آلام ترجح كفة القصيد

نشر في 26-12-2008 | 00:00
آخر تحديث 26-12-2008 | 00:00
No Image Caption
أجمل القصائد هي تلك التي تنبعث وليدة اللحظة، هي تلك التي يستفزها دافع قوي يجعلها تزفر في جوف شاعرها أبياتا تصطلي صدقا وعنفوانا، إذ إن الذي يجعل كفة ميزان قصائد الشعراء ترجح بالقبول والشهرة، ويجعلها تتداول من عهد الى عهد كموروث ادبي جميل، هو ذاك الألم الحقيقي الذي سال من وجدان صاحبه ابياتا يانعة، اعتلتها قطرات الندى بكل عذوبة ورقة.

الوقفة الأولى مع الشاعر عبدالله القريفة المطيري، إذ قال هذه القصيدة وهو عائد لتوه من رحلة سفر كانت شاقة، وسمع وهو يسير باتجاه اهله احدى فتيات القبيلة تدعى «نورة» تتحدث مع مجموعة من صديقاتها بكلام البنات الناعمات المترفات عن العشق والزواج والأمنيات الوردية، بينما كان هو في قمة التعب والنصب، وهم طلب الرزق، فأحدث هذا التضاد الكبير بين همومه وهموم «نورة» خروج هذه القصيدة:

هنيّ نورة ما شقت بالمعايير

ولا رافقت هجنٍ حفاها مشى دم

ولا وايقت قدامها بالشناطير

ولا همها صمعٍ مضاريبها زم

وهنيّ لُمات البنيّ الغنادير

غير الهوى والعرس ما همهن هم

وأنا همومي من مناحى المناعير

ما أرضى بزود منه لو هو ولد عم

واصل عمري صلّة الدلو بالبير

وأورد الهيّاب والجمع ملتم

والله لا أسوق الهجن لو هن مقاصير

من يدي المجهود ما يلحقه ذم

ويا زين كسب المال وقت المخاضير

نومي على الاطراف ونخمهن خم

ما أزين تهاوى خلفها والمعاشير

يوم الردي مفلس ولا هوب يغنم

الوقفة الثانية مع الشاعر الفارس شيلويح العطاوي العتيبي، الذي استفزت قريحته فتاة التقى بها من غير سابق موعد، إذ عرفت عن طريق المصادفة انه هو بذاته الفارس الكريم شيلويح العطاوي ذائع الصيت آنذاك، فلما رأت ان منظره لم يعجبها كثيرا، وانه لم يوافق ذلك الخيال الجميل الذي رسمته له في فكرها، أسرت له ببضع كلمات لم تعجبه، كانت تدل على رأيها السطحي في هذا الإنسان الشهم، فقال شيلويح العطاوي قصيدة أنتقي لكم منها هذه الأبيات:

يا بنت ياللي عن حوالي تسألين

وجهي غدت حامي السمايم بزينه

أسهر طوال الليل وأنت تنامين

وان طاح عنك غطاك تستلحفينه

أنا زهابي بالشهر قيس مدين

ما يشبعك يا بنت لو تلهمينه

الوقفة الثالثة مع الشاعر عيد بن مربح الرشيدي، الذي قال هذه القصيدة التي لا تحتاج مني الى مقدمة في شرح واقعها، إذ إنها هي بنفسها تحكي واقعها لكم بكل صدق وشفافية:

يالمور خذ نمرة الخامس من اليمنا

تحتر تبرد ترا الاخلاق خربانه

والله لتندم وحنا ما تفاهمنا

مادام ميقوع ما عقبت قلبانه

ولا تشكي الظلم وحنا الوقت ظالمنا

دليل ظلمي تراك تشوف برهانه

البارحه مع ثلاث اوجاب ما نمنا

مكينتك تشتغل والعين سهرانه

ان ادبرت شدنا يرخي محازمنا

نروي بدلوٍ يضيّع ماه شقانه

وان اقبلت خصمنا يقضي لوازمنا

صداقته تستحل بيوت عدوانه

عز الله انا من الدنيا تعلمنا

درسٍ صعيبن على التلميذ نسيانه

الوقفة الرابعة مع أبيات للشاعر ضيدان بن قضعان، حيث خرجت منه في لحظة خيبة أمل وغضب أبيات قوية العتب وقوية المعنى والأبعاد:

مابيع نفسي لو الأيام باعتني

ولا جيت ادور الإهانه واتمناها

الحاجه اللي على شرواك حدتني

والا انت مانت بقد النـفس ورضاها

ياللي على دارة الأقدار ساقتني

ميز هدير الجمال وميز رغاها

بداية الدرب عن تاليه كفتني

بشعب ذلولي عساه يطيب مسراها

الوقفة الأخيرة مع أبيات للشاعر سليمان المانع، حيث استفزته إحداهن بكلمات لم تعجبه، ففاضت قريحته بقصيدة جميلة أنتقي منها لكم هذه الأبيات:

كان الرجولة بالمظاهر والاشكال

عزالله انـي ماعرفت الرجوله

وكان الرجوله بالمواقف والافعال

عز الله انـي مرتوي يالخجوله

ياجارحة احساس شاعر ورحال

غريب تايه مـن زمان الطفوله

ماكل من يكشخ من الناس رجال

الشخص جوهر وأفهمي ما اقوله

سطحية النظره ومعبـودة المـال

مايعجبك شكل الغريب ونحولـه

شكلي غلط لكن على الكود حمال

ودرب الفخر نفسي عليه معلوله

والشاطر اللي يفتهم رمز الامثال

كم داس وقتك من سلايل حموله

back to top