حمد الحمد: الكاتب يئن بين فكي الرقابة وإرهاب المجتمع التجمعات الاحتجاجية أمام معرض الكتاب يجب أن تنتهي

نشر في 31-10-2008 | 00:00
آخر تحديث 31-10-2008 | 00:00
يرى رئيس رابطة الأدباء أن رقابة المجتمع أشد خطورة من المؤسسات الرقابية الحكومية التي تسعى إلى ارهاب الكتاب وتخويفهم.

أكد رئيس رابطة الأدباء حمد الحمد أن المؤسسة الرقابية في وزارة الإعلام تحظر العديد من الكتب وتمنع تداولها في معرض الكتاب حيث تتصدر الإصدارات ذات البعد الفكري والسياسي قائمة الكتب المقبوض عليها والمحكوم عليها بالمنع المؤبد، موضحاً أن التشريع القانوني يسعى إلى حفظ الأمن في البلاد اذ يحظر القانون الكتب التي تتضمن إساءة للأديان أو إثارة البغضاء وإثارة الفتن كما تمتد قائمة الحظر الكتب التي تتعمد اثارة النعرة الطائفية، مشيراً إلى أن هذه المحاذير من السهولة المحافظة عليها والالتزام ببنودها لكن المشكلة تكمن في الرقابة المجتمعية المتشددة التي تعمل على إرهاب الكاتب وتخويفه لأنه يجهل حدود المحاذير الرقابية، معتبراً هذه النوعية من الرقابة أشد وطأة من محاذير مؤسسات الوصاية الفكرية، ويحاول الكاتب الانسجام مع النظام الرقابي المكتوب من خلال التقيد بالضوابط المتعارف عليها، لكن المعاناة الحقيقية التي يعانيها الكاتب تتمثل في الرقابة المجتمعية الفضفاضة التي لا يستطيع أي كاتب فك رموزها والتأقلم معها، لأن ثمة مشكلات حدثت في السابق بشأن صورة أو كلمة تم نشرها دفعت بعض المتشددين إلى القيام بتهديد الكاتب بالقتل أو الإساءة لشخصه والتجريح وسواها من الأمور المرفوضة.

يشيرالحمد إلى أن الرقابة الاجتماعية هي أكثر أنواع الرقابة خطورة لاسيما أن أمزجة أفراد المجتمع ليست على حد سواء اذ انه من الصعب السيطرة على ردود فعل أفراد كل المجتمع بمختلف أطيافه وانتماءاته وثقافته، فلن يستطيع الكاتب التعامل مع هذا الكم الكبير والتباين الشاسع في الأمزجة، لكن من السهل التعامل مع محاذير قانون معين.

يلقي الحمد باللائمة على بعض أعضاء مجلس الأمة - الذين ينتمون إلى تيارات دينية- حيث لا يمتلكون القدرة على مناقشة القضايا الكبرى مثل قضايا البورصة والأموال والتعليم بصورة دقيقة فيضعوا جل تركيزهم في هذه النوعية من القضايا كمراقبة الكتب والإبداع والفنون، باحثين عن إثبات الذات من خلال تسليط الضوء على هذه القضايا ونشر صورهم في الصحف اليومية نظراً لتفاعل هذه القضايا وأهميتها لدى دور النشر والمؤسسات الثقافية.

كما أوضح الحمد أن لتلك الممارسات تأثيراً عميقاً في حركة الإبداع لاسيما في ما يخص أهمية معرض الكتاب في الكويت، ما دفع أصحاب دور النشر العربية إلى استبعاد أي كتاب يتوقعون أنه قد يثير حفيظة الرقابة في الكويت، مفضلة إرسال قائمة كتب تعنى بشؤون الطبخ وكتب دينية وكتب قديمة أخرى لن تعترض عليها الرقابة.

وتابع الحمد: «أحرص على شراء الكتب التي أريدها من معارض الدول العربية الأخرى مثل معرض الكتاب في مصر والامارات ولبنان لأن ثمة نوعيات من الكتب غير موجودة في معرض الكويت للكتاب لاسيما الكتب الفكرية التنويرية أو كتب النقد الديني».

آلية الرقابة

كما أسف الحمد للآلية المتبعة من قبل الجهات الرقابية في الكويت منفذة قرار منع كتاب يتألف من 500 صفحة بسبب كلمة أو بضع كلمات صنفها الرقباء بأنها تتضمن إساءة ولا يجب السماح بتداول هذا الكتاب في الكويت متحسراً، ينطبق هذا الكلام أيضاً على دواوين الشعر والكتب التي تتضمن بعض المقاطع من القصائد.

