التقييد بدأ منذ التأبين

نشر في 08-05-2009
آخر تحديث 08-05-2009 | 00:00
 فالح ماجد المطيري إن الخطورة الحقيقية لاستفراد الحكومة بالمشهد السياسي وتشكيله بحسب ما تريد، من دون وجود قوى سياسية تواجهها، وتحد من اندفاعها في اتجاه تقليص الحريات، يتعدى الأمور الإجرائية التي تمارسها في الفترة الحالية، لتصل إلى هدفها الدائم وهو تنقيح الدستور وتفريغه من محتواه.

التقييد والتضييق اللذان تمارسهما الحكومة في الانتخابات الحالية، بدءا من (تحمير) عينيها على بعض المرشحين بإحالتهم إلى جهاز أمن الدولة، وتحديد مواعيد للندوات لا تتجاوز الحادية عشرة مساء، (لم يحدد القرار إذا كان سيحتسب للمرشح وقت بدل ضائع أم لا؟!) وثالثة الأثافي قرارها بمنع الندوات السياسية في جامعة الكويت، والذي تراجعت عنه بعد ذلك، وأنا متأكد أن تراجعها ليس اعترافا بخطئها أو حبا في الحريات العامة، ولكنه تبعا لسنة غير حميدة استنتها لنفسها بالتراجع عن قراراتها وتعودناها منها.

ما سبق ذكره من قرارات حكومية وما سيأتي في قادم الأيام يمثلان في رأيي أقصى درجات انسجام الحكومة من نفسها وقناعاتها فيما يخص الحريات العامة، فحكومتنا (الرشيدة دائما) صدرها أضيق من عيون سكان شرق آسيا في تحمل النقد، وهذه الإجراءات لا غرابة فيها، ولكن ما يثير الاستغراب هو موقف القوى السياسية مجتمعة وفرادى من هذه القرارات، وإلى الآن لم نر أو نسمع ببيان أو موقف موحد للقوى السياسية تجاه ما تمارسه الحكومة من تقييد وقضم مبرمج لمساحة الحرية التي يكفلها الدستور، والسبب في ذلك أن هذه القوى ومع الأسف محكومة بالمشهد السياسي العام الذي ارتهن للحشد القبائلي والاصطفاف الطائفي والفرز المناطقي والفئوي، فأصبحت قوى مهلهلة لا يجمعها هدف مشترك ولا تحركها غاية واحدة.

وقد بدا ذلك الموقف المهلهل واضحا منذ حادثة التأبين التي تحولت إلى حلقة زار، ووصل الأمر بالتشكيك في حق المواطنة والولاء للكويت لضحايا تلك الحادثة، بل وصل الأمر إلى أن بعض الكتل والتجمعات السياسية كانت تحرض الحكومة على من يفترض أن يكونوا زملاء لهم وشركاء في المشروع الوطني.

إسقاطات ما حدث في التأبين وتفكك القوى السياسية بدا واضحا في (اعتقال) الأخ خالد الطاحوس والدكتور ضيف الله أبورمية، اللذين وجدا نفسيهما وحيدين إلا من شموع مسلم البراك التي أضاءت جزءا من ظلمة المشهد القاتم، وأصبحت الحكومة اللاعب الوحيد في الساحة السياسية.

إن الخطورة الحقيقية لاستفراد الحكومة بالمشهد السياسي وتشكيله بحسب ما تريد، من دون وجود قوى سياسية تواجهها، وتحد من اندفاعها في اتجاه تقليص الحريات، يتعدى الأمور الإجرائية التي تمارسها في الفترة الحالية، لتصل إلى هدفها الدائم وهو تنقيح الدستور وتفريغه من محتواه، بإصدارها قرارات تتناقض مع مواده التي تكفل حق التعبير والتجمع.

 

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

back to top