آمال باشلّ حبك معي

نشر في 03-02-2009
آخر تحديث 03-02-2009 | 00:00
 محمد الوشيحي جئت إلى الدنيا أجري بأقصى سرعة، عين على ساعة يدي وأخرى على الطريق خوفا من العركبة، وياما تعركبت. أجري وتتساقط مني الأشياء ولا أمتلك الوقت للتوقف والتقاطها، باستثناء العاطفة وأمور أخرى. والعاطفة إنْ سقطت فسأتوقف وسأنحني لألتقطها وسأمسح الغبار عنها بـ«طرف كمّي».

وبعد انتقالي من بيتي الذي فيه تربيت وحبوت على ركبتيّ وكفيّ، جريدة «الراي»، وجئت إلى بنت الذوات الأنيقة الشقية، جريدة «الجريدة»، أقول بعد إعلان الانتقال نصحني من نصحني بتغيير اسم الزاوية من «آمال» إلى اسم آخر، على اعتبار أن «آمال» أخذت حقها وزيادة، وجاز لك أيها الوشيحي أن تستمتع وتجدد حياتك، مثنى وثلاث ورباع.

وفكر الأحباب والأصحاب في أسماء وأسماء، واقترحوا وأرسلوا لي بوفيه مقترحاتهم لأختار، فخلوتُ مع نفسي برهة ثم رفعت صوتي مرددا أغنية الفنان الجميل أبو بكر سالم بلفقيه: «باشل حبك معي بلقيه زادي...»، ولمن لا يتحدث الحضرمية، كلمة «باشل» تعني سأحمل، و«بلقيه» أي سأجعله، وأنا سأحمل «آمال» معي وسأجلسها على حجري... في «مقْيَلي والسمَر».

و«آمال» جريدة «الراي»، هي ذاتها «آمال» جريدة «الجريدة»، بشحمها ولحمها. وجريدة «الراي» مثل المعلمة المصرية في شوارع وسط البلد، جمالها واضح من على بعد فرسخ وفيها من الدهاء ما فيها، وستشاهدها على ناصية الشارع بجانب بياع الفول ويداها على وسطها، وسيلفت نظرك قوامها الممشوق وجبروتها، ويا ويلك ويا سواد ليلك لو اعترضتَ طريقها، وهي ستدعوك إلى الغداء وستطبخ لك بيديها وجبة دسمة باللحم والخضار، وستأكل أنت إلى أن تفقد الذاكرة... بينما جريدة «الجريدة» كما الصبية الأنيقة الذكية التي تلقت تعليمها في مدرسة فرنسية، وتحفظ الأغاني الأجنبية كلها وتداوم على قراءة الروايات، وهي ستسبب لك غصة في الحلق لو مرت من أمامك تتقافز كالغزالة والـ«آي بود» على أذنيها، وستبلع ريقك مرارا ومدرارا لو تبسمَت، وستتحرك تفاحة آدم في بلعومك المبارك من دون كنترول، طالعة نازلة، وقد تتوقف التفاحة في قفاك أو بجانب أذنك، حسب التوافيق، وستفقد ملامح النوم لو شممت عطرها، وآه يا عطرها، وستدعوك الشقية إلى تناول «وايت موكا» في ستار بوكس مع أصدقائها وصديقاتها، وسيجلس بجانبك «شحط» من فصيلة الدببة لا يرتدي حزام البنطلون، يتبادل معها الضحك والحديث باللغة الفرنسية، وأنت مثل الأطرش في الزفة، وسيغلي الدم في عروقك، وستطلب أنت من «الشحط» رقم موبايله، وسترسل له «مسج»: «اهب يا النذل، متى وصلت من سيبيريا؟»، وستغادران المقهى أنت والشقية على سيارتك، وفي الطريق ستطلب منك التوقف أمام محل «باتشي» للضرورة القصوى، فالكاكاو من أساسيات الحياة، بيليف مي! وفي «باتشي» ستسألها الصبايا عن اسم عطرها وعن ملابسها وتسريحتها، فتخبرهن بترف تلقائي، فيقلدنها ويعجزن، وع الأصل دوّر.

والصحف كما النساء، مذاقات مختلفة يا صاحبي، وستستمتع أنت بالمذاقات كلها طالما صحتك عال والتيس يمشي على زندك، ومتى ما وقع التيس يفتح الله، فستنهال عليك الركلات والشتائم من كل فج عميق، والركل قسمة ونصيب.

* * *

قبل ترشيح العم عبدالعزيز العدساني، كنا على وشك ذكر محاسن الأموال العامة وقراءة الفاتحة على الأمل في مستقبل هذا البلد، فجاء ترشيحه لينثر الابتسامات في فضاءاتنا كما قصاصات الورق الملونة في احتفالات رأس السنة، فنهضنا كلنا نرقص ونغني.

لكن فرحتنا بالعدساني لم تتم بعدما أبلغنا البعض أن الداخلية تكثف دورات مكافحة الشغب لعساكرها! وقوات مكافحة الشغب لا تستخدم لتنظيم مهرجان هلا فبراير عادة... ويا أيها الدستور العظيم علامَ ينوي هؤلاء؟

back to top