جون كوزاك... وجه شاحب مثير للاهتمام!
من نجم مراهق أخرق في فيلم Say Anything إلى بطل غريب الأطوار في هوليوود في Con Air... جون كوزاك قادر على جعل أي دور يبدو جريئاً. كاليم أفتاب (كاتب المقال) التقى الممثل خلال تصوير فيلم في لندن، واكتشف أنه لا يزال حاد الذكاء كما كان دوماً.
يستهل كوزاك لقائي معه، قائلاً: «إن بدوت ثملاً فلأننا نصوّر خلال الليل». يصعب معرفة إن كان يبدو ثملاً لأنه منذ بدأ للمرة الأولى باستقطاب أنظار الجماهير في سن السابعة عشرة عام 1983، وبشرته شاحبة للغاية إلى حدّ تجعله يبدو وكأنه يتوق إلى قضاء يوم تحت أشعة الشمس. كان كوزاك في الليلة السابقة للقائي معه، في محطة باترسي لتوليد الكهرباء يصوّر المشهد المثير من فيلم Shanghai، الذي يتمحور حول التجسّس خلال الحرب العالمية الثانية. يؤدي فيه كوزاك دور منفي أميركي يتورط في أحداث غامضة في المدينة خلال الأشهر التي مهّدت للهجوم على ميناء بيرل. فيما تعمل آلات المطر بقوة، يضع المخرج مايكل هافستروم لمساته الأخيرة على مشهد من الفيلم يبدو كلاسيكياً نموذجياً بألوان قاتمة تناسب مرحلة الأربعينات. يعقب كوزاك في هذا السياق: «المشهد أشبه بالجحيم. يدور اشتباك مسلح تحت المطر بين أربعة أشخاص عليهم عقد صفقات أحدهم مع الآخر، والكشف عن هوياتهم قبل البدء بالقتال. علاقتي بآنا (لي جونغ) تتضح أمام زوجها. على أسياد الحرب اليابانيين والصينيين مواجهة أحدهم الآخر».فترة حرجة تشارك في الفيلم الذي تنتجه شركة «واينستاين» نخبة من نجوم السينما الشرقية، منهم: شو يون فات، جونغ لي، كين واتانابي، ونجمة فيلم Babel رينكو كيكوشي. يصف كوزاك شخصية بول سومز التي يجسدها في الفيلم: «شخص بعيد عن محيطه الاعتيادي لأنه أميركي يحاول اكتشاف سبب وفاة صديقه العميل الأميركي الذي قُتل في شانغهاي. على إثر ذلك، يتسلل عبر العصابات اليابانية والصينية لاكتشاف ما الحقيقة، متخفياً بشخصية رجل أميركي سطحي يدّعي أنه مراسل لإحدى الصحف».أثار الفيلم جدلاً في الصين، لذا صوّرت المشاهد الداخلية في لندن لأن الحكومة الصينية رفضت منح الإذن بالتصوير. يؤكد المنتجون بأن أي فيلم يتناول هذه الفترة الحرجة من التاريخ الصيني سيواجه صعوبة حتى لو كان النص لا يتضمن إيحاءات سياسية أو جنسية. يعلّق كوزاك: «أعتقد أن السياسة الراهنة تجبرنا على الكذب وخداع بعضنا البعض، وتؤثر في العلاقات الإنسانية. حتى لو كان الفيلم لا يتناول مثل تلك القضايا، المؤسف هو أن تلك الشخصيات التي يدور حولها الفيلم، مجبرة على إعداد أجندات مختلفة للاحتماء». كوزاك راهناً أقل انتقاداً للسياسة مما كان عليه قبل بضعة أشهر، عندما التقيت به لمناقشة فيلم عن حرب العراق بعنوان Grace is Gone، أنتجه بنفسه وأدى فيه دور أرمل عليه التعايش مع فكرة إخبار ابنتيه أن والدتهما الجندية قُتلت خلال أداء واجبها في الخليج. بالعودة إلى ذلك الوقت، كان كوزاك يهاجم الحكومة الأميركية ورد فعل الديموقراطيين على الحرب: «قال الناس إنه كان علينا مهاجمة بوش قبل الانتخابات الأخيرة، لكن الظروف مؤاتية راهناً. من الجيد مناقشة المشاكل في الولايات المتحدة لأننا نمر في فترات عصيبة».