صوت الحب والأنس والطرب(6) أميرة الأحزان أسمهان... هكذا ولدت!
يبدو أن الأسرة تعودت على الأحزان واحتمالها، وعلى رغم أن رحيل فهد الأطرش مصيبة كبيرة أصابتها، إلا أنه كانت هناك مصائب أخرى لا بد من مواجهتها، فإذا كان أمل العودة إلى جبل الدروز وحياة الترف ظل يداعب الأسرة منذ أن وطأت أقدامهم أرض مصر، فقد انقطع الأمل الآن، وإذا كانت عالية تخشى على صغارها من أن تصل يد فهد إليهم وينتزعهم منها، فإنه بموته لم يقل خوفها، بل زاد، فهو في نهاية الأمر والدهم، ولن يرضى بضياعهم، لهذا كله زادت أحزانها فوق ما تعانيه، ولا بد من أن يكون نهاية لتلك الأحزان.
لم تجد عالية سبيلا أمامها سوى أن تشجع أولادها، تحديدا فريد وآمال، على الاستمرار وتنمية مواهبهما، لمواصلة الحياة والخروج من تلك الأجواء التي باتت ملازمة لهم، وفي الوقت الذي كانت تنمو فيه موهبة فريد وتتفتح، كانت أيضا موهبة الصغيرة آمال تتفتح يوما بعد يوم، وأمها تساعدها، وأيضا شقيقها فريد يشجعها ويساعدها، على رغم انشغاله بصعود سلم الغناء، في الوقت الذي كان يحاول فؤاد إبعادها عن هذا الطريق بكل السبل، ولأن فؤاد فيه الكثير من والده فهد الأطرش، الخصال والطباع والشكل، فقد كان يشعر أنه من العار أن تغني ابنة الأمراء وتحترف الغناء كمهنة، فليس هناك ما يمنع أن تكون لديها موهبة الغناء، تفصح عنها في محيط الأسرة، أو على أكثر تقدير في لقاءات الأسرة مع بعض الأقارب والمعارف من السوريين في الجلسات الخاصة، وليس على الملأ من باب الاحتراف، فمن الممكن أن يسعى فريد لذلك، وينمي موهبته، ولكن محظوراً على الأم عالية المنذر، وعلى الشقيقة آمال أن تغامرا باسم الأسرة وتغنيا في المسارح.على الرغم من صغر سن آمال إلا أن موهبتها في الغناء كانت تفصح عن نفسها، وصوتها يزداد قوة ونضجا، وكلما أحست بذلك، زاد قربها من فريد، وتجنّبها الصدام مع فؤاد. كان فريد يشعر بذلك، فكان يعمل جاهدا على إسعادها وإشعارها بالطمأنينة، ومع كل نقلة نوعية في حياته، كان ينتقل بالأسرة إلى بيت أفضل، فقد أصبح عائلها الأساسي والأهم.بعد لقاءات عدة، سواء في نادي الموسيقى أو من خلال الحفلات، قرر فريد أن يدعو الملحن الكبير داود حسني إلى منزله الجديد في حدائق القبة، فقد أصبح الآن يعيش في منزل يليق بأن يدعو إليه بعض أصدقائه والمقربين منه. جلس حسني يتجاذب أطراف الحديث مع فريد ووالدته عالية المنذر، ويؤكد لهذه الأخيرة صدق موهبة فريد وإحساسه المرهف، وبينما يأخذهم الحديث، وإذ بصوت ساحر ينبعث من غرفة داخلية، صوت فيه نقاء الماء وعذوبته، فسكت الجميع وتحولت الأنظار الى مصدر الصوت، أراد فريد أن يتحرك فمنعه حسني، وما أن انتهت حتى سأله:- لمن هذا الصوت الساحر؟- إنها آمال... شقيقتي الصغرى. - هل يمكن أن تحضر إلى هنا؟