كارولين ميلان: لن أدخل في سَلَطة الكليبات الراهنة

نشر في 05-06-2008 | 00:00
آخر تحديث 05-06-2008 | 00:00

اكتشفت أخيراً أن سر نجاحها في الإخراج الإحساس الذي يدفعها إلى قبول قصة أو رفضها. حين تعمل تجنِّد حواسها كلها لخدمة المشاهد الدرامية، تبكي مع الممثل إن بكى وتضحك معه إن ضحك. تحضر راهناً عملا عربياً ضخماً.

في حوار مع «الجريدة» تحدثت المخرجة اللبنانية كارولين ميلان، عن مسيرتها انطلاقاً من إخراج الكليبات إلى الدراما التلفزيونية.

من إخراج الكليبات إلى الدراما التلفزيونية والأفلام السينمائية، كيف تقوِّمين مسيرتك وأين تجدين نفسك؟

لا يبدأ المخرج مسيرته المهنية بالدراما، بل يتدرج ويكتسب الخبرة أولاً، إمّا عبر العمل كمساعد مخرج لفترة طويلة قبل الإنتقال إلى الإخراج ، وإما أن يقدم أعمالاً منوعة. سنحت لي الفرصة أن أكون مساعدة مخرج، وكوني أمارس مهنة التعليم الجامعي، أطلب إلى تلاميذي في البداية أن يخرجوا الكليبات، لأنها تعود الى الذوق لا قانون لها.

بدأت مساعدة مخرج في البرنامج التلفزيوني «مرايا» ثم استلمت الإخراج مباشرة، عملت في art من ضمن برنامج «حلو ومر» مع الإعلامية نضال الأحمدية وكنت حينها يافعة، سجل نسبة مرتفعة من المشاهدين وأكسبني خبرة كبيرة. بعدها عملت مع «روتانا» وغطيت مهرجان «كان» مع «mbc».

أردت اكتشاف ذاتي ومعرفة أين أنجح مهنياً، سرعان ما شعرت أن إحساسي يتجه نحو الدراما، قررت خوض هذا الميدان وبدأت مع الكاتب شكري أنيس فاخوري.

إذاً أنت تجدين نفسك في العمل الدرامي؟

أعمالي الدرامية ناجحة جداً، لذلك تخطيت الشعور بنجاحي في الدراما إلى اختبار عشته وتأكد في الواقع. أسلطن في أثناء عملي وأنسى كل شيء حتى عائلتي.

ما رأيك في الدراما اللبنانية؟

مندفعة بقوة وثقة المنتجين تثبت ذلك. منذ ثلاثة أعوام كانت الحلقة الدرامية تكلف سبعة آلاف دولار، أما راهناً فتتخطى 25 و30 الف دولار، بالإضافة الى اتجاه التلفزيونات الى الدراما التي تشكل ذاكرة البلد. إنطلاقاً من هذه الأخيرة تُفهم طبيعة البلد وروحه ومجتمعه، ما يبرر شعورنا بأن المصريين قريبون منا، لأن مسلسلاتهم تنقل واقعهم ومجتمعهم بدقة وأمانة.

لن تتطور الدراما اللبنانية إلا بدعم الدولة المنشغلة في مشاكلها الخاصة.

هل الدراما اللبنانية صورة عن المجتمع اللبناني؟

لم يتحدث أي كاتب بعد عن حقيقة مجتمعنا، لا يمكننا التحدث عن واقعنا من دون العودة إلى الأسباب. ماضينا مرتبط بالحرب وهو ماضي الطائفية والشرذمة لذلك لا يمكن التحدث عنه.

والسينما؟

لا أثق بالسينما اللبنانية على المدى البعيد، إن لم ينتشر اللبناني ككاتب ومخرج وممثل في البلدان العربية أولا. لا يمكن للشباك اللبناني أن يغطي كلفة الفيلم اللبناني السينمائي، بل يجب أن يتكامل عمل الكاتب والمخرج والممثل في البلدان العربية أولا لتغطية كلفة الإنتاج. المحاولات السينمائية الراهنة هي لفت النظر، على الرغم من ذلك، استطعنا من خلال التمويل المتواضع تقديم ما هو مقبول.