خاب ظن كوزاك بالطريقة التي توانى فيها الديموقراطيون عن مهاجمة إدارة بوش بعنف في كل مكان، وأدرك حقيقة الأمور. عندما يقول: «لست مطيعاً، ولن تستحوذ علي صورة جون واين المثالية أو الجدل الذي يفيد أن اليمين يعتبر العالم ملكاً له. أعتقد بأن الانشقاق ينم عن وطنية حقيقية أيضاً»، أعرف سبب حلوله في مرتبة «نجمي المفضل» لدى أبناء جيلي بدءاً من منتصف ثمانينات القرن العشرين إلى الآن. جاذبيّة مختلفةتمثل جزء من جاذبية كوزاك في أنه لم يكن وسيماً على نحو تقليدي كما روب لوي أو توم كروز. يبلغ طوله 1.92 متر، لكنه غير رشيق، وفكه مستدير وليس مربعاً. لم يظهر مكشوف الصدر ليبرز عضلاته، وإنما أدى دور الرجل العادي غير الرياضي. تمثلت موهبته في أداء دور مراهق غريب الأطوار يكسب قلب الفتاة بقوة الإرادة. كان متمرداً من دون سبب، لا يثق بأحد. كان مراهقاً على غرارنا لديه قضايا ومشاكل ولم يكن يدرك فعلاً كيف يتعامل معها. كان كوزاك مضحكاً إلى حد كبير وشكلت أدواره في The Sure Thing، Better off Dead، ودوره الأكثر شهرةً، الرومانسي لويد دوبلر في Say Anything، لحظات حاسمة في ثقافة الثمانينات. كان اندماجه مع تلك الحقبة وثيقاً للغاية إلى حد، نتعجّب فيه من تحضيره الفيلم الكوميدي الذي يتناول لقاء طلاب الثانوية Grosse Point Blank.ما من شك في أن مغامرات كوزاك الأولى في عالم أدوار الراشدين، في فيلم Grifters عام 1990، دفعت بحياته المهنية إلى القمة. لكن يبدو أن محبيه والعاملين في هوليوود أرادوا له ألا يتطور، فانقطع عن العمل لسنوات خطف خلالها فيلم Bullets Over Broadway لوود آلن وحده الأضواء. آنذاك، شكل كوزاك مجموعة مسرحية مقرّها في شيكاغو تدعى The New Criminals، وأنتج أعمالاً حول السياسة والفن الحديث. تنامى اهتمامه بقدرة الفن على التطرق إلى الشؤون الحياتية. يشير في هذا المجال: «يواجه العالم السياسي بالعالم الفني...أعتقد أن الأفلام والكتابة لديها تأثير كبير». استعاد كوزاك نشاطه بعد نجاح فيلم Grosse Point Blank عام 1997، فأدى دور بطل في Con Air ومراسل لدى مجلة يحقق في جريمة قتل في Midnight in the Garden of Good and Evil للمخرج كلينت إيستوود في العام نفسه. في السنة اللاحقة، أدى دور جندي في The Thin Red Line لتيرينس ماليك. كان محرك دمى في فيلم John Malkovixh عام 1999، وأخرق في High Fidelity عام 2000، المقتبس عن رواية نيك هورنباي: «معظم الأعمال في هوليوود تتضمن أبطالاً يبلغون الكمال. لكن Being John Malkovich وMax (أدى دور تاجر فنون يؤيد هيتلر) فيلمان يعتمدان على الشخصيات وأقصد هنا تلك التي تتصف بعيوب». برع كوزاك عندما أدى هذه الشخصيات، ومُني بالفشل عندما حاول وضع نفسه في الصورة المبتذلة لأفلام هوليوود. راهناً، يؤدي صوت البطل إيغور في فيلم الرسوم المتحركة الذي يحمل الإسم عينه حول مساعد عالم شرير أحدب.