من هو نواف الموسوي؟

نشر في 25-06-2008
آخر تحديث 25-06-2008 | 00:00
 بلال خبيز نواف الموسوي لا يعبر عن رأي «حزب الله». إنه يعبر عن رأيه الخاص، وحين يهاجم المملكة العربية السعودية ويهدد سفيرها الوزير عبدالعزيز الخوجة علناً ومن دون مواربة فإنه يهدده شخصياً. وعلى الجميع أن يصدقوا أن ما صدر عن المسؤول في «حزب الله» لا يمت إلى «حزب الله» بصلة.

هذا من عاديات السياسة اللبنانية وبديهيات الساسة اللبنانيين، حيث يسع الواحد منهم أن يهاجم مَن يشاء وأن يتنصل حزبه من مسؤوليته عن هذه التصريحات. وطبعاًً لن يطرد نواف الموسوي من «حزب الله» بسبب مخالفته السياسة العامة، إذ إن أحداً لا يعرف إلى أي حد يتمتع قادة «حزب الله» بحرية إبداء الآراء والاختلاف مع القيادة، وهذا من ضروب الديمقراطية والممارسات الديمقراطية التي يتقنها «حزب الله» ويمارسها عن قناعة ومن غير افتئات أو تجديف. مع ذلك لا أحد يسأل سؤالاً ساذجاً: من هو نواف الموسوي إذا لم يكن «حزب الله» وراءه؟ وكيف يستطيع رجل، مهما بلغ شأنه الثقافي والسياسي أن يهدد سفير دولة عربية أساسية إذا لم يكن «حزب الله» قيادة وكوادر وراء هذا التهديد، وهم من سيوكل إليهم تنفيذ مترتباته؟

لا سبب يدعو إلى الشك أن «حزب الله» يهاجم معالي سفير المملكة العربية السعودية، ويحذره من أن إمكان محاصرته في البحر والبر والجو ميسور لـ«حزب الله»، ولا يستطيع أحد أن يفلت من قبضة مقاتلي الحزب وأجهزته الأمنية والعسكرية إذا لم يكن قادة الحزب هم مَن يريدون تيسير هذا الإفلات. وهذا إعلان صريح لا مواربة فيه يقول: إن «حزب الله» يسيطر على البلد تماماً، وإن كل ما عدا ذلك من حديث عن انتصارات سياسية في مقابل انتصارات عسكرية لا محل له من الإعراب، فكيف يكون ثمة مَن يستطيع الانتصار في السياسة إذا كان هذا المنتصر يدين ببقائه في البلد حياً وناشطاً إلى سماحة «حزب الله» ورغبته في أخذ الأمور باللين ونبذ الشدة، إلا حين لا يكون ثمة مفر من اتباع الشدة والقسوة في معالجة الأمور.

والحق أن السيد الموسوي وهو يشير إلى رقي «حزب الله» وممارسات مقاتليه أثناء اجتياحهم بيروت، لا ينكر أن ثمة مَن قُتل في ذلك الاجتياح، وأن أرواحاً ازهقت من غير قصد، وأن أملاكاً استبيحت من غير تصميم مسبق، لكنه يريد أن يلقن اللبنانيين درساً مفاده، أن ما رأوه وخبروه من قسوة وشدة، ليس إلا النزر اليسير جداً مما تستطيع أجهزة «حزب الله» إحداثه لو أرادت. ما يعني أن «حزب الله» الراشد والبالغ عمد إلى تأديب الطرف الآخر القاصر والذي يقول ما لا يعنيه حقاً، ولم يستخدم إلا الجزء اليسير من طاقاته في عملية التأديب هذه، كما لو كان زوجاً يؤدب زوجته بالضرب، غير المبرح، على ما ينص الشرع ويوصي الدين الحنيف. وحين يعتبر «حزب الله» أطراف الموالاة بمنزلة زوجة ناشز، فحري بالموالاة أن تشكر هذا الحزب، قادة وأفراداً ومقاتلين وحلفاء، على إنزال خصومه هذه المنزلة، وهي منزلة مبرزة من دون شك. ولو أردنا بسط هذه الحال على الشأن السياسي وشئنا التكلم بلسان السياسيين، لبدا واضحاً أن «حزب الله» مؤمن إيماناً راسخاً لا يهتز، أن البلد في قبضته، وأن هامش الحرية في التصريح والتعبير الذي تركه لبعض اللبنانيين ليس أكثر من منة عليهم، ويستطيع سحبها حين يريد. على هذا يفترض بالداعين إلى حسن تحضير المعركة الانتخابية المقبلة أن ينتبهوا إلى معنى أن تجري الانتخابات في لبنان كله، وليس في الدوائر التي يغلب عليها انتماء الناخبين إلى الطائفة الشيعية، تحت السلاح، مما يعني أن «محادل» عام 2005 التي كانت تسوي خصومها سوية الأرض المنبسطة في جنوب لبنان وبعض بقاعه وضاحية بيروت الجنوبية تكاثرت وتعممت وباتت قادرة على تسوية لبنان كله سوية الأرض. ولن يصل نائب إلى قبة البرلمان في الانتخابات المقبلة إلا بموافقة «حزب الله»، شاء اللبنانيون ذلك أم أبوا. اللهم إلا إذا كانت قوى الموالاة تظن أنه في الإمكان نزع أسلحة «حزب الله» الكثيرة في الشهور القليلة المقبلة. والسلاح ليس مقتصراً على الصواريخ والمدافع وسيارات الدفع الرباعية، بل يتعدى هذا كله إلى القدرة الحاسمة على التجييش في الشارع وإقفال المدن اللبنانية بالإطارات المشتعلة والسواتر الترابية في غضون ساعات قليلة.

*كاتب لبناني

back to top