الحريات المدنية وحجاب أسيل ورولا

نشر في 23-05-2009
آخر تحديث 23-05-2009 | 00:00
 طالب المولي مفهوم الحرية عبر رحلة الإنسان الطويلة نحو التطور والحداثة أخذ أشكالا للصراعات عبر التاريخ الدامي لتأسيس هذا المفهوم، وهو بؤرة الصراع بين العبودية والحرية، بين الفكر الحي والمتجدد والفكر الانغلاقي الراكد، وهو صور متعددة للصراع غير المتكافئ بين فئة المستعبدين والإقطاعيين بصورهم الجديدة والمختلفة.

الحرية هي ديمومة الحياة وتجددها الجميل دون وصاية أو فرض على الآخرين في تشكيل حياته عبر قناعاته الخاصة التي قد تكون في الأغلب خاطئة، ولكنها حرية تخضع لمعايير عقلية بحتة دون الاتجاه لفرض نموذج خاص يسعى إلى تطبيقه على الآخرين بتعسف وتطرف.

بدأت معركة التيار الديني من جديد ضد النائبتين الدكتورتين الفاضلتين رولا دشتي وأسيل العوضي اللتين ستواجهان قوى التخلف بعد أن اندحر التيار الديني وتقهقر في الانتخابات الأخيرة، خيارات التيار الديني أصبحت في قضايا هامشية وغير مجدية إلا للتكسب السياسي أو لتعريف قواعدهم الانتخابية بوجود التيار الديني وقوته في المجلس، وفي بداية دور انعقاده كبداية لعودة الفكر المتطرف الذي لم يفق من هول وصدمة الخسارة المدوية في انتخابات 2009، ولعل الأمر لن يقف عند هذا الحد وفقا لأجندة التيارات الدينية التي لم تكن يوما مع قضايا التنمية والحرية وحقوق الإنسان بل ستتعدى لإثارة الفتن وسوق المجتمع لهاوية التردي والفكر المتخلف.

إن جعجعة التيار الديني ونوابه ما هي إلا زوبعة في فنجان، وسيعودون للصمت بعد أن يسجلوا موقفا متخلفا جديدا يضاف إلى سجلهم الحافل بالترهات والعبط السياسي، متناسين بذلك وجود وزيرتين سافرتين في الحكومة السابقة، وكان من الأجدى فرض الحجاب عليهما لأنهما جاءتا تعيينا، وليس انتخابا من الأمة والشعب، ولكن هل تستمر تلك الثقافة المتخلفة وتستمر معها ثقافة الوصاية على الحريات الشخصية؟ أم أنها استمرارية طبيعية لاستمرار نهج التيار الديني في فرض الوصاية على المجتمع المدني الحر؟

ثقافة الوصاية على الآخرين ما هي إلا سلسلة للثقافة الراديكالية من التيارات الدينية التي تعاني غياب وعي النواب ووعي الجمهور عن الثقافة الديمقراطية وبنيتها العلمانية في فصل الدين عن الدولة، والتي وضع أسسها الآباء المؤسسون، والحرية قيمة رئيسة لقيام الدولة المدنية التي لا تخضع لإيديولوجيات متطرفة، وإن كانت هي الأغلبية الساحقة في أي مجلس، وتبقى الديمقراطية وآليتها هي رهن لأمزجة وأهواء المتطرفين في صياغتها بصورة مشوهة وولاتها ولادة قيصرية لجنين مشوه أو مجنون.

الحريات الشخصية الفردية يجب أن تتحرر من هيمنة الإنسان وجعلها من المقدسات الخاصة لبني البشر، لا إبداع بغير الحرية ودون أن تتحرر المرأة من كونها تابعة أو ملفا خاصا بيد الرجل أو ولي الأمر، لا يمكن للمرأة أن تسير بخطى ثابتة نحو التمدن والحضارة، بعد أن جعلها التاريخ تابعا أعمى لوصاية الرجل وهيمنة الفكر والتقاليد والعادات الشرقية المتهالكة.

وأتمنى أن يعي الشعب الكويتي أن لجنة الظواهر السلبية سيئة الذكر وثوابت الأمة بشقيه الشيعي والسني والضوابط الشرعية لإقامة الحفلات في الكويت لم تكن أبدا من غضبة التيار الديني على قيم المجتمع ومقدساته، بل كانت تكسبا سياسيا فقط، وإلا أين تلك اللجان المتعددة وضوابطها من الحفلات (ليالي فبراير) وتأنق المغنيات الزائد عن الحد المطلوب لدى تلك اللجنة؟ أم أن الداعية نبيل العوضي هو المحلل الشرعي للطلاق البائن من خلال مشاركته في فعاليات ليالي فبراير المجيدة؟ أم هل سيتعرض أولئك الغاضبون لسيدات من الأسرة إن دخلن المجلس وهن سافرات؟! وهل سيتم فرض اللحى على الرجال باعتبار اللحية من واجبات الرجل الدينية؟ أم أن الثقافة الذكورية هي المتسيدة من قبل الفقهاء الذكور؟!

الأيام ستثبت لنا ولكم ازدواجية المعايير الدينية لأصحاب التيار المتأسلم.

back to top