راتب البنت!

نشر في 25-03-2009
آخر تحديث 25-03-2009 | 00:00
 مظفّر عبدالله يعمد كثيرون من أولياء الأمور إلى السطو المسلح على رواتب بناتهم فور تسلمهن الوظيفة، وهو سلوك لاأخلاقي، يصوِّر البنت مِلكاً خاصاً بما تحمل، ويشيع مثل هذا التصرف الخاطئ جواً من الكراهية، ويصدِّر مشكلات اجتماعية لحياة الأبناء بعد زواجهم مستقبلاً.

أول العمود: لن أستمع إلى أي من المرشحين... لأن الكويت لا تحتاج إلى انتخابات!

لاتزال النظرة الدونية للنساء تلف أسلوب الكثير من أرباب الأسر في التعامل معهن، وهذا موضوع متشعب وفيه من القصص الكثير، وما أود الحديث عنه هنا هو ظاهرة «السطو المسلح» الذي يقوم به أولياء أمور على رواتب بناتهم بعد استلامهن الوظيفة، وهو منطق عدائي مثير للحنق ويؤدي إلى خلق أجواء من الكراهية في البيوت، إذ يعمد هذا الأب الجاهل أو ربما الأم في بعض الأحيان إلى «تدبيس» البنت بقرض مالي بضمان راتبها فور توظفها من أجل ترميم المنزل أو إعانة الشقيق على مصاريف زواجه، وفي الغالب تكون بطاقة السحب الآلي التي تخص هذه الصغيرة المسكينة بيد «العمدة»... زعيم الأسرة الذي يصرف لها مبلغاً زهيداً من راتبها لاقتناعه بأن البنت لاتحتاج إلى المال طالما تعيش في كنفه.

هذا السلوك إجرامي بامتياز، فهو يلغي كيان البنت ويعدم شخصيتها داخل الأسرة، ويصادر حقها في أن تتمتع بمدخولها المادي، ويثير الحقد تجاه ولي أمرها، ويخلق شخصية مهزوزة لا تصلح لاحقا أن تفتح بيتاً وتكوِّن أسرة، وربما كان ذلك سبباً في خلق مشاكل لاحقة بين الأزواج الجدد نتيجة جو عدم الثقة الذي مارسه الوالد على أبنائه.

موضوع المال والادخار والصرف على احتياجات الأسرة يشكل سبباً وراء الكثير من المشاكل الأسرية، وهو يتطلب توعية مبنية على الأحكام الشرعية والأخلاقية والتربوية السليمة وعلم الاقتصاد المنزلي، وهي عوامل تعضد بناء شخصية صحية لأبنائنا كي يقوموا بواجبهم المستحق تجاه والديهم طواعية ودون إكراه كما يحدث في المثال الذي نتحدث عنه هنا.

نعم مطلوب من الأبناء أن يساعدوا أولياء أمورهم متى ما طلبوا ذلك، لكن المرفوض هو النظر إلى راتب الأبناء، وكأنه حق يسترده الأب من أبنائه باعتباره ديناً لما قام به تجاههم طوال سنوات تربيتهم... فهذه نظرة شاذة بحاجة إلى تقويم. والأسى الذي يصيبنا من مطالعة نسب الطلاق في الكويت يجب أن يذكرنا بأساليب التنشئة للأبناء قبل إقدامهم على الزواج، فالتربية والتعامل داخل الأسرة عنصران مهمان يسهمان في تكوين شخصيات أمهات وآباء المستقبل.

لهذا النوع من الآباء نقول: تربيتك لأبنائك والصرف عليهم واجب عليك وليس مِنّة، ومصادرة حقوقهم عند الكبر جريمة، فكل إنسان له تطلعات واحتياجات يجب أن تُحترم، وإن كنت بحاجة إلى مساعدة ابنتك أو ابنك، فاطلب منهم ذلك، وردهم عليك في تلك اللحظة سيكون اختبارا لسنوات تربيتك لهم.

back to top