إيجارات العقار السكني: الأسعار تقاوم التصحيح اختلاف في الرؤية بشأن التفاعل مع آليات العرض والطلب

نشر في 04-01-2009 | 00:00
آخر تحديث 04-01-2009 | 00:00
No Image Caption
لاتزال قضية ارتفاع الإيجارات في الكويت محط أخذ ورد، ما بين من يصفها بالمنطقية وآخر يصفها بالمُبالغ بها، قياساً بما يشهده سوق العقار عموماً من ركود مخيف، في الوقت الذي تباينت فيه نسب التغير في أسعار السكن الخاص ما بين منطقة وأخرى وموقع العقار في المنطقة ذاتها، مسجلة أرقاماً في الانخفاض اعتُبرت لدى البعض بشير خير مع أمل مضيها في خطها البياني المتناقص إلى حيث تلامس الحدود الطبيعية التي كانت عليها من قبل، بينما اعتبر البعض الآخر تلك الأرقام نذير شؤم بوقوع كارثة، ذلك أن لديها آلاف البلوكات التي اشترتها بأسعار مضاربية، بينما يهوي الآن سوقها في ظل تطبيق قانون السكن الخاص.

واعتبر عدد من المهتمين بالسوق العقاري أن جمود أسعار الإيجارات وعدم تفاعلها مع آليات العرض والطلب، يرجعان إلى احتكار في قطاع التأجير العقاري، في حين رأى آخرون أن خفض الإيجارات مسألة وقت.

النفيسي: خفض الإيجارات في الخليج منطقي وثباتها في الكويت واقعي

«لا أوافق على رأي من يقول ان اسعار العقار في دول مجلس التعاون الخليجي انخفضت»، بهذه العبارة افتتح رئيس مجلس إدارة شركة الصالحية العقارية غازي النفيسي حديثه الى «الجريدة»، بوصف ثبات الاسعار بالنسبة للايجارات في الكويت بأنه منطقي، مثلما هي الحال بالنسبة الى انخفاضها الشكلي في دول المنطقة. وبيّن النفيسي ان الانخفاض الذي يُقال انه حدث في دول المنطقة مثل الإمارات/دبي وقطر وغيرهما، هو بمعنى الكلمة عودة إلى وضع طبيعي في أعقاب ارتفاعات مبالغ بها بالنسبة للقيم الايجارية التي كانت سائدة هناك، والتي شكلت طفرة على مستوى الايجارات بالنسبة للقيم في دول العالم.

وقال ان انخفاض تلك الاسعار مهما كان فهو يشكل عودا على بدء بالنسبة الى ما كانت عليه الاسعار حينئذ، وليس انخفاضا بالمعنى الدقيق للكلمة.

واضاف ان «من قال هذا غير مدرك للارتفاعات الكبيرة لاسعار الايجارات في دول المنطقة، التي يقال انها خفّضت قيمة الايجارات، وهي ان كانت لم تصل في الانخفاض الا الى المستوى الطبيعي والكويت لم تصل الايجارات فيها الى تلك المستويات التي وصلتها في دول المنطقة».

وقال إن ما حصل من انخفاضات أعادت الاسعار الى مستواها الطبيعي هناك في دول الخليج، عقب ارتفاعات غير معقولة في الفترة السابقة.

العصيمي: آثار انخفاض أسعار مواد البناء لم تظهر على العقار

فرّق خبير الشؤون العقارية رئيس لجنة التثمين ونزع الملكية في الدولة منصور العصيمي، بين اسباب الوضع العقاري الراهن في الكويت، مؤكدا ان السوق بشكل عام حساس للغاية ويجب عدم الإتيان بمقولات عن حال السوق على لسان هذا أو ذاك، من دون الاستناد الى ارقام واحصاءات وحال واقعية دقيقة، تفاديا لمضاعفة الآثار التي يتعرض لها السوق كانعكاس لما يحصل في سوق العقار العالمي.

