قانون الذمة المالية لن يصدر... الآن

نشر في 03-10-2008 | 00:00
آخر تحديث 03-10-2008 | 00:00
يتطلب الجو السياسي والاقتصادي الذي تعيشه الكويت جهودا مضاعفة واستثنائية لإصدار قانون كشف الذمة المالية، إذ لا تتوافر الرغبة الحقيقية في الوقت الحالي لإقراره، بسبب تفشي الفساد في مؤسسات الدولة، واستفادة أطراف عديدة في الجهاز الاداري للدولة من الوضع الحالي.

أسباب عديدة تقف وراء تعثر صدور قانون كشف الذمة المالية، او ما يسميه البعض بقانون «من أين لك هذا؟»، والذي يجد له سندا في التراث الاسلامي، وقد تداولت اللجان المختصة بمجلس الأمة أكثر من مقترح بقانون بهذا الشأن، وانتهى بها المطاف بعدم الموافقة بسبب حل مجلس الأمة بتاريخ 14 ابريل 2008، وتنظر اللجنة التشريعية والقانونية في الوقت الحالي مقترحا جديدا بهذا الشأن مقدما من كتلة «العمل الشعبي» وهم النواب أحمد السعدون ومسلم البراك ومرزوق الحبيني، ود. حسن جوهر، وذلك بعد احالته الى اللجنة بتاريخ 5/6/2008 ويتضمن عشرين مادة اضافة إلى مذكرته الايضاحية.

ولادة عسيرة

ويرجع البعض أسباب تعثر صدور مثل هذا القانون إلى عدم وجود رغبة حقيقية من المجلس والحكومة معا، ليكون قانونا مطبقا على الأرض، نظرا لما يفرضه من قيود على ما يسمى بالذمة المالية التي تعرفها المادة «2» من المقترح، على أنها «مجموع ما يملكه الخاضع لأحكامه وأولاده القصر من أموال عقارية ومنقولة في الداخل والخارج، ويدخل في ذلك ما يكون مستحقا له ولأولاده القصر من حقوق وما يكون عليهم من التزامات قبل الغير، اضافة إلى ذكره صراحة مسألة «التكسب غير المشروع» في المادة «6» ووضع آلية واضحة لفحص المخالفات من خلال «جهاز فحص اقرارات الذمة المالية» كما جاء ذلك في المادة «4».

ومن جانب آخر، يفرض جو الفساد المالي والسياسي المنتشر في مؤسسات الدولة اسبابا عديدة تعرقل صدور مثل هذا القانون، رغم الجهود المبذولة من قبل بعض الأعضاء في مجلس الأمة لمحاربة هذا الفساد ويشار في هذا المجال إلى ان دولة الكويت ومنذ عام 2006 قد دخلت طرفا في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، بموجب القانون رقم 47 لسنة 2006، وتتضمن الاتفاقية 72 مادة تشرح بشكل مفصل مكافحة الفساد المالي والإداري في مؤسسات الدولة الحكومية والقطاعين الخاص والأهلي وتكفل الاتفاقية سبل التعاون العدلي الدولي في هذا المجال، مع ضمان تقديم المساعدات الفنية واللوجستية من قبل المنظمة الدولية للدول، أو من خلال الاتفاقيات الثنائية بين الدول ذاتها، مسترشدة بمبادئ الاتفاقية، ويفرض هذا التوقيع والتصديق على الكويت التزاما أدبيا وقانونيا نحو اشهار هيئة لمكافحة الفساد تتولى تفعيل قانون لكشف الذمة المالية للمسؤولين في الدولة.

تركة ثقيلة

وتتسبب التركة الثقيلة التي يسببها الفساد المالي السياسي في الكويت في اضافة صعوبات حقيقية في مجال مكافحته، ولذا فهناك وجهة نظر تأخذ بمبدأ التدرج في العلاج من خلال اضافة مواد محددة، تتضمن قانون الجزاء بما يكفل تجريم ما أشار إليه المقترح بقانون بشأن «التكسب غير المشروع».

