فيلم Frost/Nixon... ادّعاء بالعظمة في غير محلها!

نشر في 17-02-2009 | 00:00
آخر تحديث 17-02-2009 | 00:00

يبدو جو Frost/Nixon مثقلاً بالثقة المفرطة بالنفس إلى حد الشعور بأن مصير السياسة الأميركية على المحك في هذا الفيلم. طوّر رون هاوارد وبيتر مورغان مسرحية هذا الأخير لتتلاءم مع عالم الفنادق الفخمة وسيارات الليموزين الطويلة، لكنهما حافظا على الطابع الوثائقي ليقنعانا بأننا نشهد صراعاً يضاهي صراع داوود وجالوت شراسة ومبارزة علي وفورمان إثارة. ما جائزة هذا اللقاء القمة؟ اعتذار على شاشة التلفزيون من سياسي لحق به العار.

يا له من طابع وثائقي! بدءاً من اللحظة التي يخبر فيها ديفيد فروست (مايكل شين) صديقه جون بريت (ماثيو ماكفادين) أنه يريد إجراء سلسلة من المقابلات التلفزيونية مع رئيس الولايات المتحدة السابق ريتشارد نيكسون (فرانك لانغيلا)، يتمحور الفيلم حول مجموعة لا تنتهي من التحضيرات في الكواليس والحجج والجدالات، ويحدد كل طرف ما يرغب في تحقيقه. ففي نظر نيكسون تشكل هذه المقابلات فرصة ليجدد حياته السياسية بعد مرور سنوات ثلاث على هربه من مشاكل فيتنام وفضيحة ووترغايت، في نظر فريق فروست تشكل هذه المقابلات فرصة لمحاسبة نيكسون علانية وحمله على الاعتراف بخطئه بعد سنوات من النكران، أما في نظر فروست نفسه، فستساعده على إحياء حياته المهنية التلفزيونية المتداعية وإظهار نجوميته إلى العالم.

تفاصيل مملة

تقتصر الساعة الأولى على عرض التفاصيل المملة، فتتكرر المعلومات وتعيد المشاهد الفكرة نفسها وتُرسم خطط المعركة، فيردد نيكسون عبارة «من دون أي قيد أو شرط» أكثر من أربع مرات، وفي إحدى مراحل الفيلم، تظهر على الشاشة بطاقة تحمل العبارة «55 يوماً قبل المقابلة»، فلا يسعك إلا أن تتأفف من كل هذه الضجة التي أثيرت حول مقابلات بسيطة.

لا يشعر المشاهد أنه معني بما يحدث في الفيلم إلا عندما تبدأ المقابلات. في هذه المشاهد يبذل الممثلان قصارى جهدهما، يقصّر لانغيلا عن أداء صوت نيكسون (أشبه بصوت جون هيوستن)، إلا أنه يتقن تلك التبدلات المفاجئة في المزاج: فها هو ذلك الرجل الغاضب الساخر المضطرب نفسياً، الذي يشفق على ذاته وغالباً ما يبدو، من خلال سماع صوته على أشرطة البيت الأبيض الشهيرة، رجلاً يفتقر إلى الجاذبية ويعشق المال. عندما يلتقي نيكسون صديقة فروست، كارولين (ريبيكا هول التي لم يحسن المخرج استغلالها)، ينصح فروست بالزواج بها، لأنها من سكان موناكو (لا يدفعون الضرائب) خصوصاً.

أما شين بحاجبيه المقطبين وشعره اللامع المصفف وفق طراز السبعينيات، فيجسد شخصية مختلفة في فورست، متخلياً عن هيبة رجل في مثل مكانته وعن كل ما يملك من أموال، فتتحول المقابلات إلى مباراة ملاكمة. ترى المحقق والمشتبه به يدوران مسددين اللكمات الخادعة ومحاولين تفادي أضواء الكاميرا، في حين يقف المدرّبان خارج الحلبة يتأملان ما يحدث ويحاولان احتساب النقاط.

لكنك تشعر طوال الفيلم بانزعاج من ادعائه العظمة، لا شك في أن لحظة اعتراف نيكسون بذنبه كانت مهمة، إلا أن الأهمية التي أعطيت لها لم تكن في محلها، إذ سبق أن فُضح أمر نيكسون وكان اعترافه الخطي معدّاً وكل ما حصلنا عليه مجرد اعتراف.

لا يهدف الفيلم إلى تصوير فروست وحده بطلاً، بل التلفزيون بحد ذاته أيضاً، هذا الوسيط الذي يكشف النفاق والفساد داخل عالم السياسة، لكنه في هذه القصة لم يكشف أي جديد. سبق أن أدين نيكسون وفقد مصداقيته. لعل أكثر اللحظات غرابة في الفيلم في نهايته عندما يعترف نيكسون، هذا الشخص غير المحبوب، بعيوبه ويقول إن فروست الفائق اللطف كان سيشكّل سياسياً أفضل منه. نجح مقدّم البرامج المتقلّب من دون أي مجهود في الإستحواذ على سلطة التلفزيون. عمل ذكي، ولكن هل هو أمر نفخر به؟

back to top