مناهج التربية الإسلامية كفار ومشركون... وغياب للتسامح دروس حصص الدين لا تخلق طالباً كونياً يتعامل مع الآخرين

نشر في 06-02-2009 | 00:00
آخر تحديث 06-02-2009 | 00:00
قراءة سريعة لطبيعة المواضيع المتضمنة مناهج التربية الإسلامية يتضح منها الخلل في اختيار واضعي المنهج، والهدف من تدريس هذه المادة، وإلا كيف يعاقب الله تعالى رجلا صالحا؟... وكيف يسمح بإيحاءات جنسية قسرية لطلبة في بداية المراهقة؟

قد يكون السؤال عن الهدف من تدريس التربية الدينية بشكل عام وفي أي مجتمع شيئاً من الترف الفكري، إذ تبدو الاجابة عند كثيرين واضحة، وتتبلور في أن التربية الدينية ضرورة لمعرفة أسباب الوجود، والمصير، والتعرف على الحياة التي تعقب الموت، وفي هذا المشوار الطويل هناك واجبات وسلوك واجبة التطبيق للعيش بأمان في الحياتين.

وتحرص معظم المجتمعات، حتى المتقدم منها، على التربية الدينية، لكن ليس جميعها ينظر إلى هذه المادة لكونها مادة تعليم أكاديمية كالرياضيات واللغات وغيرها.

مادة التربية الإسلامية، التي تدرس في مناهج التعليم في دولة الكويت، يعتريها كثير من السلبيات، ومنها ما يتعلق بإعداد المعلم والمنهج وطريقة تأسيسه، ومنها ما يتعلق بنظرة القائمين على التعليم للهدف من هذه المادة، والتي يبدو انها تعاني شيئاً من عدم الوضوح، ومن خلال اطلاع عام على خمسة مناهج للمادة «الصف الاول، الثالث، الخامس، الثامن، والتاسع» شملت المراحل الدراسية الثلاث، تبينت الملاحظات التالية:

أولا: بقاء كثير من المناهج سنوات تصل إلى اكثر من 10، ويجري حذف بعض الدروس منها خلال تلك المدة، وكأنه اعتراف بعدم ملاءمتها للتدريس من زوايا كثيرة.

ثانياً: ضعف الاهتمام باختيار المؤلفين، ففي كثير من الأحيان تجد أسماء بلا ألقاب علمية، وهو ما يثير الشك حول سلامة المنهج.

ثالثاً: التركيز الواضح على المسلمين دون غيرهم، وهو ما يعطي انطباعاً لدى المتلقي بأنه يعيش وحده في العالم من دون أي اهتمام بالآخر.

رابعاً: عدم الانتباه والتركيز في اختيار بعض المصطلحات الواردة في القرآن الكريم، واسقاطاتها على الواقع الحالي مثل «المشركين» و«الكفار»، والتي لاشك تثير فضولا لدى الطلبة في سن مبكرة، للسؤال عما إذا كان يوجد كفار ومشركون بيننا، وما هو التصرف الواجب تجاههم.

خامساً: إن جميع المناهج وتأسيساً على ما سبق لا تستطيع خلق إنسان كوني، له تطلعات إيجابية مع الغير، وهناك خطورة غير مباشرة تذخر بها تلك المناهج عندما تقول للطالب: إنك افضل البشر على الارض لكونك مسلماً، وليس على اساس التقوى.

الموجه الفني العام للتربية الاسلامية السابق د. حمود الحطاب يؤكد ضرورة أن تكون لأي منهج عناصر رئيسية تعمل على بنائه، وهي المادة التعليمية والوسائل المساندة والأنشطة وطرق التدريس، ويؤكد في حديثه لـ«الجريدة» أن بناء المنهج في وزارة التربية بشكل عام هو بناء كتاب مدرسي! وفي ذلك يجتهد المسؤول عن المناهج في تكوين فرق لتطوير تعليم مادة من المواد، وتشمل المسؤولين في ادارة المنهج والموجه العام للمادة وبعض الموجهين الاوائل وموجهين من ذوي التخصص حسب المراحل العامة، ويضاف إلى هؤلاء عدد من المدرسين الأكفاء المتخصصين في المادة والنُّظار، واعضاء من التعليم التطبيقي والتدريب، وأساتذة من كلية التربية، ومهتمين من وزارة الاوقاف وأئمة مساجد.

