شخصياتها مخيفة تلهي عن مخاطر المجتمع الحقيقية لائحة أفلام 2009 السينمائية... رعب وظلام!

نشر في 18-02-2009 | 00:00
آخر تحديث 18-02-2009 | 00:00

هوليوود - ندعو محبي السينما إلى توخي الحذر، فثمة مجموعة من القتلة المقنّعين العنيفين والأشرار المختلين عقلياً والقوى الشيطانية الفتاكة ستتدفق إلى صالات السينما، لكنها لن تحاول سلبكم حياتكم الفانية، بل أموالكم. تسيطر أفلام الرعب على لائحة الأفلام المقرر إطلاقها في العام 2009.

لا شك في أن إيرادات الأفلام الضخمة مثل Watchmen وTerminator Salvation ستتخطى أرباح أفلام الرعب الأخرى، لكن لن يمر شهر من دون أن ينزل إلى الصالات فيلم يخيف المشاهدين. شهد يناير إطلاق فيلمي

The Unborn وMy Bloody Valentine 3-D. وسيبدأ قريباً عرض فيلم الإثارة والتحليل النفسي The Uninvited.

في المستقبل القريب، يعود جايسون فورهيس بقناع الهوكي الذي يرتديه ليهدد المراهقين في الفيلم المذهل Friday the 13th. في مارس (آذار)، يكشف دينس إيلياديس، في محاولته السينمائية الأولى، عن نسخته من فيلم الرعب الكلاسيكي The Last House on the Left. في مايو (أيار)، يعود مخرج Spider-man إلى عالم الرعب الذي أطلق مسيرته المهنية مع فيلم Drag Me to Hell.

فضلاً عن ذلك، ألّف كاتب Juno، ديابلو كودي، فيلم الرعب الكوميدي Jennifer’s Body، وأعاد روب زومبي إحياء الشرير مايكل مايرز في فيلم H2: Halloween 2. كذلك ستتاح لنا فرصة مشاهدة الجزء الأخير من فيلم Final Destination وقد أدخلت إليه تقنية ثلاثية الأبعاد.

في أوكتوبر (تشرين الأول)، تعود سلسلة ليونزغايت Saw في جولة سادسة، وقبل نهاية السنة، يواجه بينيسيو ديل تورو الوحش في داخله في فيلم The Wolf Man.

مجتمع مرعب

بما أن أفلام السينما تعكس مخاوف المجتمع، فمن المنطقي إذاً أن نرى كل هذه الشخصيات المخيفة تخرج اليوم من الظلام. انهيار سوق الإسكان والوقوف على شفير ركود اقتصادي خطير والحرب المستمرة والإضطراب الدولي، كلها مخاوف تثقل كاهل المشاهد وتقضّ مضجعه. لذلك يُعتبر الجلوس في صالة العرض المظلمة لمشاهدة أعمال مرعبة متنفساً أو على الأقل وسيلة تلهينا عن المخاطر الحقيقية التي نواجهها.

«تضحكنا الأفلام الكوميدية. أما أفلام الرعب فتولّد في نفوسنا نوعاً خاصاً من المشاعر»، يوضح أندرو فورم، الشريك في مؤسسة مايكل باي Platinum Dunes التي أنتجت الفيلم الجديد Friday the 13th. يضيف فورم: «يحدث في داخلنا ردة فعل فورية. تجلس في المقعد مع علمك أنك سرعان ما ستغمض عينيك، فتترقب بشوق لحظات الخوف تلك، ولن يفارقك هذا الشعور طوال تسعين دقيقة».

أنواع مختلفة

يعلّل هذا الواقع نجاح أفلام الرعب مع أنها نادراً ما تلقى استحسان النقاد. فمنذ أوج مجدها مع أفلام Universal عن الوحوش من بطولة بيلا لوغوسي وبوريس كارلوف، استندت أفلام الرعب إلى نمط دوري يتبدل بتبدل نوع الأفلام الذي يحظى بقبول الجمهور، وخلال السنوات الإثنتي عشرة الماضية، شهدنا أنواعاً متنوعة ومختلفة.