يقول البعض أن الأفلام السينمائية اللبنانية تصوّر على طريقة الفيديو ومن ثم «نفخها»، ما تعليقك؟

هذا ليس اتهاماً، عام 2000 خصصت صالة في مهرجان «كان» السينمائي لهذا النوع من الأفلام. لا نقدم أعمالاً على مستوى هوليوود بل على مستوى الشباك اللبناني. اسعى راهناً مع منتج لبناني يملك مجموعة من صالات السينما في لبنان والخارج على تطوير الدراما اللبنانية وعرض أعمالنا في الخارج ومتفائلة بذلك.

هل الممثل اللبناني مرغوب في الدول العربية؟

بدأنا بالظهور عربياً، لكننا نحتاج إلى دفع إضافي. سيرين عبد النور مثلاً، ممثلة معروفة لأنها مغنية إضافة إلى موهبتها في التمثيل إلا أنها استطاعت الوصول إلى الخارج عبر الكليبات.

اللبناني ذكي وموهوب وفنان بطبيعته ويتبوأ مواقع بارزة في البلدان العربية التي يعمل فيها، لأنه منفتح ويتابع التكنولوجيا، لكنه لا يكسب ما يستحق فعلاً.

ما رأيك في الأعمال العربية؟

رافقتني والدتي يوماً إلى مصر حيث كنت أنجز أحد الأعمال، ونحن في منطقة الحسين إلتفتت وقالت: «اشعر أنني في فيلم سينما». هذا يدل على مدى حقيقة المسلسل المصري وبساطته. يتحدث المصريون عن أنفسهم وينقلون واقعهم كما هو. عندما نتخطى نحن عقدة التحدث عن واقعنا نصبح قادرين على منافسة الأعمال العربية. يستطيع اللبناني القيام بما يريد ولكنه يحتاج إلى فك أسره من القيود.

هل تشعرين بالحنين إلى اخراج الكليب؟

يخطر لي تنفيذ كليب، لكن تتطلب أفكاري تمويلا كبيراً لأنها خيالية وتحتاج إلى مختبر، لكني لن أدخل في سَلطة الكليبات الراهنة.

هل تنطلقين في الإخراج من القصة أم من رغبة المشاهد؟

أنطلق في الكليب من كلمات الأغنية. ثمة مخرجون يعلِّبون أفكارهم ويعرضونها على الفنانين كي يقبل بها أحدهم. لا يمكنني أن أفكر مثلهم.

ماذا عن الدراما؟

أعيش القصة إلى درجة أنني أبكي مع الممثل عندما يبكي، لذلك تنجح أعمالي بقوة وتختلف عن السائد. لكن للأسف يساهم بعض المخرجين في هبوط مستوى الدراما اللبنانية بدلاً من رفعها، من هنا تكمن قوة المخرج ليس بعدد أعماله بل بالإحساس الذي يقدمه عبر هذه الأعمال.

هل يستطيع الإخراج إنجاح قصة فاشلة، أو العكس؟

يستطيع الإخراج أن يمرر القصة الفاشلة من دون إنجاحها والعكس. أما إذا كانت القصة تحت المعدل بقليل فيمكن عندها أن تتحسن عبر الإخراج. مثلاً إخراج فيلم «التحدي» للكاتب شكري أنيس فاخوري دفن القصة. أما قصة «كلها مالحة» التي رفض إخراجها مخرجون كثر، نفذتها وحصدت نجاحاً كبيراً وطلب منا تقديم جزء ثانٍ.

هل تقبلين إخراج قصة لست راضية عن مضمونها؟

لا يمكنني أن أخرج قصة لا أشعر بها. لذلك، الشرط الأساس لقبولي العمل هو أن تعني لي القصة شخصياً.