وعلى اية حال، ورغم اختلاف الآراء فإن مواد المقترح النيابي، اضافة إلى الاقتراح الذي تقدم به نواب في السابق بشأن انشاء هيئة لمكافحة الفساد، وبالاستناد إلى ما تقدمه الاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد فإن كل ذلك يشكل معينا جيدا للبدء في محاربة الفساد، وستكون أولى الخطوات الصحيحة في هذا المجال الاعلان الصريح من قبل السلطة التنفيذية عن اطلاق برنامج زمني محدد لمكافحة الفساد مدعوما من قبل السلطة التشريعية، ولأن مثل هذا الاعلان يصعب في الوقت الحالي ولادته بسبب الظروف غير المواتية التي تعيشها السلطتان في ادارتهما للشؤون العامة، فإن الجهود المطلوبة يجب أن تكون مضاعفة ومبنية على الرغبة في اقرار المقترح بقانون، وانشاء هيئة وطنية لمكافحة الفساد لاحقا، وتشجيع الهياكل الاهلية العاملة في هذا المجال كجمعية الشفافية الكويتية، وجمعية حماية الاموال العامة، و«تجمع برلمانيون كويتيون ضد الفساد» والاسترشاد بنصوص الاتفاقية الدولية التي ذكرناها سابقا وطلب الدعم الفني الدولي الذي تتيحه، وذلك لصياغة منظومة متكاملة لمكافحة الفساد والذي يشكل خطرا على المجتمع من خلال تبديده قدرا كبيرا من الثروات الوطنية عبر قنوات الفساد المتعددة وما يلحقه من ضرر على المؤسسات الديمقراطية وسيادة القانون.

المعنيون بالمقترح

حدد الاقتراح بقانون الخاص بالكشف عن الذمة المالية إحدى عشرة فئة مشمولة بالقانون وهي: رئيس ونواب رئيس مجلس الوزراء والوزراء، رئيس ونائب رئيس واعضاء مجلس الامة، رئيس ونائب رئيس واعضاء المجلس البلدي، رئيس ونائب رئيس واعضاء لجنة المناقصات المركزية، رئيس ونائب رئيس واعضاء مجلس ادارة الجمعيات التعاونية، رئيس ونائب رئيس واعضاء المجالس والهيئات واللجان التي يصدر بتشكيلها وتعيين اعضائها مرسوم، من يشغل وظيفة بدرجة وزير- رجال القضاء والنيابة العامة ومن في مستواهم في ادارة الفتوى والتشريع والادارة القانونية في بلدية الكويت- الوظائف القيادية من الدرجات الممتازة والوكلاء والوكلاء المساعدين في الوزارات والادارات الحكومية ومن في مستواهم في الجهات ذات الميزانيات المستقلة والملحقة وديوان المحاسبة، واعضاء الحكومة المعينين في مجالس ادارات الشركات التي تساهم فيها الحكومة بأي نسبة ـ رئيس ونائب رئيس وأمين عام واعضاء المجلس او اللجنة او الامانة العامة في الجماعات السياسية سواء كانت حزبا او تجمعا او جماعة او حركة.

• ينص الاقتراح بقانون في مادته الرابعة على انشاء جهاز يتبع المجلس الاعلى للقضاء لتولي فحص اقرارات الذمة المالية.

• عقوبة الكسب غير المشروع الحبس مدة 7 سنوات وغرامة تعادل ذلك الكسب او باحدى هاتين العقوبتين.

الاقتراحات بقوانين

تقدمت مجموعة من اعضاء مجلس الامة بعدد من الاقتراحات بقوانين بشأن الكشف عن الذمة المالية في دور الفصل التشريعي الحادي عشر السابق ولم يتسن للمجلس النظر فيها لاسباب مختلفة، ومنها حل المجلس في 14 ابريل 2008 ونستعرض هذه المقترحات باختصار في ما يلي:

1 - الاقتراح بقانون المقدم من الاعضاء: د. ناصر الصانع ـ محمد البصيري ـ دعيج الشمري ـ د. جمعان الحربش ـ خضير العنزي.

2 - الاقتراح بقانون المقدم من الاعضاء: مسلم البراك ـ مرزوق الحبيني ـ محمد الخليفة ـ د. حسن جوهر ـ أحمد السعدون.

3 - الاقتراح بقانون المقدم من الاعضاء: عدنان عبدالصمد ـ احمد الشحومي ـ احمد لاري.

4 - الاقتراح بقانون المقدم من الاعضاء: د. فيصل المسلم ـ د. جمعان الحربش ـ عبدالله عكاش ـ خضير العنزي ـ عبدالله مهدي العجمي.

وفي دور الانعقاد الثاني عشر الحالي أحيل إلى اللجنة التشريعية والقانونية الاقتراح بقانون بشأن الكشف عن الذمة المالية والمقدم من الاعضاء: احمد السعدون ـ مسلم البراك ـ مرزوق الحبيني ـ د. حسن جوهر.

back to top