حكومة... للخلف در

نشر في 04-01-2009
آخر تحديث 04-01-2009 | 00:00
 فالح ماجد المطيري كيف سيكون لحكومة تهتز أمام صرخات معارضيها وتتساقط حججها في الدفاع عن وجهة نظرها كتساقط أوراق الخريف بسبب نسمة هواء عابرة، القدرة على تحويل الكويت إلى مركز مالي وتجاري؟!

منذ أكثر من عامين، ونحن نسمع بشكل مستمر مصطلح «تحويل الكويت إلى مركز مالي وتجاري»، وأصبح هذا المصطلح «لازمةً» في تصريح أي مسؤول حكومي بداعٍ أو من غير داعٍ، وكان هذا الشعار هو العنوان الرئيس لمؤتمر سفراء الكويت في الخارج الذي انتهى منذ أيام، وسيعقد خلال الشهر الجاري المؤتمر الاقتصادي العربي في الكويت تحت نفس العنوان، ولكن الغريب في تصرفات حكومتنا الرشيدة، وهي دائما رشيدة شئنا أم أبينا، أنها توحي بعكس ذلك، فلم يمر على تاريخ حكومات الكويت حكومة بهذا الضعف والانهزام أمام صيحات النواب المعارضين لمشاريعها حتى إن هي أوحت في البداية بأهمية هذه المشاريع، لم يمر على الكويت حكومة تتخلى عن وزرائها والمؤيدين والمدافعين عن وجهة نظرها مثل هذه الحكومة، والأمثلة على ذلك كثيرة بدءاً من إلغاء مشاريع الـ«BOT» مرورا بشركة «أمانة للتخزين» وصولا إلى مشروع «داوكيميكال»، هذا المشروع الذي ملأت الحكومة فضاءنا الإعلامي صياحاً بأهميته، وأنه مشروع القرن بالنسبة للكويت على المستويين الاقتصادي والنفطي، وحشدت الكتّاب والمتخصصين في الشؤون النفطية لتسويقه، وللدفاع عن وجهة نظرها، واستنفر وزير نفطها السيد محمد العليم كل جهوده وحفز كل طاقاته لتسويق المشروع إعلاميا، وقد نجح في ذلك إلى حد ما، وخلقت الحكومة، ولأول مرة وفي تصرف غريب عليها لم نتعوده منها، جواً يوحي بأنها ماضية في المشروع إلى النهاية، وتصلبت برأيها أمام مطالبات النواب والعديد من الكتّاب للتخلي عن المشروع، وهي صلابة مستغربة من حكومة تعودنا منها على الرخاوة في مواقفها، ولكن وكما يقول المثل «عادت حليمة لعادتها القديمة» وبما أن حكومتنا رشيدة رغما عنا كما أسفلت، فسنغير المثل ونقول «عادت رشيدة لعادتها القديمة» وبشكل مفاجئ عادت لتلغي المشروع تاركة مؤيديها ووزير نفطها مكشوفين في العراء، وأصبح السيد العليم هدفاً سهلاً لكل حملات التشكيك بسبب استماتته في الدفاع عن مشروع ألغته الحكومة التي هو وزير فيها بداعي عدم أهميته، وأنه يمثل خسارة للكويت في الوقت الحالي، ووضعته في موقف لا يحسد عليه، وأنا أقولها له بكل صراحة ومحبة، احتراما لتاريخك السياسي وتوافقاً مع قناعاتك لا تعد إلى هذه الحكومة في التشكيل القادم لو عرضوا عليك ذلك.

أعود إلى بداية الموضوع، وأقول: حكومة بهذه العقلية الانهزامية والتعود على التراجع عن جميع قراراتها، كيف سيكون لها القدرة على إعطاء الأمان لأي مستثمر محلي أو أجنبي للاستثمار في الكويت؟حكومة تهتز أمام صرخات معارضيها وتتساقط حججها في الدفاع عن وجهة نظرها كتساقط أوراق الخريف بسبب نسمة هواء عابرة، كيف سيكون لها القدرة على تحويل الكويت إلى مركز مالي وتجاري؟!

back to top