وبين العصيمي ان انخفاض اسعار النفط وما تركه من انعكاس على اسعار الشحن والنقل، هذه الاخيرة التي ظهرت جلية في انخفاض اسعار مواد البناء، إن حدث وبدأ بالتأثير اليوم، فإن الآثار لن تظهر قبل ستة اشهر في اقل تقدير، وليس اقل من ذلك، لأن الابراج المنشأة وتلك التي هي قيد الدراسة والانجاز لم تحظَ بعد بالتمتع بالاسعار الجديدة لمواد البناء، لذا فإن القول إن آثار انخفاض اسعار مواد البناء قد ظهرت حاليا، مغلوط بمعنى الكلمة.

ووصف المستأجر في الكويت بأنه لم يعد مستأجرا تقليديا مقتصرا على العمالة فقط، بل اضحى المستأجر متنوعا ما بين شركات ومستشارين ومعاهد صحية ومدارس وجامعات خاصة.

الجراح: خاضع لآلية العرض والطلب

اكد رئيس اتحاد العقاريين توفيق احمد الجراح، ان عدم انخفاض الايجارات في الكويت متعلق بالعرض والطلب وليس له علاقة بتدخل الحكومة في خفض الايجارات أو رفعها.

ولفت الجراح الى ان القوانين الحالية قد تكون من ضمن المشاكل التي يعانيها قطاع العقار، موضحا ان اصحاب العقارات القديمة لايزالون يعانون قانون الايجارات القديم، اضافة الى ان رغبتهم في تطوير عقاراتهم دائما تصطدم بجدار القوانين السارية.

وأكد ان خفض الايجارات ورفعه تتحكم بهما آلية السوق وعوامل الرفع والخفض السائدة فيه، مشيرا الى ان انخفاض اسعار مواد البناء التي لعب انخفاض اسعار النفط دورا بارزا فيها لا تظهر آثارها في الاوقات الراهنة، انما هي بحاجة الى فترة زمنية حتى يتسنى للشركات المستثمرة في قطاع العقار الاستفادة من هذه الانخفاضات، ما يؤثر بشكل جلي في تكاليف المشروعات العقارية ثم بعد ذلك بدء ظهور تلك الآثار.

الهاجري: شحّ الوحدات قلّل الانخفاض

قال نائب المدير العام لشركة اوتاد العقارية محمد حمود الهاجري، إن لارتفاع ايجار العقار عوامل كثيرة تتحكم بمستوى قيمة ايجارات العقارات السكنية منها والاستثمارية، وفي سبب عدم تأثر الكويت اسوة بدول الخليج الاخرى.

وبيّن الهاجري ان هذا الامر يعود اولا الى شح الوحدات المتوافرة في السوق، مقابل الطلب وقِدم العقارات المتاحة مقابل المتوافر بالاسعار الحالية من العقارات.

واضاف ان من بين تلك العوامل ايضا مستوى دخل الفرد في الكويت الاعلى في دول الخليج، إضافة الى وجود سبب رئيسي آخر يتمثل في عدم تأثر اسعار العقارات ذلك التأثر الكبير بالاوضاع العالمية، بسبب الندرة اولا وخصوصية سوق الكويت العقاري الذي يتسم ببطء التجاوب مع المستجدات، و«لنا في ازمة المناخ خير دليل، حيث بدأ تأثر العقار مع بدايات 1985».

النقي: المقارنة بين الكويت ودبي في أسعار العقار غير عادلة

وصف رئيس مجلس ادارة شركة الجزيرة القابضة محمد علي النقي مقارنة الايجارات في الكويت مع ما هي عليه في امارة دبي بأنها مقارنة غير عادلة، مبينا ان اسعار العقار والايجارات في دبي ازدادت بنسبة 100 في المئة تقريبا، وهي كانت ترتفع بشكل دوري على مدى السنوات الخمس الاخيرة.

واوضح النقي ان الاسعار وصلت الى مستويات عالية جدا، مقارنة بما هي عليه في الكويت، مشيرا الى انهم هناك لو خفّضوا الاسعار فإن هذا امر طبيعي بعد هذا الصعود غير الطبيعي.

