قيادات لبنانية ترى في خطاب الأسد في الدوحة خطوات استباقية لاحتواء أي استهداف لسورية
كان خطاب الرئيس السوري في قمة الدوحة محور تحليل وقراءة من قيادات لبنانية فسرت أهدافه.
تابعت القيادات السياسية اللبنانية باهتمام مضمون كلمة الرئيس السوري بشار الأسد في افتتاح قمة الدوحة، لاسيما في ما يتعلق بالوضع اللبناني، وبالوضع العربي وانعكاساته وتأثيراته على الاستحقاقات اللبنانية. وأبرز ما توقفت عنده هذه القيادات، ملاحظات أوردتها على الشكل الآتي: 1- مقاربة الأسد للمبادرة العربية للسلام، تخفي في طياتها محاولة لإعادة الإمساك السوري بالورقتين اللبنانية والفلسطينية، لتدعيم موقف دمشق في المفاوضات الثنائية غير المباشرة مع إسرائيل. ويرى بعض القادة اللبنانيين أن قول الأسد إن أي مبادرة عربية يجب أن تأخذ برأي الدولة المعنية قبل طرحها، وبالتالي فإن أي مبادرة في شأن الصراع العربي- الإسرائيلي يجب أن تأخذ في الاعتبار رأي كل من سورية ولبنان وفلسطين، يعبر عن النظرة السورية الى المرحلة المقبلة، ذلك أن دمشق في رأي بعض القيادات اللبنانية تحاول استعادة موقعها على الساحتين اللبنانية والفلسطينية بمساعدة من إيران، بما يسمح لها بإدارة الواقعين اللبناني والفلسطيني بمعزل عن الغطاء العربي الذي يظلل الساحة اللبنانية منذ الانسحاب العسكري السوري في عام 2005، والذي بدأ يظلل الواقع الفلسطيني منذ ما بعد حرب غزة الأخيرة. 2-مقاربة الأسد لمسألة «عدم جواز تقدم الشرعية الدولية على الشرعية المحلية». وقد رأت القيادات السياسية اللبنانية المحسوبة على قوى «14 آذار» في هذه المقاربة «اجتهاداً» سورياً تعمل دمشق على توظيفه في المسألة المتعلقة بالمحكمة الدولية الخاصة بجريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري ورفاقه والجرائم المتصلة على قاعدة سبق لسورية أن أعلنتها، وهي أنها لن تسلم أي سوري قد تطلبه المحكمة الدولية، بل ستحاكم من يثبت تورطه في الجريمة أمام المحاكم السورية. 3-مقاربة الأسد لمسألة مذكرة التوقيف الصادرة عن محكمة الجزاء الدولية في حق الرئيس السوداني عمر البشير، من زاوية أن المذكرة هي مقدمة لعملية استعمارية جديدة تهدف الى تقسيم أراضي السودان وشعبه ووضع اليد على خيراته الطبيعية والاقتصادية. وفي رأي القيادات اللبنانية القريبة من الأكثرية النيابية الحالية، فإن الأسد يحاول تكريس سابقة عربية في رفض توقيف أي رئيس دولة، من منطلق أن للتوقيف خلفيات «استعمارية دولية» لا قواعد «قانونية جزائية»، ليصبح بإمكان سورية الاستفادة منها إذا وصلت المحكمة الدولية الخاصة بلبنان الى مرحلة لامست تحقيقاتها أيا من أركان القيادة السورية. وتعتبر هذه القيادات أن مضمون خطاب الاسد دليل على أن دمشق لاتزال ترفض مقاربة الخلافات العربية من زاوية استراتيجية تقوم على أساس الانقسام في شأن طبيعة المشروع الإيراني في المنطقة العربية، وطريقة التعاطي معه. ففي حين تعتبر كل من المملكة العربية السعودية ومصر أن جوهر الخلافات العربية ناجم عن دعم بعض الدول العربية للطموحات الإيرانية في العمق الحيوي للعالم العربي، على حساب دور دول محورية كالسعودية ومصر، وعلى حساب سيادة الشعبين اللبناني والفلسطيني، تؤكد دمشق ومعها قطر أن الدور الإيراني يندرج في إطار دعم المصالح العربية في مواجهة إسرائيل، وهما على هذا الأساس تسهلان بناء إيران أكثر من رأس جسر في العالم العربي، وخصوصا من خلال حركة حماس وحزب الله اللذين يحظيان بدعم سوري- قطري وبغطاء معنوي وسياسي وأمني وعسكري ومالي من جانب دمشق والدوحة على حساب السلطة الوطنية الفلسطينية والأكثرية النيابية في لبنان.