تعديل الدوائر قفزة إلى الهاوية

نشر في 08-03-2009 | 00:00
آخر تحديث 08-03-2009 | 00:00
من المستغرب بل من المثير للاستفزاز الحديث عن توجه حكومي إلى إصدار قانون ضرورة بتغيير الدوائر الانتخابية بعد حل المجلس.

وبما أننا هنا لسنا في وارد التعامل مع تفاصيل هذا التوجه، فإنه بات لزاما علينا التنبيه إلى خطورته، وتهافته، وقصر نظره.

فمن المعلوم أن قانون الانتخاب الحالي، الذي استقر على الدوائر الخمس، لم يأت إلى الوجود على طبق من ذهب، بل جاء عبر مطالبات، وتحركات، وضغوط شعبية ظلت تدعو إلى تقويم الاعوجاج والعبث الذي قامت الحكومة به عام 1981 حين تلاعبت بقانون الانتخاب، وغيرت عدد الدوائر الانتخابية من عشر دوائر إلى خمس وعشرين دائرة.

ومن المعلوم أن ذلك التغيير كان يستهدف تنقيح الدستور من خلال ايصال نواب الحكومة لدعم مشروعها الذي كان مقدرا له أن يقضي على المسيرة الديمقراطية برمتها.

وعلى الرغم من أن الحكومة آنذاك قد تحقق لها ما أرادت وأوصلت «جماعتها»، وأقصت أغلب مناوئيها، فإنها لم تنجح في تمرير تنقيح الدستور، وفي المقابل تركت لنا نظاما انتخابيا، ودوائر انتخابية فعلت فعلها في تخريب المجتمع، فأدت الى استفحال ظاهرة شراء الاصوات، وعززت من التشرذم الطائفي والقبلي على مدى اكثر من 25 عاما. وهكذا مثّل نظام الدوائر الخمس الحالي استحقاقا مطلوبا لاصلاح التخريب الذي احدثته الحكومة بنظامها «الخمس والعشريني» على مدى ربع قرن من الزمان.

بل إن النظام الحالي جاء بنمط توافقي، حيث كان مقترح الدوائر الخمس مقترحا حكوميا أجمعت عليه كل القوى السياسية دون استثناء، وبالتالي اتفقت عليه بنمط اجماع شعبي حكومي غير مسبوق، كما بات واضحا ان النتائج الاولية لنظام الدوائر الخمس قد اسهمت في تحقيق تمثيل سياسي واسع، بالاضافة الى تخفيف ظاهرة شراء الاصوات، وذلك في السنة الاولى فقط من تطبيقه.

إن المبررات لتعديل الدوائر الانتخابية واهية، ولا تستند الى اي اعتبارات واقعية، كما ان انفراد الحكومة بإجراء تلك التعديلات، واصدارها بقانون «ضرورة»، يمثل تعديا صارخا على الارادة الشعبية، وهي ليست الا قفزة للمجهول، وربما الهاوية.

الجريدة

back to top