واشار الى ان العقار في الكويت كان عاملا آخر في استقرار اسعار الايجارات فيه، وهو عامل مهم متمثل في عدم لجوء الشركات فيها الى تسريح موظفيها او تخفيض عدد الموظفين لديها، ما ساهم في خلق نوع من الاستقرار لدى العمالة الموجودة على ارض الكويت.

وبيّن ان العمال الوافدين عربا وغير عرب يشعرون بالاستقرار من دون ادنى شعور بالذعر، وهذا ما حافظ على مستوى الايجارات من دون انخفاض، والذعر كما هو معروف -والكلام للنقي- من الاسباب المساهمة في انهيار الاسواق المالية العالمية.

وبشأن انخفاض اسعار مواد البناء وعدم مسايرة اسعار الايجارات لاسعار مواد البناء في الانخفاض، قال النقي «حينما ارتفعت اسعار مواد البناء من قبل، اضحت اضافة واضحة على التكلفة بالنسبة لمالك العقار، غير ان المالك نفسه لم يحمل المستهلك تلك الزيادة في اسعار مواد البناء على القيمة الايجارية، رغم ان الشركات كانت رصدت ميزانيات لمشاريع اكتشفت لاحقا ان تلك الميزانيات لا تسد الحاجة في ظل ارتفاع اسعار مواد البناء.

وقال ان الشركة وقعت ضحية ازمة مالية نتيجة تلك الحال في ارتفاع اسعار مواد البناء، الذي خلق نوعا من شح السيولة جعلها عاجزة عن استكمال مشاريعها.

واكد النقي ان الشركات والجهات الاستثمارية على تنوعها صارت تحجم عن الاستمرار في المشاريع الانشائية تحت تأثير اسباب ثلاثة، ابرزها القوانين التي سنّت بعد بدء انهيار السوق، يليها تشدد البنوك في منح القروض والتمويل، ثم العامل النفسي الذي لا يقل اثرا عن العاملَين الآخرَين.

وقال ان الغلاء الذي حدث شمل مختلف نواحي الحياة وليس العقار فقط في تلك الفترة، والفورة عمت ولكن الرواتب ربما تكون لاتزال ثابتة.

الدليجان: السوق مفتوح ولا احتكار للعقارات في الكويت

عدّد خبير الشؤون العقارية وصاحب مكتب الدليجان العقاري سليمان الدليجان عوامل عديدة ساهمت في استقرار اسعار الايجار العقاري في الكويت، في ظل عدم استقرارها في بعض دول المنطقة، ومن ابرزها مبلغ الـ150 دينارا كويتيا لكل مواطن كويتي لديه سكن بالايجار ومتزوج، اضافة الى عدم لجوء الشركات الى خفض عدد موظفيها، ما يساهم في زيادة المعروض مقابل المطلوب حينها تتأثر الاسعار فتنخفض كما حدث في بريطانيا.

ونفى الدليجان ان يكون السوق العقاري عرضة للاحتكار من قبل اي جهة، كما نفى صحة ما يُشاع عن وجود نحو 40 الف شقة خالية.

وقال ان المستثمرين في السوق العقاري في الكويت وفي سوق العقار الاستثماري على وجه التحديد، نوعان: مستثمرون طويلو الاجل، وقصيرو الاجل، وهما يطلبان التأجير ولا ينتظران.

وكشف ان ثمة عوامل ثلاثة تتحكم بالايجارات وقيمها، منها الموقع من حيث قربها من الخدمات، المستشفيات والمدارس والمطاعم، ثم التشطيب ودرجته.

ولفت الى ان الارتفاع في اسعار الايجارات لم يكن ارتفاعا مفاجئا، فمنذ عام 2001 وبداية احداث سبتمبر بدأت رحلة عودة رؤوس الاموال المهاجرة الى دول الخليج، وبدأ معها التوجه نحو الاستثمار في العقار، مما ساهم في رفع الايجارات ببعض المناطق كميدان حولي والسالمية وحولي، كون هذه المناطق تشهد كثافة سكانية.

