تعلم الواوي على أكل الدجاج

نشر في 03-03-2009
آخر تحديث 03-03-2009 | 00:00
 د. صلاح الفضلي هذا المثل من الأمثال التي تُروى على ألسنة الحيوانات، وقصة المثل تقول إن الواوي «ابن آوى» كان يلهو على قمة تلة فسقط عنها على الأرض وانكسر ظهره، فتحامل على نفسه إلى أن وصل إلى إحدى القرى فنزل ضيفا على أهلها فعالجوه وأكرموه، وضيفوه، وجعلوا له في كل يوم «دجاجة» يأكلها في غذائه وبقيت الحال هكذا زمنا حتى بدأ «الواوي» يتعافى، فقرر أن يذهب إلى شأنه، فودع أهل تلك القرية وذهب إلى حال سبيله.

وبعد مدة من الزمن عاد إلى تلك القرية، ونزل ضيفاً على أهلها وهو يتظاهر بالمرض، فقدم له أهل القرية ما تيسر لديهم من طعام وشراب، فلم يجد «الواوي» في ذلك الطعام شيئاً من الدجاج، فأبى أن يأكل شيئاً مما قدم له، وطلب لحم الدجاج الذي كان قد قُدّم له في المرة السابقة، وكلما حاول أهل القرية إقناعه بتناول طعام غير لحم الدجاج والاعتذار إليه من عدم تيسر ذلك في الوقت الحاضر أبدى عدم قناعته، بل كان يهددهم أنه سيفضحهم بين القرى المجاورة وينعتهم بالبخل وعدم إغاثة الملهوف.

فقال رجل عاقل منهم «يا جماعة لا تعبون نفسكم... ترى «الواوي» تعلم على أكل الدجاج، وبعدها ما يقدر يأكل شي ثاني والذنب ذنبكم... لأن إنتو اللي علمتوه»! فذهب ذلك القول مثلا على من يتعود على أن يتحمل الناس تبعات أخطائه وطمعه.

نسوق هذا المثل بمناسبة التهويل الإعلامي من بعض رجال الأعمال «المكسورين» بأنه إذا لم تقر الحكومة ومجلس الأمة قانون «الاستقرار المالي» في أسرع وقت فإن الاقتصاد الكويتي سوف ينهار، وإن الضرر سوف يلحق بالجميع، مع أن الجميع يعلم أن 90% من المواطنين هم موظفون في القطاع الحكومي، ويعيشون على الراتب، وبالتالي لن يتضرروا من أزمة «الكبار»، كما أن ميزانية الدولة واقتصادها يعتمدان بنسبة تفوق 95% على الموارد المالية للنفط، والقطاع الخاص غير مؤثر في الميزانية العامة للدولة، والشركات الخاصة والحمد لله حتى قبل أشهر قليلة كانت تحقق أرباحاً خيالية (عليهم بالعافية)، ومع هذه الأرباح الطائلة إلا أن مساهمة هذه الشركات في مشاريع تخدم المجتمع تكاد لا تذكر.

الآن وبعد أن وقع أصحاب الشركات في ورطة مالية- جزء كبير من أسبابها يعود إلى «حيل وألاعيب» كثير منهم- جاؤوا يستنجدون بالحكومة لإنقاذهم والتحذير من خطر انهيار «الاقتصاد الكويتي»، مع أن إنقاذهم يكلف الدولة حسب مشروع «المحافظ» مبلغاً قد يصل إلى عشرة مليارات دينار، وأغلبية هذه المليارات سوف تذهب إلى «الحيتان»، ويبدو أن الحيتان تعودت على «أكل الدجاج» كما حصل في موضوع «المديونيات الصعبة» في التسعينيات.

إذا كانت الحيتان تعودت على «أكل الدجاج» فإن الحكومة هداها الله وغفر لوالديها قلبها رقيق لا يتحمل زعل الحيتان، فقدمت مشروعاً لتوفير «الدجاج الطازج المتبل لتغذية الحيتان»، في حين أنها رفضت قبل أشهر مشروعاً لإسقاط مديونيات المواطنين بحجة أن كلفته عالية وتضر بميزانية الدولة، وكان محاميها الفذ الوزير أحمد باقر يكرر أن على المدينين أن يتحملوا نتيجة قراراتهم.

أنا شخصياً ضد إسقاط القروض، ولكن لماذا لا تتعامل الحكومة مع أزمة «الحيتان» بنفس الطريقة التي تعاملت بها مع أزمة «العصافير الضعيفة»؟! ولماذا لا تدع الحكومة «الحيتان» يتحملون تبعات قراراتهم؟ فكما ذاقوا عسل الربح عليهم أن يتحملوا مرارة الخسارة، فهذا هو منطق الاقتصاد الحر. حتى لو انهارت بعض المؤسسات التجارية فإن اقتصاد البلد لن ينهار، ولكن الانهيار الحقيقي هو أن تتعامل الدولة مع مواطنيها «الحيتان» بطريقة مختلفة عن تعاملها مع مواطنيها «العصافير».

***

تعليق: حسب علمي لم يصدر حتى الآن مرسوم أو قرار من مجلس الوزراء بتعيين «الجنرال» ناصر الدويلة ناطقاً رسمياً باسم الحكومة، ولذلك يفترض بالجنرال الدويلة الانتظار قليلاً حتى صدور هذا القرار ليمكنه أن يصرح بأن رئيس الوزراء سوف يصعد منصة الاستجواب هذه المرة، وللتأكيد على مصداقيته فهو يذكرنا بتصريحه في استجواب الطبطبائي بأن ناصر المحمد لن يصعد منصة الاستجواب.

تصريح الجنرال الدويلة يثبت أنه «واصل»، ولذلك فهو يتكلم بكل ثقة، وهذا ليس بغريب عليه، لأن الجنرالات العظماء دائماً ما يتحلون بالثقة ليقودوا جنودهم إلى النصر المؤزر، فما بالك إذا دخل الجنرالات إلى ملعب السياسة، حتماً سيقدمون لنا الكثير من عبقريتهم الخارقة، وهذا ما يفعله الجنرال ناصر الدويلة.

back to top