ميكانو... عذاب ثلاثي الأطراف

نشر في 06-02-2009 | 00:00
آخر تحديث 06-02-2009 | 00:00
«ميكانو» أحد الأفلام المصرية المهمة في مرحلة العودة إلى التنوع التي بدأت عام 2007، بعد سيطرة سينما المضحكين الشباب على امتداد عقد.

«ميكانو» هو أول فيلم روائي طويل يُعرض لمخرجه محمود كامل، وأول فيلم لكاتبه وائل حمدي، وأول فيلم سينمائي لبطله نجم الدراما التلفزيونية السورية تيم الحسن، وتشاركه البطولة الممثلة اللبنانية نور والفنان المقتدر خالد الصاوي، وكان الثلاثة في أحسن حالاتهم وأكثرها رهافة وإقناعاً.

وكان بطلاً كذلك كل في مجاله هشام سري في التصوير، وعادل المغربي في الديكور، وتامر كروان في الموسيقى، ومها رشدي في المونتاج، عزفوا معاً بقيادة المخرج الشاب الموهوب وتكاملوا وقدموا فيلماً مهماً يستحق المشاهدة المتأملة والمناقشة الجادة.

يمثل كل من «ميكانو» في سينما 2009 و«آسف على الإزعاج» (إخراج خالد مرعي وتأليف أيمن بهجت قمر وبطولة أحمد حلمي) في سينما 2008، ثنائية من نوعية سينمائية غابت طويلاً عن الفيلم المصري وهي سينما التحليل النفسي لشخصيات مُنيت بمشكلات نفسية قاسية، يتأملها الفيلم ويحللها، من خلال دراما نفسية جادة. في هذا السياق نذكر «السراب» من بطولة نور الشريف، و«بئر الحرمان» من بطولة سعاد حسني، و«باب الحديد» و«الاختيار» للمخرج الراحل يوسف شاهين...

لقد افتقدنا سينما الدراما ذات الطابع النفسي (يضاف إليه الاجتماعي أو السياسي في فيلمي شاهين) طويلاً، وها هي تعود في فيلمين على نحو يستحق الاهتمام والتنويه.

يستند «ميكانو» في الدراما النفسية التي يجسدها إلى إصابة بطله «خالد» (تيم الحسن) بمرض استثنائي لا يحدث إلا نادراً هو نوع من فقدان الذاكرة المتكرر، وذلك بعد خضوعه لجراحة وهو في السادسة عشرة، للتخلّص من ورم في الرأس، والنتيجة أنه منذ ذلك الحين لم يتذكر إلا أحداث ما قبل الجراحة، أما الأحداث اللاحقة فيعيشها ولا يلبث بعد فترة أن ينساها، ولا يقف إلى جانبه سوى شقيقه الأكبر (خالد الصاوي)، والذي يعرف مواطن نبوغ شقيقه إلى جانب مأساة ذاكرته، فيقدم أعمال «خالد» الهندسية إلى الشركات من دون أن يجعله يخرج إلى الحياة، إلا في حدود الضرورة القصوى كما نرى في بداية الفيلم.

يعاني الشقيق مع «خالد»، لكن تظهر في حياة الأخير «أميرة قنديل» (نور) التي تحبه فيصبح العذاب ثلاثي الأطراف، وتشملهم المأساة كلهم، خصوصاً عندما تعرف أميرة في لحظة قاسية بحقيقة مرض خالد، وعلى رغم ذلك تتمسك بحبها، وترضى بأن يصحو حبيبها بين الفترة والأخرى، من دون أن يتذكرها... وعليها في كل مرة أن تبدأ من جديد، ولأن حبها كبير وقوي وصادق تصبر وتصبر!

إنه فيلم عن قسوة المرض، لكنه أيضاً عن قوة الحب، حب «أميرة» وحب الشقيق الذي ضحى بالكثير من حياته ومتطلباتها، من احتياجاته الأساسية، للوقوف إلى جانب «خالد».

في إحدى المرات يصاب «خالد» بانهيار ويدخل في مرحلة الضياع التام، لكن يد الحب الصادق تنتشله كبلسم أقدر من أي دواء!

يقول تيم الحسن الذي برع في أداء دوره: «يكمن جمال شخصية خالد في أنها شخصية مركبة تشعر داخلها بالتأزم والسلبية، والإيجابية في الوقت ذاته، فكيف لشخص طبيعي أن يكون شخصاً جديداً ومختلفاً كل عام تبعاً لنوعية المرض الذي أصابه، وفي الوقت ذاته كيف له أن يكون من أهم رواد الفن المعماري في مصر، كانت تلك أهم الملامح التي وقفت عندها».

back to top