بدا كوزاك الذي شارك في أكثر من 50 فيلماً على مر عقدين من الزمن، قاسياً على نفسه خلال ترويج فيلم 1408، عندما أخبر صحافياً ألمانياً أنه قام بعشرة أفلام عظيمة. يوضح الممثل أن الصحافي أساء نقل ما جاء على لسانه: «جعل الأمر يبدو وكأنني قلت إن أفلامي الأربعين فاشلة. ظننتني أتحدث بإيجابية. قلت إنني شاركت في أفضل 10 أو 15 فيلماً من حيث النوعية. أما البقيّة، فبعضها جيد، وبعضها الآخر سيئ».المفاجأة الكبرى هي أن كوزاك، الذي أدى أدواراً في أفلام ناجحة كثيرة، لم يتلق جوائز جمّة لأنه رفض الدخول في ألعاب الممثلين التي يمارسونها لدعم أدائهم. يلقي، في هذه المسألة، ملاحظة حول جهود واينستاين لتحصيل جوائز الأوسكار الشهيرة: «سأكون مسروراً لو يبتاع لي هارفي جوائز طالما أنه لا يتوقع مني أن أتودد إلى الأطراف جميعها. يتوجه بعض الممثلين إلى بيت للرعاية بالمتقاعدين للحصول على 10 أصوات من هنا وهناك، لكن الأمر لن يصل بي إلى ذلك الحد». حقق كوزاك أحلام طفولته كلها، ويبدو تماماً كما أذكره في الأفلام، غير جذاب، لكنه محب. يلقي نكات سيئة بقدر ما هي جيدة. يتمتع بقوة الشخصية ولديه قناعة بأنه يقوم بالصواب ولا يبيع روحه.أدواره The Sure Thing-1985يجسد كوزاك في دوره الأول شخصية مراهق أخرق، يقرر السفر عبر الأرياف للقاء فتاة يضمن أنها ستقيم علاقة حميمة معه، بعد أن عجز عن ترك انطباع إيجابي لدى فتاة أحلامه.Say Anything-1989يؤدي كوزاك في هذا الفيلم دور الفاشل تماماً، الرجل الوحيد في العالم الذي يعتقد أنه يستطيع الفوز بقلب أجمل الجميلات في المدرسة ديان كورت. لكن الرياح تعاكسه، إلى أن يقرر عزف لحن لها بواسطة جهاز الستيريو الخاص به وإحدى المقطوعات الموسيقية من أغنيات بيتر غابريال. Grosse Point Blank-1997 يعتبر هذا الفيلم تكريماً لأفلام الثمانينات التي تحاكي مرحلة الثانوية إنتاجاً وتأليفاً وتمثيلاً. يؤدي كوزاك دور قاتل محترف لم يتمكن من التعايش مع فكرة أنه فوّت حفلة تخرّجه في الثانوية. وخلال وجوده في الجوار في مهمة، يقرر الذهاب إلى لقاء تعقده المدرسة للطلاب الذين ارتادوها منذ عشر سنوات.Being John Malkovich -1999قد يكون عنوان الفيلم «جون مالكوفيتش»، إلا أن الفيلم يتمحور حول كوزاك الذي يؤدي دور محرك دمى يكتشف مدخلاً يقوده مباشرةً إلى عقل مالكوفيتش.High Fidelity- 2000يجسد كوزاك في هذا الفيلم شخصية صاحب متجر أسطوانات عاجز عن تقبّل فكرة انفصاله عن صديقته.Grace is Gone-2007يظهر هذا الفيلم، من إنتاج كوزاك وتمثيله، كيف أثرت حرب العراق على حياة من يعيش في الولايات المتحدة.