إسلام عفلق!

نشر في 13-07-2008
آخر تحديث 13-07-2008 | 00:00
 بسام عبدالرحمن العسعوسي لم ينل أو يحظَ أي قائد أو مؤسس لحزب سياسي بأي حفاوة أو تقدير أو احترام في الوطن العربي مثلما حظي مؤسس «الحزب العربي الاشتراكي» ميشال عفلق الملقب بالأستاد أو «المعلم»، كما يحلو لبعض تلامذته تسميته. فالرجل وعلى الرغم من المؤامرات والانقلابات والمذابح كلها التي كانت السمة الغالبة والعلامة البارزة للبعثيين، فإنه بقي متمتعا بكامل الهيبة والإجلال من كل أولئك الذين تعاقبوا على السلطة وخطفوا الكراسي!.

مناسبة هذا الحديث أنني قرأت باهتمام وحرص شديدين ما سطرته جريدة «الحياة» والكاتب المرموق غسان شربل من لقاءات أو رؤى مع مَنْ عاصروا أو كانوا شهود عيان على بعض الأحداث والتطورات والانعكاسات الدراماتيكية السريعة المتلاحقة التي أصابت الحزب وجعلت المجرمين يقفزون إلى السلطة في غفلة من الزمن، أمثال المقبور صدام حسين وعزت الدوري وطارق عزيز وغيرهم.

فبعيداً عن رأينا الشخصي بإيديولوجية أو ثقافة الحزب ومدى التزام أعضائه وإيمانهم ببرامجه وأفكاره، فإن أحداً لا يستطيع أن ينكر بتاتاً قدرة الحزب في ذلك الوقت على الانتشار والتمدد في الشارع العربي. فلقد استطاع الوثوب إلى السلطة بسرعة فائقة واستولى على مقاليد الحكم في دولتين عربيتين، هذا بالإضافة إلى استقطابه للكثير من الشعوب العربية بحيث أصبح في كل دولة عربية له جذور ومناصرون. ولا أضيف جديداً إن قلت إن «حزب البعث» قد اكتسح الأحزاب والحركات الطامعة في السلطة جميعها بما في ذلك جماعة «الإخوان المسلمين» التي لم تستطع مجاراة سرعة الحزب الجنونية في الانتشار، فلايزال «الإخوان» يسيرون بخطى بطيئة، والدليل تسلمهم للسلطة في السنوات الأخيرة في دولة ليس لها تأثير يُذكر في المشهدين العربي والإقليمي.

أعود إلى بداية حديثي... لأقول إن معلومة ما قد استوقفتني، مفادها أن عفلق قد مات فقيراً ولم يتبيَّن أن له ثروة أو أرصدة، وهذا أمر يدعو إلى الدهشة والغرابة. فمن ناحية، أننا نتفهم أن يكون رئيس حزب أوروبي أو أميركي قد مات فقيراً أو معدماً، لكن أن يكون ذلك مع رئيس حزب عربي... فهذا- والله- ما لا يقبله عقل. ومن ناحية أخرى، فالمتابع والمراقب لمن تسلموا السلطة من أعضاء حزب عفلق أو حتى أعضاء القيادات القطرية من تلامذته أنهم يملكون الأرصدة المليونيرية التي سرقوها من أفواه الشعوب المسكينة. فإذا ما صدقت وتأكدت معلومة أنه قد مات فقيراً، فإن هذا ما يُحسب للرجل الذي لم يجمع ثروة على حساب المبادىء والقناعات والمنهج. إلا أنه ومن المثالب والأخطاء الجسيمة على قائد البعث المؤسس سلبيته وسكوته على المجازر والجرائم كلها التي ارتكبها تلامذته في حق بعضهم بعضا وفي حق الشعوب المسلوبة التي حكموها بالحديد والنار، وعلى وجه الخصوص عدم اعتراضه على المقابر الجماعية التي ارتكبها تلميذه المدلل المجرم صدام حسين.

أخيراً... أعترف وأقرر- وحتى أقطع الطريق على المتسائلين أو المصطادين في المياه العكرة وحتى لا تكون هناك أي أسئلة حائرة- بأنني لست معجباً بعفلق أو مغرماً بـ«حزب البعث» ولا مؤيداً أو نصيراً لأي منهما، وكل ما في الأمر أنه قد أثار فضولي وإعجابي السبق الصحافي الذي قامت به جريدة «الحياة» واللقاءات والحوارات التي أجراها الأستاذ غسان شربل والتي كشفت وأبانت عن جوانب مهمة وأحداث غامضة وأسئلة محيرة ستبقى الإجابة عنها في ذمة التاريخ ولعل أهمها: هل أسلم عفلق؟!.

back to top