مسجدنا ومسجد عين المريسة !

نشر في 27-07-2008
آخر تحديث 27-07-2008 | 00:00
 بسام عبدالرحمن العسعوسي معذرة عزيزي القارئ، سأدخل في الموضوع مباشرة، لأقول إن هناك فرقاً كبيراً وبوناً شاسعاً بين مسجد منطقتنا في الكويت وجامع «عين المريسة» في بيروت، الذي أصبحتُ أتردد عليه لفترات متقطعة، وذلك بسبب ظروف خاصة أجبرتني على أن أكون موجوداً بين الكويت وبيروت، بحيث أضحى الأمر هكذا؛ جمعة في الكويت وجمعة في بيروت.

فعلى الرغم من أن المساجد كلها لله، وأن الدين واحد، فإن خطبة الجمعة في مسجدنا مختلفة تمام الاختلاف عن مسجدهم!!

أما سبب هذا الفرق أو الاختلاف يا إخواني فهو ما ستقرأون...

إمام مسجدنا وافد، وخطابه تقليدي أو كلاسيكي، يتحدث دائماً وبشكل متكرر يبعث على الملل والرتابة أحياناً، ويصر على الترهيب والتخويف أحياناً أخرى. فخطابه في كل مرة لا يخرج عن قضايا الجنة والنار وعذاب القبر والويل والثبور وعظائم الأمور، فخطبته للجمعة عبارة عن حصة دين مثل حصص الدين التي كنا نتلقاها منذ عشرات السنين في المدارس، وكلامه جامد لا يدعو إلى التشويق والرغبة في الاستماع، لذلك اخاله حديثاً مفروضاً عليه سلفاً من وزارة الأوقاف، فهي التي تقرر -في ظني- نوع الخطبة، وموضوعها، وما يجب أن يقال أمام جموع المصلين. لذلك فعندما نفرغ من صلاة الجمعة، فإننا نخرج مشدودي الأعصاب، وقد انتابنا الخوف والجزع والرهبة لدرجة أصبح فيها المرء يشك في نفسه ويتساءل: هل نحن مسلمون؟ بسبب كثرة اللوم والتقريع الذي يصبه الإمام على المجتمع والناس!

وفي أحيان كثيرة، قد لا ألوم إمام المسجد، فهو -كما ذكرت- وافد ويرغب في المحافظة على «أكل عيشه»، والرجل في النهاية ملتزم بما يفرض عليه من وزارة الأوقاف، التي يسيطر عليها الفكر العدائي الظلامي تحت بصر وبصيرة نظامنا وحكومتنا التي احتضنت ورعت بعض هؤلاء من الداعين إلى الإرهاب.

وعلى النقيض من ذلك تماماً، فإن إمام مسجد «عين المريسة» في بيروت وطني، وخطبة الجمعة يمكن أن يُطلق عليها أنها خطبة «مودرن» أو عصرية ليس فيها كراهية أو تكفير للآخر أو ما يمس الأديان والقوميات الأخرى المختلفة، وهو بالضبط حديث معاصر في إطار ديني يتحدث دائماً عن التنمية والتعليم والنهضة والمشاكل المختلفة التي يعانيها المجتمع، لكن بأسلوب بسيط وبعيد عن التشنج والصراخ والتعقيدات. خطبته للجمعة -في ظني- نموذجية، يتحدث فيها عن قضايا الأمة المعاصرة في الوقت الراهن، فهو يدعو إلى «التعددية» و«التعايش السلمي» مع الآخر بهدوء ومحبة وسلام، بعيداً عن لعن المجتمع، وسب الناس أجمعين. ولم أسمع منه -كما هو حال بعض أئمتنا- دعاءً على النصارى، وأن فلاناً علماني أو ليبرالي أو فاجر أو فاسق أو ملحد!

أخيراً، أقول إن هذه بعض من مشاهداتي، أو ما لفت انتباهي هناك، وهي محاولة أو وسيلة بسيطة لتشغيل الذهن بين أئمة مساجدنا ومساجدهم.

back to top