أنطولوجيات برسم الخناقة

اختير أخيراً الشاعر اسكندر حبش ليتولى هذه المهمة. قال بعضهم أنه وضع نفسه أمام امتحان صعب، هو قال أنه سيختار القصائد التي تعجبه. ليس همنا التطرق الى مختارات مشروع «كتاب في جريدة» وأحواله سلباً أم ايجاباً، بقدر ما نود أن نتحدث قليلاً عن ظاهرة المختارات الشعرية أو الأنطولوجيات التي تظهر هنا وهناك في المواسم الثقافية أو العواصم العربية والأوروبية. مشاريع تروج لمعديها قبل الشعراء، بمعنى أنها «دعاية» على حساب الآخرين، أو شكل من أشكال «البزنس» الثقافي، بعضها جاء ضمن مشروع ثقافي قومي وبعضها الآخر لصالح ناشرين أجانب، وبعضها صدر في إطار المنافسة بين شاعرات تتقن اللغات الأجنبية (الاسبانية تحديدا). يصعب على المرء استبعاد العوامل والمؤثرات غير الفنيّة التي تتحكم في الاختيارات، كالمناخ الايديولوجي والشخصي والموقع المالي والثقافي والاجتماعي و»الشللي». في بعض الانطولوجيات ظهرت أسماء شعرية لها قصائد قليلة، اختفت أسماء كان لها حضور في الموسوعات الأدبية السابقة. شاعر مثل فوزي يمين، لأنه يقيم في زغرتا(شمال لبنان) نادراً ما يكون في الأنطولوجيات اللبنانية التي تصدر هنا وهناك والتي تكون أحيانا مثيرة للضحك ومربكة ومزعجة وتافهة وسخيفة ومهرطقة. كل أنطولوجيا شعريّة تصدر في العالم العربي مناسبة لخناقة جديدة. يحدد قيام الشعراء بإصدارها سقف الموضوعية سواءاً في الإختيارات أو في الحذوفات، لأن مزاج الشاعر يتدخل في عمله التجميعي، فضلاً عن خلفياته ومصادره الشعرية، هذه العوامل كلها تنقل الأنطولوجيا الى نوع من خيار شعري ذاتي. حين يُسقط اسماً ما، وإن كان سهواً، فإن المعد يُعامل كمن اقترف جريمةً، أحيانا يعمد بعض الشعراء أو الشاعرات الى اسقاط بعض الاسماء قصداً لأن الخصومة تحكم بينهم، كما هي الحال بين الشاعرين العراقيين خالد المعالي وعبد القادر الجنابي، تجعلهم يحكمون بالإعدام على نصوص بعضهم بعيدا عن أهميتها او رصانتها. من منّا لم يقرأ طرفة «الشيخ والابن والحمار» ويفقه رسالتها التي تقول: «من العسير إرضاء الناس كلهم».