في العام 1996، تبنّى فيلم Scream لويس كرافن مقاربة ساخرة وعصرية لأفلام الرعب قضت على موجة أفلام القتلة المتسلسلين التي سادت سابقاً، فجاء دور أفلام الإثارة التي ترتكز على ظواهر خارجة عن الطبيعة والمستوحاة من قصص الأشباح الآسيوية والأفلام الكلاسيكية القديمة أو أفلام الرعب غير الأميركية التي أحدثت ضجة كبيرة، على غرار The Orphanage الإسباني وLet the Right One In السويدي.

تتجلى كل هذه الأنواع في مجموعة الأفلام التي ستعرض قريباً في صالات السينما. يُظهر هذا الواقع مدى استعداد هوليوود للإستثمار في أفلام الرعب، لأنها لا تحتاج إلى ممثلين مشهورين أو مؤثرات خاصة باهظة الثمن أو ميزانيات تسويق عالية لتنجح، كذلك يشير هذا الواقع إلى زخم كبير في الطاقة المبدعة، ومن المتوقع أن يزداد هذا الشغف بأفلام الرعب مع تقنية ثلاثية الأبعاد الحديثة.

يقول زومبي (44 سنة) في مقابلة أجريت معه عبر الهاتف: «أعتقد أن الاستوديوهات كافة تدرك أن أفلام الرعب تلقى رواجاً». يضيف هذا المخرج الذي كان يستعد للسفر إلى جورجيا لتصوير فيلم H2: «لا يحظى هذا النوع من الأفلام بأي احترام أو حب، إلا أنه يحقق دوماً أرباحاً».

قساوة كرافن

أمضى المخرج ويس كرافن (69 سنة) معظم حياته المهنية في العمل على إخافة المشاهدين عبر أفلام تشمل أفكاراً أوسع وأعمق من مجرد فكرة مَن سينجو من الأبطال ليشارك في الجزء التالي، ولا عجب في ذلك، فهو بروفسور سابق متخصص في العلوم الإنسانية. كان كرافن في صباح أحد الأيام يجلس إلى طاولة الطعام في منزله العصري في منطقة هوليوود هيلز، وكانت أشعة الشمس تتدفق عبر مجموعة من النوافذ الضخمة. راح هذا الكاتب والمخرج العبقري يتكلم بصوته الرقيق قائلاً إن فيلمه التالي، 25/8، هو مشروع شخصي. يتحدث الفيلم عن شاب يكتشف أنه ابن قاتل متسلسل ارتكب جرائمه من دون وعي منه.

يوضح كرافن: «أعجبتني فكرة القيام بأمور من دون وعي. أعتقد أن هذه الفكرة لها دور كبير في تاريخ الولايات المتحدة، أقصد تاريخها غير المعلن. كذلك لفتت نظري فكرة توارث الطابع العنيف وانتقاله من جيل إلى آخر. فهل حُكم علينا تكرار الأعمال العنيفة نفسها؟ وما مدى تورطنا؟»

يُعتبر كرافن واحداً من مجموعة من المخرجين الذين سطع نجمهم في أواخر ستينيات القرن العشرين ومطلع السبعينيات. عالج هؤلاء في أفلامهم مواضيع مثل التعصب العرقي وتفكك الأسرة والإرث العنيف الذي خلفته حرب فيتنام. على غرار أعمال جورج روميرو وتوبي هوبر، جاءت أفلام كرافن قاسية وبشعة إنما مثيرة للإهتمام، فمعه تحوّل الريف الأميركي فجأة إلى مكان يتفشى فيه العنف.

تشكّل أفلام ذلك العهد أبرز المواد التي تُدرَّس في معاهد الإخراج، ومن بينها Night of the Living Dead لروميرو وThe Texas Chain Saw Massacre لهوبر وThe Last House on the Left وThe Hills Have Eyes لكريفن وHalloween لجون كاربنتر. لكن بعد تلك الحقبة، تراجع هذا النوع من أفلام الرعب لتحلّ محله أفلام تفتقر إلى عمق الموضوع وتتمحور حول قتلة مقنّعين أو مشوّهين يلاحقون شباناً في مكان معزول.