تردد فريد، فقالت عالية إنها خجولة ولا ترضى حتى الجلوس مع الضيوف من السيدات... أحضرها يا فريد، قل لها إن الأستاذ داود حسني يريد أن يراها.حدث وسمع حسني آمال، غنت له إحدى أغنيات والدتها، وما إن انتهت من الغناء حتى دمعت عيناه وقال لفريد ووالدته: بالطبع هذه الموهبة ليست غريبة، فهي امتداد لصوت الأم الرائع، وعذوبة صوت الشقيق، ولكن لا تغضبا إذا قلت إنها تفوقت، فهذه منحة من السماء لا يجب التفريط فيها... لم أسمع من قبل صوتاً بهذه العذوبة، إنها جوهرة لا بد من الاعتناء بها جيدا...- ما اسمك يا جميلة؟ترد خجلا ولم تجب فورا: اسمي آمال فهد الأطرش.- اسم آمال جميل... ثم استدركت ضاحكة وقالت: أصدقائي وزملاء الدراسة ينادونني «إيميلي».- عظيم... عظيم. صمت الجميع برهة، على صمت الموسيقار حسني، ثم رفع رأسه فجأة وقال:- لكني أفضل أن يكون لك اسم تظهرين به كمطربة ويليق بك، فقد كنت أرعى فتاة تشبهك في الصوت الجميل، وفي جمالك، إلا أن الموت كان أسبق لها من الشهرة... وهذه الفتاة كان اسمها «أسمهان»، لذلك فأنت من الآن ستحملين اسمها الفني (أسمهان).صمتت آمال ولم تبد فرحة باسمها الجديد، وابتسم فريد معجبًا به، بينما لاحظت عالية أن آمال لم تبتهج له.سألته عالية: لماذا اسم أسمهان؟ - لأن أسمهان كانت مغنية عظيمة وفاتنة العصر وحسناء الزمان... وكان صوتها يستوقف الملائكة، ويطلق الدموع، وينشر البهجة ويأسر القلوب.- أظنه ليس عربيا؟- نعم فهو من العجم، ويعني «الجاه والسلطان». بقدر فرحة آمال بتلك الشهادة من أحد كبار الموسيقيين في عصره، في بر مصر والشام، بقدر ما شعرت بانقباض من هذا الاسم، خصوصا عندما أفصح حسني بأن صاحبة الاسم رحلت عن الدنيا قبل أن تنال حظها منها ومن الشهرة، وهي تعشق الحياة، وتحب الغناء وتريد أن تأخذ حظها من الدنيا ومن الشهرة، وعلى الرغم من عدم حبها لاسم «أسمهان» إلا أنها قبلته على مضض، ورضيت به، شرط أن يكون أمام الناس فحسب، أما مع أسرتها والمقربين فهي «آمال»، لأنها تعشق هذا الاسم، خصوصًا إذا ما قدم عليه لقب «الأميرة الصغيرة» الذي طالما سمعته في طفولتها في الجبل، أو في بيروت في قصر «الشيشاني».نعم أحب الغناء والشهرة، أحب أن أعود إلى حياتي الأولى، حيث العز والثراء، والطعام الوفير الجميل، أحب ان تفتح لي أبواب السعادة والمجد، لكني أريد أن أحتفظ بآمال لأنني أحبها!الطالع... يحدّد مصيرها هكذا أصبحت آمال الأطرش «أسمهان»، وبدأ حسني بتدريبها وفريد، بحضور الوالدة عالية المنذر، على الغناء، ونظرًا الى الدعاية التي بثها حسني عنها، حضر إلى منزل العائلة الموسيقار الكبير محمد القصبجي واستمع إليها: كنت أظن أنني لن أستمع إلى صوت آخر بعد أم كلثوم، لكني استمعت الآن إلى صوت من الجنة.