وبيّن ان اسعار الايجارات في حينها لمساحة الـ40-50 مترا مربعا تتراوح ما بين 120-130 دينارا شهريا، ثم مالبثت ان ارتفعت بعد سقوط نظام صدام حسين الى اسعار تراوحت بين 170-190 دينارا شهريا لنفس المساحة، مشيرا الى ان البعض يؤجر مساحة الـ42 مترا مربعا بقيمة تتراوح بين 220 -230 دينارا كويتيا، وذلك حسب تشطيب الشقة الراقي والقرب من الخدمات.

توقّع الانخفاض وارد

وتوقع الدليجان ان تشهد اسعار الايجارات انخفاضا في الفترة المقبلة إذا استمرت حال الركود الراهنة على ما هي عليه، مشيرا الى ان استمرار الوضع الى نحو ستة اشهر مقبلة سيسهم لا محالة في خفض الايجارات.

وقال انه لا يتوقع ان يكون الانخفاض فجأة بل سيكون بشكل تدريجي مابين 10-15 في المئة، الى ان يستقر عند حدود قيمة معقولة.

ولفت الى ان الوضع اثناء فترة ازمة سوق المناخ كان اشد مما هو عليه الآن، واستمرت الحال الى ما بين عامي 1986 و1987 ثم بدأ السوق يرتفع بعد توقف الحرب العراقية-الايرانية في اغسطس عام 1988، متوقعا ان السيناريو سيتكرر، غير ان الازمة في الوضع الراهن اضحت عالمية وليست مقتصرة على الكويت او المنطقة فحسب.

وأكد ان القوة الايجارية اضحت تتأثر بشكل قوي بالعنصر الكويتي الذي بات يشكل نحو 20-30 في المئة من القوة الايجارية بشكل عام، مدعومين بالـ150 دينارا كويتيا التي تمنحها الدولة للمواطن المتزوج المستأجر.

العتّال: عزوف عن المشاريع الجديدة

قال الخبير الاقتصادي والمهتم بشؤون العقار حسين العتّال، إن اسعار العقار حققت نسبة انخفاض في الوقت الراهن تراوحت بين 30-40 في المئة، خصوصا على السكني، متوقعا أن يأتي الدور في الانخفاض على التجاري، وان تتراوح نسبة الانخفاض فيه بين 40-50 في المئة، خصوصا على الاراضي غير المطورة.

وتساءل العتّال: ألا يكون انخفاض قيمة الإيجار للمتر المربع من مستوى الـ17 دينارا كويتيا الى مستوى يتراوح بين 1-11 دينارا كويتيا مدعاة لتوقع الانخفاض؟

واشار الى ان انخفاض اسعار مواد البناء لم يظهر آثاره بعد، وهي لم تنخفض لأن آثار انخفاض اجور النقل والشحن التابعة طبيعيا لانخفاض اسعار النفط لم تظهر آثارها بعد!

على الصعيد نفسه، اشار العتّال الى أن ظاهرة بدأت تشق طريقها الى الظهور، متمثلة بالتوقف او العزوف عن البدء بمشاريع جديدة، بينما يسعى بعض الشركات الى انجاز ما لديه من مشاريع قيد الانجاز، تحسبا لأي اختلالات بل واحترازا من اي عوارض اقتصادية قد تزيد «الطين بلة».

واستشهد بقرار شركة نخيل الاماراتية بالتوقف عن المشايع الجديدة، والتوجه نحو انجاز المشاريع الموجودة تحت التنفيذ، لافتا الى التوجه نحو تسريح ما نسبته 15 في المئة من الموظفين خفضا للمصروفات، مبينا ان هذه الازمة ستشتد في ظل عدم وجود طلب على الاداري والسكني والتجاري من انواع العقار، متوقعا ان تتراوح نسبة الانخفاض ما بين 30-50 في المئة في النصف الاول من العام الحالي.

ودعا العتّال المعنيين في الكويت الى التفكير بأكثر شمولية للخروج من الأزمة برمتها، وعدم الاقتصار على الحلول الوقتية الآنية.

back to top