إياكم واليأس من وطنكم

نشر في 30-01-2009
آخر تحديث 30-01-2009 | 00:00
 فالح ماجد المطيري إن التنمية الشاملة بكل جوانبها تُبنى ضمن مشروع نهوض متكامل يكون الإنسان حجر الأساس فيه، فالوطن ليس مجرد شركات وبورصة فقط، أقول هذا الكلام وأنا أرى الحمية الحكومية وتحركها المحموم لدعم «الشركات المتعثرة» ونحن حتى الآن لا نعلم أسماء هذه الشركات على وجه الدقة، ولماذا تعثرت، والمبرر الوحيد الذي يردد «أنها الأزمة العالمية».

وأبدت الحكومة- الرشيدة دائما- بكل كرم يفوق كرم حاتم، استعدادها لرصد مبلغ يفوق الـ5 مليارات دينار لجبر عثرة هذه الشركات، التي لم يلحظ لها المواطن أي دور تنموي أو منفعة فعلية للاقتصاد الوطني عندما كانت تجني الأرباح الخيالية، بل إن أول ما لوحت به من تهديد كان التلميح بنيتها تسريح عدد من أبناء الكويت العاملين فيها، في محاولة مكشوفة للضغط على النواب والحكومة، والغريب أن الفزعة الحكومية هذه رافقتها فزعة من عدد من النواب يريدون من الحكومة أن تقدم الدعم لهذه الشركات من دون إعطاء زملائهم الآخرين فرصة التثبت من حقيقة أسباب خسائرها وحجمها.

والمفارقة التي تثيرالاستغراب في هذا التحرك المحموم حينما نقارنه بما حدث في الأمس القريب فى موضوع شراء مديونيات المواطنين لدى البنوك والشركات، والتي تتحمل الحكومة ما وصل إليه المواطن من ضيق بسبب غض البنك المركزي الطرف عن التجاوزات التي مارستها البنوك، وتجاوزها الصارخ للقوانين في تعاملها مع المواطنين، وما أظهرته الحكومة من حرصها اللا متناهي على «المال العام» وأبدت عدم استعدادها لتبذير «الفوائض المالية للدولة» تحت أي ضغوط تمارس عليها، وأيدها في ذلك عدد من النواب الذين يؤيدونها الآن، بل يضغطون عليها لتقديم الدعم الفوري لهذه الشركات، وكأنهم تناسوا شعارهم «وين العدالة» في موضوع القروض، وأنا وغيري نقول للحكومة ولهم: «وين العدالة» في أن يصرف أكثر من خمسة مليارات من الدنانير لدعم شركات لا ناقة لنا فيها ولا جمل، «وين العدالة» في دعمكم لبورصة لا سهم لنا فيها ولا ربح.

هل ستقولون إن دعمكم للبورصة إنقاذ للصغار؟ أقول لكم منذ أشهر طويلة مضت والبورصة تنزف نقاطها، واصطبغ الرصيف المقابل لها باللون الأحمر، وأنتم تغطون في سبات عميق نافستم فيه أهل الكهف، والصغار طارت مدخراتهم وتبخرت أحلامهم، بل إن بعضهم طار عقله وأنتم عنه غافلون، وما حدث في آلية ضخ المحفظة المليارية في البورصة ليس إلا دليلا على عدم وجود الصغار في سلم اهتماماتكم، وأنا هنا أقول للنائب الفاضل مرزوق الغانم إن انسحابك من الاجتماع الأخير للجنة المالية والاقتصادية، وتصريحك المهدد للحكومة باستخدام كل الوسائل إذا لم تقدم الدعم بشكل سريع لهذه الشركات انسحاب غير مفهوم، ويحمل الكثير من علامات الاستفهام، وأقولها لك بكل صراحة إن تبريرك بأن انسحابك من اللجنة جاء بسبب أن الحكومة لم تقدم برنامجا فعليا لحل الأزمة تبرير غير مقنع، فإن كانت «كعادتها» لم تقدم برنامجا، فلماذا لم تأت إلى الاجتماع وأنت تحمل برنامجا أو على الأقل تصورا مبدئيا لحل هذه الأزمة؟

ياسعادة النائب كان شعارك في الانتخابات الأخيرة «إياك واليأس من وطنك» فماذا قدمت لنا لكي لا نيأس؟ هل الوطن شركات متعثرة يجب أن تدعم من أموالنا؟ وهل الوطن مجاميع أسهم معينة يجب أن تربح؟ وهل توجيه الفوائض المالية لإنقاذ المواطن وضمان حياة كريمة له حرام وعبث بالمال العام، وضخها في شركات خاسرة حلال ودعم للاقتصاد الوطني؟

أطمئنك يا أخي بأننا سنطبق شعارك ولن نيأس من وطننا، ولكن ليس بسبب قدرتك على الإقناع بل لأننا لا نملك غير الأمل ووطننا هو أملنا.

back to top