ثم زارهم المنشد والملحن الشيخ محمود صبح وسمعها تغني لأم كلثوم فقال: عندما ينضج صوتك يا أسمهان سيكون لك شأن عظيم.مرت الأيام... ودخلت «أسمهان» أجواء الغناء، في الحفلات العائلية والأفراح، وهي ما زالت صغيرة جدا في ذلك الوقت (15عاما)، حيث كانت تغني في الأفراح وحفلات المدارس، وحفلات بعض الأسر السورية والمصرية، وفي الوقت نفسه كانت تتابع تدريباتها على الغناء والألحان، وتتتلمذ على أيدي كبار الملحنين المشهورين. صدف أن زار الفلكي المعروف الأسيوطي أحد أصدقائه في نادي الموسيقى العربية، وتعرف إليه فريد، وما إن انتهى من مقابلة صديقه حتى ظل فريد ملازمًا له.- لا بد من أن تأتي معى إلى البيت.- أي بيت؟- بيتنا بيت أسرة آل الأطرش... ألم تسمع عنهم؟- بلى فهم من أعظم القوم، ولهم شأن ورفعة.- أشكرك... ولذلك أريدك أن تأتي معي.. أولا سنتناول الغداء معا، ثم تكشف لنا عن الطالع، فقد عانينا الكثير، وما زال المشوار طويلاً، وأريد أن أطمئن ولو بملامح بسيطة، على المستقبل.- لن أرد طلبك... لك ما تريد.ذهب الفلكي إلى بيت فريد، وما إن انتهى الغداء، حتى مد له فريد يده على الفور، فأمسك بها وهو يضحك قائلا:- هكذا مباشرة.. فلنعمل بما أكلنا إذن.ضحك الجميع، فنظر في كف فريد قائلا:- أمرك عجب، وحياتك في صعود، ستصيب من العز والجاه والمجد كثيرا ولكن!! قد تصاب في شيخوختك بمرض يلازمك طويلا.ضحك فريد وضحكت عالية قائلة:- من لا يصاب في شيخوخته بأمراض الدنيا، المهم أن يعطيه الله الصحة في شبابه، ويمد في عمره كي يصبح جدا لأحفاده. راحت أسمهان تمد له كوباً من الشاي، وما إن مدت له يدها بالكوب حتى تناول منها الكوب بيد، وأمسك بيدها باليد الأخرى، فوجدت أسمهان نفسها تستسلم وتجلس بجواره، وراح يطالع كفها:- إنه كف له شأن عظيم... صاحبته أميرة ابنة أمير، وحكايتها كأنها أسطورة من الأساطير، وسيكون لها من العز والجاه الكثير.. وستنقلب الأمور، وتتبدل من حال إلى حال.ثم سكت برهة وكأنه لا يريد أن يكمل، وسأله فريد: أكمل يا أستاذ، لماذا سكت، فأكمل: لا شيء، لا شيء، يكفي هذا.تغيرت ملامح عالية، ودفعها سكوت الأسيوطي المريب الى أن تطلب منه المزيد الذي يحاول أن يخفيه بسكوته، فطالبته بأن يكمل: أكمل يا أستاذ، هل ثمة ما يخيف.- لا خوف من قدر الله، وكل شيء مقدر ومكتوب، أقول ما أرى، والله قادر على تبديل الأمور. أرى في يدك خطين للحياة أحدهما يتوازى مع الخط الثاني، والآخر يقطعه في أكثر من نقطة، وذلك يعنى أنك ستكونين ضحية كثيرين...وستنتهين في الماء... كما ولدت في الماء.المطربة الصغيرة... أسمهانبدأت شهرة أسمهان تتسع لدرجة أنها سجلت أول أسطوانة لها من خلال شركة «بيضا فون» وهي لا تزال تلميذة في مدرسة الراهبات، مقابل خمسة جنيهات.