هل من كتاب محدَّدين تثقين بأعمالهم مهما كتبوا؟

الكاتب شكري أنيس فاخوري، قصصه لها بعد وعمق إضافة إلى التنويع. لم أقرأ قصص مروان نجار كلها لذلك لا أستطيع أن أحكم عليها.

هل تتوافر عندنا التقنيات والمعدات اللازمة؟

كلا. تنقصنا معدات كثيرة وهي متوافرة في لبنان بكلفة مرتفعة.

نلاحظ أن ثمة مبالغة في تصوير بعض المشاهد، ما رأيك؟

تقتضي بعض القصص الخيال وبعضها الواقعية، وحدها القصة تحدد طبيعة المشاهد المنفذة.

كوننا في مجتمع عربي لا يثق معظمه بقدرة المرأة، هل واجهت مشكلة في إثبات نفسك كمخرجة؟

في البداية نعم، خصوصاً أنني كنت يافعة عندما بدأت العمل، الممثلون معتادون على تقديم ما يريدون من دون مؤشرات من المخرج خلافاً لطريقتي في العمل، لذلك واجهت مشكلة مع الجدد منهم وليس المحترفين، لكن بعدما أصبحت أعمالي معروفة انتفت هذه المشاكل.

هل تسعين الى اظهار المرأة بصورة لائقة؟

أشطب دائماً صورة المرأة المجانية وغير اللائقة من النص، خصوصاً أن التلفزيون وسيلة عامة. لذلك أصرّ على تقديم صورتها باحترام. كذلك أكون مرآتها، بمقدار ما أسعى إلى أن أكون جميلة أريدها أن تكون كذلك.

ما تعليقك اذًا على صورة المرأة اللبنانية في الأعمال العربية؟

من قام بذلك تاجر، لكننا تخطينا هذا الأمر.

لماذا نلاحظ في بعض الأعمال وجود ممثلين مخضرمين والباقين وجوه جديدة؟

هذا دليل ضعف في الإنتاج. يستطيع المنتج تأمين كلفة ممثلين اثنين مخضرمين والمال الباقي يجب أن يكفي سائر الممثلون. مثلا، لا يمكن تكرار مسلسل «ابني»، كان متكاملا من خلال القصة والإخراج الذي نفذته أنا والممثلين والإنتاج. في لبنان ينقصنا التمويل اللازم لتقديم عمل متكامل. 

هل تتابعين الأعمال الدرامية اللبنانية والعربية؟

طبعاً. السينما المصرية متطورة، يشدني المسلسل السوري وأحب متابعته لأنه أقرب إلي مهنياً، ربما لأن المصري استهلك القصص الواقعية.

هل تلقيت عروض عمل في الدول العربية؟

نعم، لكني فرحت بعرض سوري، لأنه يتوافر في سوريا عشرون مخرجاً، عندما يُطلب مني تنفيذ عمل فيها، فذلك نقطة إيجابية في مسيرتي المهنية. ثمة مشروع عربي كبير ما زال قيد التحضير، لذلك لن أتحدث عن تفاصيله. كذلك طلبت مني mbc التعاون معها، لكن الظروف لم تفسح في المجال أمام سفري خصوصاً أن ابني ما زال صغيراً.

هل من كتاب لبنانيين تحبين العمل معهم ولم تسمح الظروف لذلك بعد؟

أحضر عملاً مع مروان نجار وأعتقد أن هذا المشروع الكبير سيشمل الكاتبة كلوديا مرشليان. كذلك أحب أعمال منى طايع.

يعرض راهناً فيلم «بامبينو» الكوميدي في الصالات اللبنانية وهو من إخراجك ومن بطولة الثنائي فادي شربل وكارين رزق الله، ماذا أضاف الى الأعمال اللبنانية؟

نحن بحاجة إلى الضحك في لبنان، لكن ليس كل من يقدم كوميديا ينجح. يحتاج اللبناني إلى الإنتقال من الظلام إلى النور. عشنا في الحرب طيلة حياتنا وتعبنا. فادي شربل موهوب في التمثيل بغض النظر عن رأي بعض الحساد، إضافة إلى نجاحه في الكتابة أيضاً.

back to top