مع أن فيلم 25/8 لن ينزل إلى صالات العرض قبل الخريف المقبل، يبدو تأثير كرافن على أفلام الرعب العصرية واضحاً ومباشراً. فقد أخرج باتريك لوسيير أول فيلم له بعنوان

My Bloody Valentine 3-D، وفي مارس، تبدأ شركة Rogue Pictures عرض نسخة إيلياديس من فيلم The Last House on the Left، قصة عنيفة تعكس قدرة الأشخاص المتحضّرين على التصرف بعنف ووحشية.

بين العنف والسياسة

قبل العمل مع إيلياديس، مخرج يوناني اشتهر بفيلمه Hardcore عام 2004، طلب كرافن من الفرنسي ألكساندر آجا إعادة تصوير فيلم The Hills have eyes. يُعتبر آجا (30 سنة) أحد المخرجين الشباب الذين تربوا على أفلام السبعينيات تلك. انطلق في عالم الإخراج عام 2003 مع فيلم High Tension، الذي تصفه صحيفة Village Voice بـ{العنيف والعميق» في آن. حوّل آجا قصة كرافن عن عائلة في الضواحي تحاصرها مجموعة من أكلة لحم البشر المشوهين في الصحراء إلى تعليق قوي على السياسة الخارجية الأميركية في الشرق الأوسط.

لا شك في أن التكرار يؤدي إلى الملل. ومع أن دارن لين بوسمان (30 سنة) أخرج أجزاء ثلاثة من فيلم Saw، إلا أنه يبدي انزعاجه من ندرة الأفكار المبتكرة. واجه فيلم الرعب الموسيقي، Repo! The Genetic Opera، الذي أخرجه عام 2008، الانتقادات اللاذعة حين أُطلق في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي ولم يجمع أكثر من مئتي ألف دولار خلال فترة عرضه الأولى. لكن قصة هذا الفيلم، التي تدور في حقبة مستقبلية أدمن خلالها الناس عمليات التجميل إلا أنهم يواجهون خطر فقدان أعضائهم ما إن يعجزوا عن تسديد تكاليفها، تُعتبر فريدة من نوعها.

حالياً، قرر بوسمان إطلاق حملة للترويج لفيلمه هذا، متنقلاً في أنحاء البلاد ليحضر حفلات عرض !Repo بعدما بيعت جميع بطاقاتها. قصد الناس صالات العرض مرتدين الزي نفسه ليعربوا عن دعمهم لنظرته المميزة، ويصرّ بوسمان على أن هذا الحضور الكثيف يبرز مدى جوع المشاهد إلى الأفكار المبتكرة.

يوضح بوسمان: «عندما تتأمل في أفلام الرعب راهناً، تلاحظ أن معظمها أجزاء من أفلام سابقة أو أفلام أعيد تخيلها أو تصويرها. رغبت في تقديم فكرة جديدة. سواء أحببت Ripo! أو كرهته، يبقى مختلفاً عن سائر الأفلام المعروضة اليوم. نأمل أن نشاهد المزيد من القصص المبتكرة».

يؤكد معظم المخرجين اليوم أن التحدي الأساسي يكمن في المحافظة على الجودة العالية وتقديم الجديد والمبتكر. يشعر آجا بحماسة عارمة بسبب الآفاق الواسعة التي يقدّمها التطور التقني، ويصرّح أنه سيستعين بآخر ابتكارات التكنولوجيا في مشروعه التالي، Piranha 3-D.

مخاوف المجتمع

يعتقد كرافن أن تقنية ثلاثية الأبعاد لن تبدّل وجه عالم الرعب، مع أنه يصف My Bloody Valentine بالممتع، ويظن أن المخرجين سيستمرون في تقديم أفلام ممتازة تعكس مخاوفنا كمجتمع، مع أن بعضها سيكون أعمق وأشمل. يذكر كرافن: «أعمل في هذا المجال منذ زمن طويل. يقول لي الناس دوماً: ‘بسبب فيلمك راودتنا الكوابيس طوال سنة. شكراً جزيلاً!’ لا أملك مبرراً لهذه التصرفات، لذلك أحاول طرح نظريات تؤكد أننا نحتاج إلى مَن يخرج هذه المخاوف من أعماقنا».

back to top