعبية نسائية لإثارة ملف هذه الشريحة بعد حصول المرأة الكويتية على حقوقها السياسية في 16 مايو 2005، عبر تنظيم اهلي أُطلق عليه اسم «كويتيات منسيات».

• تقول الناشطة د. خديجة المحميد، ان اول ملتقى جماهيري لدعم هذه الشريحة كان قد عُقد في منطقة الصليبية، حيث تسكن اعداد كبيرة من هذه الفئة، بالاضافة الى منطقة تيماء في الجهراء، وكان هذا الملتقى قد عُقد في 4 مارس 2006 واتيحت الفرصة لاعداد منهن للحديث المباشر إلى الحضور الحاشد.

• قالت المحميد ان لقاء لجنة «كويتيات منسيات» مع سمو رئيس مجلس الوزراء، اثمر قرارا يكفل تجديد البطاقات الامنية لفئة البدون بعد فترة ركود طويلة، واعتُمدت في مراجعات افراد هذه الفئة في القرارات كبطاقة شخصية.

• تزايد الحديث بشكل مكثف عن معاناة البدون، لاسيما الكويتيات المتزوجات من افراد هذه الفئة، وذلك في الحملات الانتخابية في يوليو 2006، وكانت اكثر الجهود الشعبية جرأة وحماسة اللقاء الجماهيري الذي عُقد في 4 نوفمبر 2006 برعاية الجمعية الكويتية لحقوق الانسان بعنوان «البدون يتحدثون».

اهتمام سمو الأمير

استجاب سمو امير البلاد الى نداءات صحافية اطلقتها اللجنة الاعلامية في تجمع «كويتيات منسيات»، لاغاثة الحالات الصحية والسكنية الماساوية لابناء هذه الفئة، وقد أُعلن عن ذلك في 20 يونيو 2008 بالصحف.

حالة مأساوية

تروي د. خديجة المحميد قضية ام كويتية متزوجة من غير محددي الجنسية، مصابة هي وابنتها بمرض الفشل الكلوي، ولكون ابناء «البدون» غير مشمولين بالرعاية الصحية، فقد طلبت إلى المركز الصحي منح علاجها ككويتية الى ابنتها البدون في واحدة من اشد الحالات قسوة ومعاناة!!

الرعاية السكنية للمرأة الكويتية

حسب القانون الحالي تمنح الرعاية السكنية بموجب القانون رقم 47 لسنة 1993، وبموجب القرار الوزاري رقم 564 لسنة 1993 للحالات التالية: أولاً: زوجة لرب الاسرة الكويتي. ثانياً: مُطلّقة حاضنة لابناء من رب الاسرة الكويتي. ثالثاً: ارملة رب الاسرة الكويتي ولديها ابناء. رابعاً: امرأة كبيرة في السن لم تتزوج، او مطلقة لم تُرزق بابناء. او انتهت حضانتها لابنائها او ارملة لم تُرزق بابناء او ان ابناءها كبروا وكوّنوا اسراً بزواجهم، او وحيدة ولا تندرج ضمن اسرة كويتية. خامساً: زوجة او مطلقة او ارملة غير كويتي ولها منه ابناء.

مقترح لتعديل قانون الجنسية

تقدمت الرابطة الوطنية للامن الاسري «رواسي» بمقترح تعديل قانون الجنسية وجاء كما يلي:

المادة الاولى

يتم تعديل الفقرة الاولى من المادة الثالثة من قانون الجنسية لتصبح كالتالي:

- يجوز بمرسوم بناء على عرض وزير الداخلية، منح الجنسية الكويتية لكل من ولد في الكويت او في الخارج من ام كويتية وحافظ على اقامته العادية في الكويت حتى بلوغه سن الرشد، ويجوز بقرار من وزير الداخلية معاملة القُصّر ممن تتوافر فيهم هذه الشروط معاملة الكويتيين لحين بلوغهم سن الرشد.

المادة الثانية

- تلغى الفقرة من المادة الخامسة من قانون الجنسية.

back to top