الطبقة التجارية الليبرالية... سور الديمقراطية

نشر في 16-01-2009
آخر تحديث 16-01-2009 | 00:00
 فالح ماجد المطيري ما يميز الطبقة التجارية الليبرالية في الكويت، ويعطيها القوة في الدفاع عن المكتسبات الشعبية، أنها ليست طبقة برجوازية تعيش بمعزل عن الشارع الشعبي، بل هي طبقة لها تواصلها واتصالها مع عموم المجاميع الشعبية المتمسكة بأسس الحكم الدستوري.

بداية أبدي إعجابي بالأستاذ الكبير محمد عبدالقادر الجاسم، وهو من القلة القليلة من الكتّاب الذين أحرص بشكل كبير على متابعة كل ما يكتب، وقد قرأت له قبل فترة وجيزة مقالا يشير فيه إلى أن هناك من يطرح مبادرة حول إبرام صفقة مالية سياسية يساوم فيها النظام القوى السياسية الإسلامية والليبرالية على ضخ مليارات الدنانير لإنقاذ شركاتهم، مقابل سكوت هذه القوى على قيام النظام بتقويض الحكم الدستوري في البلاد، وإدارة الدولة بشكل منفرد من دون مجلس أمة.

وأنا، وإن كنت أتفق مع الأستاذ محمد في جزء مما طرحه حول استعداد التيارات الدينية لمساومة النظام على كل شيء، إلا أنني أختلف معه في أن الطبقة التجارية الليبرالية على استعداد لأن تدخل في أي صفقة مع النظام تمس إمكانية الانقلاب على أسس الحكم الدستوري، فلو قرأنا التاريخ السياسي للكويت وهو شاهد حيادي للجميع، لرأينا كيف أن التيارات الدينية تحالفت مع النظام بشكل علني وصريح بعد حل مجلس 1975وتعطيل الحياة البرلمانية، وشاركت في الحكومة التي تشكلت آنذاك، وفتحت لها أبواب الجهاز الإداري للدولة ليحتل رموزها المراكز العليا والمفصلية فيه، وكانت جمعية الإصلاح الوحيدة التي استثنيت من الحل والتجميد الذي طال غيرها من جمعيات النفع العام ذات النشاط المشابه، في مقابل أن نادي الاستقلال مازال معطلاً منذ ذلك الوقت، وزاد النظام بأن أطلق اليد الاقتصادية للقوى السياسية الدينية في محاولة منه لخلق طبقة تجارية جديدة تكون بديلة للطبقة التجارية الليبرالية، فتم تأسيس بيت التمويل، وهو، وللغرابة، البنك الوحيد الذي لا يخضع لقوانين البنك المركزي، لأنه غير مصنف كبنك، وفق قانون إنشائه مع أنه فعلياً يعمل عمل البنوك!

أما ما يخص الطبقة التجارية الليبرالية فإنني أختلف كما أسلفت مع الأستاذ الجاسم في إمكانية دخولها في أي صفقات مع النظام تمس أسس الحكم الدستوري، وشاهدي في ذلك هو التاريخ أيضا، فمنذ بدايات التأسيس الأولى وإرساء أسس الحكم المشترك، مرورا بمجلس 1921ومجلس 1938 والمجلس التأسيسي وإقرار الدستور، وصولا إلى تزوير انتخابات مجلس 1967 كانت الطبقة التجارية الليبرالية في قلب الحدث، ولم تساوم النظام بأي شكل كان، وقد كانت فترات تعطيل المجلس وتعليق مواد الدستور ذات الصلة في عامي 1975و1986فترات فارقة في تاريخ الحياة السياسية الكويتية، أظهرت بكل جلاء أن هذه الطبقة الرائدة في قيادة العمل الوطني الكويتي أبعد ما تكون عن أن تدخل مع النظام في صفقات تجارية مهما بلغت الإغراءات إذا كان الثمن هو الانقلاب على أسس الحكم الدستوري المتوافق عليه بين النظام والشعب.

وما يميز الطبقة التجارية الليبرالية في الكويت، ويعطيها القوة في الدفاع عن المكتسبات الشعبية، أنها ليست طبقة برجوازية تعيش بمعزل عن الشارع الشعبي، بل هي طبقة لها تواصلها واتصالها مع عموم المجاميع الشعبية المتمسكة بأسس الحكم الدستوري، أما إذا كان الأستاذ محمد الجاسم يقصد بمقاله مُحدَثي النعمة وتجار الحروب الذين برزوا فجأة ومن العدم، فأقول له: عفوك يا أستاذي، فهؤلاء لا يحسبون على الطبقة التجارية الليبرالية بأي شكل من الأشكال، هؤلاء يا أستاذي العزيز ينطبق عليهم المثل القائل: «ما كانوا في أولها حتى يكونوا في تاليها».

back to top