وأثنى الحمد على الكاتب الكويتي الذي يطرح أفكاره وموضوعاته بحيادية وشفافية متجنباً التجريح والإساءة إلى أفراد مجتمعه ملتزماً برقابته الذاتية حيث يحاول الانسجام مع متغيرات الحياة العصرية، بيد أن هذا الكاتب الملتزم لا يستطيع أحياناً فهم بعض بنود المحاذير الرقابية لاسيما أن هذه البنود تتضمن كلمات ومفردات «مطاطية» ومنها عدم الإساءة إلى الصحابة، متسائلا من هم الذين تشملهم هذه المفردة وكذلك «الأخلاق العامة» فهي مبهمة ولا تحدد أموراً واضحة بعينها؟.

رقابة المجتمع

يقترح الحمد على الكاتب الكويتي الذي يصطدم مع الجهات الرقابية وتفرض هذه المؤسسات عدم إجازة أعماله الأدبية والفكرية اللجوء إلى القضاء الكويتي لاسيما الكاتب الذي يشعر بهضم حقوقه واهدار نتاجه الأدبي أو الفكري الذي يعتز به، مشيراً إلى لجوء أحد المنتجين الكويتيين إلى القضاء بعد عدم إجازة عمله السينمائي من قبل الرقابة حيث أصدرت الرقابة قراراً يحظر عرض الفيلم في دور السينما الكويتية، وبعد سجال قضائي حصل الفيلم على حكم الإجازة من المحكمة، مؤكداً أنه لا يرى أي جدوى من الاحتجاج السلمي أو التظاهر أمام معرض الكتاب، معتبراً هذه الخطوة إضاعة وقت، مقترحاً اتباع خطوات عملية عن طريق اللجوء إلى القضاء.

كما أوضح الحمد أن الكاتب العربي عموماً يعاني وطأة الرقابة من عدة جهات متنوعة حكومية ومجتمعية، مبينا أن الكاتب يعيش مأزقاً لأنه يقع بين فكي رقابتين حكومية ومجتمعية كما حدث للكاتب فرج فودة حيث لم تحاربه السلطة في مصر والجهات الرقابية إنما جاءته الهجمة الشرسة من مؤسسات المجتمع المدني، محدداً الأخطار التي تؤرق الكاتب الكويتي كالقتل ومحاولة الاغتيال والاعتداء بالضرب والتشهير إلى ذلك من الأمور الأخرى التي تعمل على نبذ الكاتب من محيطه الاجتماعي.

وتابع الحمد حديثه: أعتقد أن فترة الستينيات والسبعينيات هي الأبرز حيث كان كانت السلطتان التشريعية والتنفيذية تنعمان بالانسجام والتفاهم لأن معظم أفرادهما من التيار الليبرالي وكانا يسيران ضمن المسار ذاته حيث أبديا اهتماماً كبيراً بالثقافة والفنون والمسرح وسعيا معاً إلى فتح الحريات، لكن بعد هذه الفترة المميزة تحولت الأمور وجاء عصر سيطرة التيارات الدينية على السلطة التشريعية، وكانت النظرة السائدة في هذا التوقيت الخوف من المستقبل والعودة إلى الماضي أو الخلف وجاء تعارض التوجه بين السلطتين ضد مصلحة الثقافة والفنون ثم سارت الحكومة في اتجاه التيار الديني إلى أن آلت الأمور إلى ما وصلنا إليه .

جدية الحكومة

كما أكد الحمد أن الكويت تسير في خط متواز ونعيش أوضاعنا الداخلية دون القفز إلى الأمام بخطوات كبيرة وإهمال الثقافة الفنون أدى إلى عدم التطور والوقوف والمراوحة في مكانها، متسائلاً هل الحكومة جادة في دعمها للإبداع والكاتب ووضع حجر في مياه الأدب والثقافة الساكنة لتحريكها، مشيراً إلى أن القراء ليسوا تلاميذ تملي عليهم السلطة ما يقرؤون، ويأسف الحمد على الوضع الراهن حيث تتعامل الحكومات العربية مع المواطنين بنظرة قاصرة وتقرر ما يقرأه المواطن.

يوضح أن الرقابة على الكتب في عصر الإنترنت رقابة يشوب عملها الكثير من التساؤلات وهي مجرد حضور رمزي يستهدف في الغالب إرضاء بعض الشرائح الاجتماعية التي تؤثر على الشكليات التقليدية للوصاية الفكرية، لأنك إن نجحت في منع الكتاب الورقي فماذا بوسعك أن تعمل لصد الكتاب الإلكتروني؟

ويضف الحمد: «بصراحة في أحد معارض الكتاب قامت الجهات الرقابية بسحب احد الكتب المعروضة في المعرض مستغرباً الطريقة التي تم بها تطبيق هذا القرار كنت آمل أن تتم مخاطبة الجهة المعنية ثم تتكفل هي باتخاذ هذه الخطوة».

وعن صلة الرابطة بالمؤسسات الإعلامية والثقافية الحكومية ذكر أن رابطة الأدباء لها علاقة مميزة بالمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب وكذلك وزارة الإعلام ولكن لكل جهة ايديولوجية عمل مختلفة.

back to top