ويضيف د. الحطاب ان كل هذا الكم يعد عملا ايجابيا وناقصا في آن... لماذا؟ لأن بناء منهج دراسي يجب ان يكون على اساس فلسفي وفكري، وهذا الاساس لا يمكن له التمام إذا عزلنا مؤسسات المجتمع عنه، فهناك الجيش والشرطة والمؤسسات الصناعية والتجارية والطبية ومؤسسات اخرى سيكون الطالب لاحقا موظفا فيها، فهي إن لم تكن مشاركة في وضع لمساتها، كل حسب تخصصه وعمله، فلن يكون هناك حديث عن منهج شامل، وبالتالي فإن وصف الوضع الحالي في بناء المناهج يمكن اختصاره بمقولة ان وزارة التربية تنفرد اليوم بوضح مناهجها دون اشراك المجتمع معها.

خطوات بناء المنهج

وعن خطوات بناء المنهج والاعمال المطلوبة لذلك يؤكد د. الحطاب أنها تسير بدءاً بالنظر في الاهداف والمنهج القديم، ثم التنقيح واعادة صياغة الاهداف، ثم الاعداد للمنهج الجديد وبناء التوصيف، وهي هيكلة المنهج الذي قامت اللجنة بوضع تصور له، ثم البدء في عملية التأليف، وعادة ما يتم اختيار مؤلف من نفس اللجان.

القيم العامة

ويضيف ان التعليم الديني في الكويت يهدف إلى بناء شخصية عربية اسلامية، استنادا إلى موروثات تاريخية وحضارية، ومن المفترض ان يتعلم الطالب من التعليم الديني قيم التسامح والإيثار، والتعامل الحضاري مع الآخرين، والفضيلة، وحب الآخرين، والكرامة الإنسانية، وقيمة العلم، والابتعاد عن الخرافات والسلوكيات المنحرفة، ومعرفة تواريخ الامم والتفكير العلمي السليم.

ويقول في ذلك ايضا ان الوضع الحالي في الوزارة لا يكفل توافر هذه الصفات في كل واضعي المناهج انفسهم، سواء الكويتيون منهم أو الوافدون بمن فيهم خريجو الازهر الشريف، ويضيف ان الامثلة التي يذخر بها التراث الديني الاسلامي من تعامل انبيائه وشخوصه الاخرين مع اصحاب الديانات الاخرى تعد شبه غائبة.

وألمح د. الحطاب الى سيطرة توجه اسلامي سياسي واحد على وزارة التربية، وغالباً ما تكون مناهج التربية الاسلامية تعكس طموحات هذا التوجه، ويظهر ذلك في تشكيل اعضاء لجان الـتأليف، ويؤكد بقوله ان هذا الوضع لن ينتج عنه بناء شخصية كونية تتطلع بإيجابية إلى الآخرين. ويضيف أن هناك نماذج من الدروس التي تضمها بعض كتب التربية الاسلامية، تؤدي إلى مفاهيم سلبية خطيرة على ذهنية الطالب، ومنها أحد الدروس في المرحلة الأولى الابتدائية، التي تصور الله سبحانه وتعالى «وهو منزه عن ذلك» يعاقب رجلاً صالحاً بالقضاء على كل ثروته من الإبل دون سبب إلا لإثبات أن الله تعالى «مالك الملك»!!

ويقول د. الحطاب ان تفحص معظم كتب التربية الاسلامية يوضح حجم المراجع التي تم الاستناد إليها من قبل لجنة التأليف، والتي تصل احيانا إلى 40 مرجعا، لكنك لا تجد انعكاس فائدة تلك المراجع على بناء المنهج الدراسي.

بعض الأفكار في كتب للتربية الإسلامية

أولا: كتاب الصف الثامن

• عقوبة الجلد

في الدرس الثاني عشر بعنوان: «المؤمن يستحي من الله فلا يقذف المحصنات لأن الله يسمعه ويراه».

• الملاحظة:

- هناك إيحاء من عنوان الدرس بأن البعد عن القذف مرده مراقبة الله سبحانه وتعالى فقط، من دون ذكر أي شيء عن الوازع الأخلاقي الذي يجب أن يتصف به أي انسان».

- التطرق إلى عقوبة الجلد (80 جلدة) لمن يأتي بفعل القذف، وهو ما يثير لدى الطالب فضولا عن تطبيق العقوبة المذكورة في القانون الكويتي الذي لا يستند اليها في الاصل.

• الاعتداء الجنسي

في الدرس التاسع بعنوان «الله يسمع كل شيء ويرى كل شيء».