انتقلت إلى مرحلة جديدة عندما تعاقدت مع شركة كولومبيا على تسجيل أسطوانتين مقابل 20 جنيهًا للأسطوانة... وذلك بعد أن سمعها مدير الشركة في حضور مجموعة من الموسيقيين جلسوا أمامها وكأنهم في لجنة امتحان، وكانت تضم الشيخ زكريا أحمد والشيخ محمود صبح وداود حسني وفريد غصن ومحمد القصبجي. بعدها انصرفت أسمهان عن الدراسة وتفرغت للغناء.للمرة الأولى تسمع سيدة الغناء أم كلثوم هذا الإطراء الكبير عن صوت فتاة لم تتخط السادسة عشرة من عمرها، لدرجة أن كبار ملحني العصر يجمعون على صوتها، فلا بد من أنها غير عادية، هل يمكن أن تولد أم «كلثوم ثانية»، لكن هذه المرة لم تأت من «طماي الزهايرة» بلدة أم كلثوم، بل من بر الشام، من جبل الدروز.هكذا حدّثت أم كلثوم نفسها، والتي كانت من أحب الناس إلى قلب أسمهان. قررت أم كلثوم زيارة الأسرة، ولم تصدق أسمهان نفسها، أم كلثوم بكل عظمتها وقوتها تزور أسرة فهد الأطرش!طلبت أم كلثوم من أسمهان أن تشدو أمامها، وعندما فعلت مالت طربًا لسماعها، وهنا كان لا بد من أن تطلب أسمهان المكافأة، وهي أن تسمع أم كلثوم وجها لوجه. راحت أسمهان تتوسل لسماعها.. واستعدت لذلك وراحت تجلس على السجادة تستمع إليها بشغف.يوما بعد يوم، يذيع صيت ابنة السادسة عشرة بين كبار الوسط الموسيقي والغنائي، ففي تلك الأيام أيضا دعا عبد الوهاب أسمهان إلى قصر السيدة زبيدة شهاب، وشهد اللقاء كامل إبراهيم الذي كان أشهر عازفي القانون في ذلك الحين. غنت أسمهان موالا لبنانيا لمطرب اسمه فرج الله بيضا كان يغنيه حزنا على وفاة شقيقه الذي مات فجأة من دون أن يودعه الوداع الأخير.. وكانت كلمات الموال تقول:أنا النار توقد بقلبي من فراق الخيوالحبل مني انقطع فص العضم والخيقالوا أتصبر حبيبك قلت أنا وحدايويلي من الفرقة ويل خدني معاك يا خي.غنت أسمهان هذا الموال الحزين فسالت دموع الحاضرين وأجهش عازف القانون بالبكاء.قال عبد الوهاب مأخوذا:أسمهان فتاة صغيرة، لكن صوتها صوت امرأة ناضجة.بدأت الأوساط الراقية تعرف أسمهان وتدعوها إلى حفلاتها وأفراحها، والذين كانوا يعرفون أنها تنتمي إلى أسرة تحكم جبل الدروز في الشام كانوا يحيطونها بمظاهر الاحترام والتكريم.. كانوا يعتبرونها صديقة أو ابنة أكثر مما هي مطربة أو مغنية تتقاضى أجرًا.الدرزيّة لا تتزوّج إلا درزيًاكانت أسمهان شبت عن الطوق وصارت فتنة للناظرين لما امتازت به من جمال أخاذ وصوت رائع وقامة ممشوقة وعيون ساحرة وابتسامة آسرة.بدأ أخوها فؤاد يخاف عليها مما حولها.ازدادت مخاوفه عندما وجد البعض من الرجال المعجبين بها يحوم حولها ويعرض عليها الزواج.كان في تقديره أن «الدرزية» لا يجوز لها أن تتزوج بغير {الدرزي» وهي تقاليد الدروز، ففكر طويلا في كيفية حماية أخته أسمهان، ووجد أن الحل هو أن تترك القاهرة وأن تعود إلى الجبل.. جبل الدروز.