وجهة نظر : موقع الابداع 
من الاعراب في قانون تنظيم الـ بي أو تي

نشر في 11-05-2009
آخر تحديث 11-05-2009 | 00:00
 د. عباس المجرن ربما كان من السابق لأوانه البحث في أثر القانون رقم 7 لسنة 2008 في شأن تنظيم عمليات البناء والتشغيل والتحويل «B O T»، والأنظمة المشابهة وتعديل بعض أحكام المرسوم بالقانون رقم 105 لسنة 1980 في شأن نظام أملاك الدولة، خصوصا أن اللائحة التنفيذية لهذا القانون والتي ارتبط بها، باعتباره نافذا، لم تصدر إلا في شهر أكتوبر الماضي، أي بعد نحو 10 أشهر على صدوره، رغم أن المادة 20 من القانون قد حددت صدور تلك اللائحة خلال 6 أشهر من تاريخ نشر القانون في الجريدة الرسمية أي 10 فبراير 2008، وربما يكون لحالة عدم الاستقرار التي مرت بها الحياة التشريعية والسياسية، بل وحتى الاقتصادية في الكويت في العام الماضي دور في تأخر صدور اللائحة التنفيذية لهذا القانون شديد الأهمية.


دور حيوي

ولاشك أن المتابع المنصف لحركة المشروعات التي نشأت في الكويت في ظل العمل بآلية نظام البناء والتشغيل والتحويل منذ النصف الاول من التسعينيات وحتى ايقاف العمل بهذه الآلية إثر تقرير ديوان المحاسبة في عام 2006، والذي كشف عن بعض من التجاوزات الادارية والتنفيذية والمالية في عدد لا بأس به من تلك المشروعات، لا يمكن له أن يبخس تلك المشروعات دورها في توفير عدد من الخدمات والبنى الأساسية الضرورية التي يتطلبها ويحتاج إليها المجتمع الكويتي، سواء في مجال المنافع الأساسية أو مراكز التسوق، أو التعليم والرعاية الصحية، وغيرها من الخدمات الحيوية.


المادة رقم 8

ولكن، وإن كان الوقت مبكرا للحكم على أثر القانون الجديد في تحفيز المستثمر على الانتفاع بهذا النمط من المشروعات، إلا أن بعضا من مواده تستحق التوقف والمراجعة، ومن بين تلك المواد، على سبيل المثال لا الحصر، المادة رقم 8 التي حددت مكافأة صاحب المبادرة بفكرة أو مشروع جديد بما يعادل تكاليف دراسة الجدوى الاقتصادية ، مضافا اليها 10 في المئة من هذه التكاليف، أما في حالة دخول المبادر مستثمرا في هذه المبادرة، فتكون له أفضلية سعرية نسبتها 5 في المئة على منافسيه، ولاشك أن المزايا المستحقة للمبادر وفق هذه المادة غير مشجعة أو محفزة، بل قد ينتج عنها قتل روح الابداع والابتكار والمبادرة، وتذكرنا هذه المادة بالأثر السلبي الذي ترتب على مرسوم ضريبة الدخل لسنة 1955، والذي ظل الاقتصاد الكويتي يعاني من أثره الطارد للاستثمارات الأجنبية على مدى 63 عاما، إن المبادر خصوصا في الحالات التي تحتوي على قدر ملموس من الابداع يستحق أن يحظى بمكافأة تشجيعية مجزية في رأسمال المشروع، أو دفع تكلفة رأس المال الذي يشارك به في المشروع أي دفع فوائد القرض، أو ضمان حصوله على حصة مجزية من المشروع.


ليس مجرد فكرة

ان المبادرة المعنية بالقانون، وكما يحددها نص المادة 10 من القانون ليست مجرد فكرة عابرة بل دراسة متكاملة تقوم على فكرة ابداعية غير مسبوقة، يتقدم بها مستثمر الى اللجنة الوزارية العليا المكلفة بدارسة واجازة المشروعات، وهي تتضمن تقديم وطرح مخططات لهذه الفكرة، مع دراسة الجدوى الاقتصادية والفنية والبيئية لمشروعها، والمبادرة على هذا النحو لا تستحق أن يتم التعامل معها وفق الآليات المنصوص عليها في أحكام المواد (4) و(5) و(6) من القانون. ذلك ان تلك المواد تضع المبادر ومنافسيه على قدم المساواة في حالة المشروعات التي تقل كلفتها عن 60 مليون دينار كويتي في حال التقدم بالعطاء، باستثناء افضلية لا تزيد على خمسة في المئة من العطاء الأفضل كما أشرنا أعلاه.

وفي حالة المشروعات التي تزيد تكلفتها المقدرة بدراسة الجدوى للمشروع الذي تقره اللجنة العليا على 60 مليون دينار بما في ذلك القيمة السوقية المقدرة لأرض المشروع أو حق الانتفاع بهذه الأرض (أيهما اقل)، فإن صاحب المبادرة لن يتمكن من امتلاك أكثر من 10 في المئة من اسهم المشروع التي يحصل عليها بنصف السعر الاعلى للسهم الذي تتم به ترسية المزايدة العلنية والتي يطرح من خلالها 40 في المئة من الاسهم على الشركات المساهمة المدرجة في سوق الكويت للأوراق المالية والشركات الأخرى التي توافق اللجنة العليا على مشاركتها. وأعتقد ان زيادة حصة المبادر مسألة حيوية ومهمة لحفز المبادرات الابداعية، بحيث لا تقل هذه الحصة عن 25 في المئة، ان لم تكن الثلث.

يضاف الى ذلك ان احتساب القيمة السوقية لأرض المشروع ضمن تكلفته الاجمالية، قد يعني ان جانبا كبيرا من تكلفة المشروعات التي تزيد على 60 مليون دينار ستغرق في قيمة أرض المشروع أو القيمة السوقية لمقابل حق الانتفاع بسبب التضخم غير المنطقي الذي تعانيه اسعار الاراضي في الكويت. وهذا يعني ان نسبة العشرة في المئة المقررة لحصة المشروع قد تنطبق على المشروعات التي قد لا تزيد تكلفتها الاجمالية على 30 أو40 مليون دينار بعد خصم القيمة السوقية لأرض المشروع.

ان اساس المشروعات الابتكارية هو فكرتها ومبادرتها، ومن ثم فإن المبادر يستحق قدرا اكبر من التحفيز والتشجيع مما ورد في القانون (7) لسنة 2008، ولنا عودة الى مواد أخرى من القانون. 

back to top