• الملاحظة:

- إيراد مثال الثلاثة الذين حبسوا في الكهف ودعوا ربهم أن يزحزح الصخرة استجابة لأعمال الخير التي عملوها في السابق. والمثير ان احدهم كان يناجي ربه بقوله: كانت لي ابنة عم واني راودتها مرة عن نفسها واعطيتها المال، فرجتني الامتناع عن فعل الحرام فامتنعت عن ذلك، يارب إن كنت فعلت ذلك من اجلك ففرج عنا، فانزاحت الصخرة قليلاً. وهو مثل لا يليق ايراده للطلبة في سن حرجة، وتعريفهم على الاعتداءات الجنسية او محاولات المراودة عن النفس.

• تناقض

في الدرس الرابع بعنوان «المسلم يعتقد ان المؤمنين يرون الله تعالى في الجنة».

• الملاحظة:

- يبدو التناقض واضحا في هذا الدرس، ففي صفحة 29 يدور الحديث عن ان المؤمن يستطيع رؤية الله تعالى في الجنة، وان هذه حقيقة لا مراء فيها. وفي صفحة 31، يطلب الدرس من التلاميذ عدم الخوض في مثل هذه الأمور لأنها من المسائل الغيبية، وان عقل الانسان قاصر عن الاجابة عن بعض التساؤلات.

إذن لماذا تم ايراد هذا الدرس من الأصل؟

ثانيا: كتاب الصف الاول الابتدائي

• الله يعاقب الرجل الطيب!

- الدرس الثالث بعنوان: «الله مالك الملك»

• الملاحظة:

- في مناقشة هذا الدرس يجب ملاحظة سن الطلبة في هذه المرحلة، فهم في سن الطفولة المبكرة، حيث يروي الدرس قصة «صاحب الإبل» للتدليل على أن الله مالك الملك، وهي قصة فيها من الغلظة والعنف ما لا يليق بسن المتعلمين، ولا بصفات الله تعالى، فإن كان الرجل كما يصفه الدرس طيبا، فلماذا يقوم الله تعالى بإهلاك ثروته من الإبل ويملأ بها الوادي، هل هذا استدلال مناسب للأطفال بأن الله يملك الشيء ويعطيه لمن يشاء ويمنعه ويأخذه ممن يشاء؟!

كتاب الصف الرابع متوسط

• ترهيب

في الدرس الثامن بعنوان: «جزاء الكافرين في الآخرة»

• تناقض

- أضاف المؤلف بعض الكلمات التي فيها من الترهيب والغلظة ما لم تأت به الآية القرآنية والتي تبدأ بـ«والذين كفروا بربهم عذاب جهنم وبئس المصير»، أما اضافة المؤلف في وصف النار فكانت «انها تغلي بهم كغلي القِدر بما فيه»!

المسلم أولا... والآخرون مغيبون

تزخر مناهج التربية الاسلامية بدروس تدور في فلك من يدين بالاسلام فقط، فهو الذي يعرف النظافة ولا يكذب ويحب العلم، والى آخر هذه الصفات التي من غير المنطق ان تتوافق مع شخص لمجرد انه دان بالاسلام (8 دروس في الصف الثالث).

وتستخدم بعض الدورس في الكتاب ذاته كلمة (المؤمن) الذي لا يغش ولا يخدع، وهو الذي سيرى الله تعالى في الآخرة دون غيره، وغيرها من الصفات الايجابية التي يتحلى بها وسيحصل عليها، ولم تفرق هذه الدورس بين كلمتين (مؤمن) و (مسلم).

التكرار

يبدو من تصفّح كتب التربية الاسلامية ان فرق اعداد وتأليف المناهج لهذه المادة تعمل بشكل غير متصل، والدليل على ذلك تكرار كثير من الدورس في اكثر من مرحلة، فهناك قصص عن الانبياء في الصف الخامس، كانت مذكورة للطلبة في الصف الثالث. (قصص الانبياء إبراهيم وموسى وعيسى عليهم السلام).

نحن وهم!

أعلن في اكتوبر 2008 ان ادارة التعليم المسيحي البروتستانتي في هولندا رأت ضرورة اعادة النظر في نظم التعليم المسيحي والمناهج، وذلك للتحقق من مدى اسهامه في تحقيق التقارب والتفاهم بين المسيحيين والمسلمين، جاء ذلك بعد استطلاع رأي اجرته الادارة على طلاب مسيحيين ومسلمين تبين ان 25 في المئة من المسيحيين يرون أن تأثير الاسلام يجري بصورة غير مرغوب فيها بهولندا، بينما رأت نسبة 33 في المئة منهم ان الاسلام بدأ يهدد الثقافة المسيحية.

back to top