قرر أن يسافر سرا إلى الجبل ويلتقي بأعمامه وأولادهم للبحث معهم عن الوسيلة التي يمكن بها إعادة أسمهان إلى الجبل.لم يخطر ببال عالية ما كان يفعله فؤاد وما كان يدبره، فقد طاب للأسرة ـ الأم وفريد وأسمهان ـ الحياة في القاهرة.سافر فؤاد إلى الجبل، كذلك التقى بابن عمه الأمير حسن الأطرش أحد أمراء جبل الدروز، وتحدث معه طويلا عن شقيقته أسمهان الفتاة الدرزية الجميلة التي صارت مغنية ويخشى عليها من الفتنة.عرض الأمير حسن أن يتزوجها فوافقت العائلة، وشعر فؤاد بسعادة غامرة بتلك الخطوة. أدرك أن خطته لإعادة أسمهان إلى الجبل ستنجح، ولا بد من ذلك لإنقاذ اسم «الأطرش».عودة الأميرة إلى الجبلعاد فؤاد إلى القاهرة وقال لأسمهان:الأمير حسن ابن عمك يريد أن يتزوجك، والعائلة وافقت وأنا أيضا.ستصبحين أميرة الجبل وتبتعدين عن حياة الفقر والضياع والتفكير في العمل كمغنية.كان الخبر مفاجئًا، استولت عليها الحيرة ولم تعرف كيف ترد. كيف تتزوج رجلا لم تره؟ صحيح أنه أمير وابن العم، لكن هل هذا يكفي؟ ما معنى الحب الذي تتغنى به؟ كيف تفارق أمها؟ كيف تهجر الفن الذي أحبته؟ كيف تبتعد عن القاهرة والأصدقاء والصديقات؟ سألته: وماذا تقول أمي؟قطع عليها الطريق حين قال: أنت التي ستتزوجين، وتلك أمور لا رأي فيها للنساء، لقد وافقت الأسرة، ووالدك كان موافقا ومرحبا بهذه الزيجة وأنا أيضا.كان الخبر بالنسبة الى الأم كزلزال هزّ كيانها، فهي لا تستطيع أن تتصور حياتها بعيدة عن أسمهان، بعد أن انقطع كل ما كان يربطها بالجبل.أشفق فريد على زواج ابنة السابعة عشرة، ماذا ستفعل، وعلى أمه حين تبتعد عنها أسمهان، وعلى نفسه أيضا من فراقها، لكنه أنصت بعقل لما يقوله فؤاد، وهو أن أسمهان ستصبح أميرة الجبل وأنها تستطيع أن تعود إلى القاهرة وقتما تشاء لتشاهد أمها، ومال إلى مناصرة فؤاد في موقفه.لم تستطع الأم مقاومة فؤاد الذي أخذ يحاصر أسمهان ويضيق عليها الخناق، ويبدي تبرمه من كل الرجال الذين يترددون على البيت لأي عمل يخص أسمهان.وصل الأمير حسن الأطرش إلى القاهرة فوضع أسمهان أمام الأمر الواقع، كانت المرة الأولى التي تراه، لم تنكر إعجابها به، فهو شاب، ربع القامة، أشقر، صارم المظهر إلى حد ما، سيم، ووجيه، بل وحلو التقاطيع.اشترطت أسمهان للزواج ثلاثة شروط، الأول أن تسكن في دمشق لأنها لا تطيق ولا تحتمل قسوة الجبل بعد أن اعتادت الحياة في القاهرة، والثاني ألا ترتدي الزي الذي كانت ترتديه نساء الدروز، من حجاب يخفي كل معالمهن، أما الشرط الثالث، فكان أن تقضي شتاء كل عام في مصر.وافق الأمير على شروط أسمهان الثلاثة، وتزوجا، ليعود مجددا اسمها «الأميرة آمال الأطرش»... أميرة جبل الدروز.