نوبل للكاتب البدوي

نشر في 19-10-2008
آخر تحديث 19-10-2008 | 00:00
No Image Caption
 ناصر الظفيري لم يكُن اسم السيد لو كليزيو معروفا في أميركا وكندا، ماعدا القليل من الترجمات التي لم تترك له أثرا من النجاح ككاتب مهم في الأوساط الأدبية هناك.

ولا يعرف القارئ الأميركي شيئا عن أهم أديب لهذا العام، وبعد فوزه بالجائزة علّقت أغلب الصحف على الفائز بالكاتب البدوي، وهو تعليق ذكّرني بشاعرنا القروي حين أُطلق الاسم عليه من قبيل التندر ليعرف به فيما بعد، حتى أن القلة لا تتذكر اسمه الحقيقي رشيد سليم الخوري.

هذا البدوي أو «النوماد»، كان أولى بأن يصرح ما صرح به ديريك والكوت حين فاز بالجائزة عام 1992 «انني لا أنتمي الى أمة بعينها، أنا أمة في رجل».

هو ليس فرنسيا بالمعنى الثقافي للكلمة، رغم أنه ولد في نيس عام 1940ووالده طبيب بريطاني عاش في موريشيتس وهاجر الى نيجيريا حين كان عمر الابن سبع سنوات.

الروائي متزوج من مغربية، درس الانكليزية في بريستول وتخرج في معهد الدراسات الأدبية بنيس، وعاش في المكسيك ونال الدكتوراه في التاريخ المكسيكي، درّس في بانكوك ومكسيكو سيتي وبوسطن.

وهذه الحياة التي تشبه حياة البدوي هي التي جعلت النقاد يطلقون عليه لقب «النوماد».

في روايته الأولى «الاستجواب»، وهي الرواية التي تُرجمت له الى الانكليزية كانت قريبة في مزاجها من رواية كامو الغريب، وربما كان السبب في ذلك هو اقتراب الشخصيتين الرئيستين في الروايتين.

روايته التي نالت استحسان الأكاديمية السويدية، هي رواية «صحراء» التي تناول فيها حياة امرأة بدوية من الصحراء تعيش صراعا ثقافيا مع الحضارة الغربية وأنماطها، والرواية نالت جائزة بول مراند الكبرى من الأكاديمية الفرنسية.

مع تطور نظريات ما بعد الكولونيالية وبروز أسماء مهمة في النقد الأدبي، أمثال ادوارد سعيد وفرانز فانون وهومي بابا وسبيفاك، أصبحت أعمال الكاتب مادة للأكاديميين والدارسين الجدد في أغلب الجامعات الأوروبية والأميركية.

الحدث الأبرز في تلك الجائزة هو الهجوم الذي شنه السكرتير الدائم للأكاديمية السويدية هوريس انجدال على الأدب الأميركي، وكلماته التي أثارت موجة من الهجوم المضاد، حين صرح بأن الأدب الأميركي أدب منطوٍ على ذاته وضيق الأفق ومحدود يتخصص بالشأن الأميركي لا العالمي، وركز على أن أوروبا هي مركز الأدب العالمي.

ذلك حديث يبدو فيه كثير من التجنّي، فعلى الرغم من أن أميركا لم تفُز بالجائزة منذ عام 1993 حين فازت توني مويسون بالجائزة، لكن النقد الذي درس الأدب الكولونيالي وما بعد الكولونيالي هو النقد الأميركي، فإدوارد سعيد استاذ النقد أميركي، وهومي بابا أستاذ في هارفارد وسبيفاك من جامعة كولومبيا، وفيليب روث الأميركي الفائز بجائزة بولتزير كان يستحق الجائزة.

الذي يُحسب للفائز هذا العام هو تواضعه الكبير حين قال «انه الحظ، أعلم أن هناك غيري من يستحق الجائزة»، ورسالته حول الرواية «أعتقد أن علينا أن نستمر في قراءة الرواية، لأنني أعتقد أنها أفضل وسيلة لاستجواب هذا العالم، من دون أن نضع الأجوبة الآلية، والروائي ليس فيلسوفا، انه الشخص الذي يكتب ومن خلال الرواية يستفهم».

back to top