بريق أمل
كنا يوم الأحد الماضي 1/6/2008 مع موعد تاريخي لبداية حياة برلمانية جديدة وفقا لنظام الدوائر الخمس الجديدة، وأحداث متغايرة عكس ما توقعتها القوى السياسية والشعب الكويتي بأشكالها ومضمونها، وما صاحبها من تهديد بعض النواب بالانسحاب من الجلسة عند أداء قسم الحكومة، ومن الترشيح للرئاسة وتداعيات. لقد جاء خطاب صاحب السمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الصباح -حفظه الله- كالصاعقة لكل من تسوّل له نفسه العبث بالمسيرة الديمقراطية أو التشكيك بالوحدة الوطنية، فقد وضع سموه -حفظه الله- خطوطا حمراء كثيرة، منها: التدخل في اختيار سمو رئيس الوزراء، وكذلك الوزراء، وكذلك وجوب التعاون بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، وتحذير الحكومة من عدم التأخر في إعداد خطة تنموية شاملة وبرنامج عمل قابل للتنفيذ، وغيرها من تحذيرات شديدة اللهجة.
وبعد كلمة سموه جاءت كلمة سمو رئيس مجلس الوزراء متوافقة مع الخطاب الأميري في بعض أركانها واعدة بمستقبل مشرق ومثمر لهذا البلد من حيث التنمية والتعاون والبعد عن التأزيم، وذلك عن طريق تقديم برنامج عمل الحكومة لمجلس الأمة قبل انعقاده في أكتوبر القادم. والحدث الآخر جاء من رئيس مجلس الأمة الجديد جاسم الخرافي في كلمة له بعد نجاحه بالرئاسة قال فيها «وأعد من كان له ملاحظات علي أن أزيلها» وهذا القول هو نتاج ما أفرزته الانتخابات، وكتّاب المقالات وبعض السياسيين من انتقاد أثناء الحملات الانتخابية وغيرها، لضعف المجالس النيابية السابقة، وكيفية إدارة جلساتها، مما جعل «أبو عبد المحسن» يعد باستيعابها وتغيير أسلوبه في التعامل مع السلطتين في المستقبل القريب، وهذا يعطينا بدايات لبريق أمل مشرق للمؤسسة الديمقراطية والعودة بهيبة الحياة البرلمانية واسترداد احترام المؤسسة التشريعية التي أصبحت مؤسسة طاردة في السنوات الأخيرة.وعلى الرغم من تحفظاتنا على التشكيلة والتركيبة الحكومية الجديدة وعودة بعض وزراء التأزيم وقول رئيسي الحكومة والمجلس فإننا سنعتبرها وعودا من رئيس الحكومة ورئيس مجلس الأمة، ما لم تلامس الواقع الحقيقي كما أخبر به صاحب السمو الأمير بقوله «خطة قابلة للتنفيذ».وأتمنى على كل من يهمه الأمر استيعابها، وليس أن تبقى خططا حبيسة الأدراج كقانون الخصخصة الذي فتحته الآن بعد مضي 16 عاما، لجعل الكويت مركزا ماليا وتجاريا، إلا أن التأزيم سيبقى بين السلطتين كلما تأخرت الحكومة عن أداء المطلوب منها، فليست العبرة في مدة بقائها لكن العبرة في ما ستنجزه من أعمال تهم البلاد والعباد، وهذا هو الأهم.وسيثبت لنا في قادم الأيام زيف وبطلان كل هذه الادعاءات من تعاون مثمر وخطة عمل كما وعدت بها الحكومة، ما لم تصطحب معها أرقاما ومدة زمنية، وليست خطة إنشائية كعادتها، أما استمرارها فواقف على رئيس مجلس الأمة ومدى تعاون الحكومة، لذلك سنظل نتفاءل لأنها هذه المرة جاءت على غير سابقاتها، ولا نريد أن نتكهن بالمستقبل ونتشاءم، فعلى المجلس أن يعطي الفرصة للحكومة هذه المرة لتثبت فعاليتها ومصداقيتها لتنفيذ عملها وترجمة وعودها للشعب الكويتي على أرض الواقع، لذلك لا نريد أن نستعجل بالحكم بأن تكون الحكومة هي دائماً من يصنع التأزيم.