The Wrestler يعيد الرجل الضخم إلى الشاشة ميكي رورك: في داخلي طفلٌ صغير!

نشر في 19-02-2009 | 00:00
آخر تحديث 19-02-2009 | 00:00

على مدى سنوات، لم ترغب هوليوود في معرفة الممثل ذي السلوك الجامح الذي شُبِّه بمارلون براندو. لكن في فيلمه الحديث، شغل أداؤه كملاكم قطاع صناعة الأفلام ورُشِّح للفوز بجائزة أوسكار أفضل ممثل.

هوليوود منجذبة بشدة لقصة تثلج القلب وتعبّر عن الراحة بعد المشاكل؛ يستطيع قطاع صناعة الأفلام أن يدمّر بطلاً ذا حضور مميز ويعيد بناءه ليجسد الحلم الأميركي في 90 دقيقة، بسهولة كبيرة وبالطريقة نفسها، حتى أنّ المرء يعتقد أن هذه الأفلام تأتي من المصنع نفسه. لكن عندما يتعثر أحد نجوم هوليوود، يكون الحكم صعباً ويمتد على فترة طويلة، وهذا ما اكتشفه ميكي رورك على مدى العقدين الماضيين.

لكن رورك عاد إلى الأضواء بطريقة مذهلة، وها هو مرشح للفوز بجائزة أوسكار أفضل ممثل عن الدور الذي أداه حديثاً في فيلم The Wrestler بصفته ملاكماً فَقَدَ شهرته وما زال يتبارى على الحلبة بعد مضي 20 عاماً على بلوغه الذروة. تقاعد راندي «رام» روبنسون مرّة لأسباب صحية ثم عاد إلى دائرة الضوء مجدداً ليقاتل خصماً قديماً. على الرغم من أن فيلم The Wrestler بحد ذاته فاز بأهم جائزة في مهرجان البندقية السينمائي، حصل رورك على جائزتين من مجموعة Critics Association بصفته الممثل الأفضل في الولايات المتحدة وقد رُشح للفوز بمجموعة جوائز أخرى من بينها جائزة غولدن غلوب.

عودة طويلة

لم يكن رورك غائباً تماماً عن الأضواء خلال السنوات الماضية، حصل عام 2003 على دور ثانوي في فيلم Once Upon a Time in Mexico للمخرج روبرتو رودريغز، بعد سنتين شارك في فيلم Sin City للمخرج نفسه. لكن هذه المرة يمكننا التأكد من عودة رورك إلى هوليوود ولوقت طويل من خلال خلافه الحالي مع شون بين، صديقه منذ زمن بعيد، الوارد بدوره في لائحة المرشحين للفوز بجائزة أوسكار عن فيلم Milk الذي يؤدي فيه دور هارفي ميلك، الرجل الأول الذي يعلن أنه شاذ ويُنتخَب لتبوء منصب عام في الولايات المتحدة. بحسب موقع Daily Beast الالكتروني الذي يتناقل الإشاعات، انتقد رورك بشكل لاذع أداء صديقه وتمادى لدرجة وصفه بأنه يعاني من «رهاب الشذوذ».

ينكر رورك أنه شن هذا الهجوم، لكن بيرس مورغان الذي أجرى مقابلتين معه في السنة الماضية يفسّر ما حصل بأنه إثبات على أن هذا الممثل سيقوم بكل ما في وسعه للفوز بجائزة الأوسكار. يتذكر مورغان أن رورك أخبره أن ما تعلمه على صعيد الفوز بالأوسكار يقضي بأن يشارك في هذه اللعبة بوحشية. هوليوود آلة عنيفة وصارمة وسيقوم هو بكل ما يلزم. يعتقد مورغان أن انتقاد رورك اللاذع لشون بمثابة ردّ مباشر على الحملة الإعلانية الكبيرة التي تُساق لجعل بين يفوز بجائزة الأوسكار، فرورك بطبيعته إنسان صلب وعنيف.

يذكر أن الفوز بجائزة الأوسكار سيكون تذكرة عودة رورك إلى هوليوود، مكان تخلى عنه عندما كان في أوج شهرته بسبب خياراته السيئة وتصرفاته الأكثر سوءاً، لكنه بقي مقيماً هناك متقبلاً وصف شركة 7-Eleven له بأنه الشخص الذي «كان في يوم ما نجماً».

توقف رورك عن العمل رسمياً عام 1991، قائلاً إنه «فَقَدَ احترامه للتمثيل لأن المعايير التي تحدّدها هوليوود منخفضة». كذلك وجد رورك صعوبة في الإنسجام مع مظهره الخارجي الصارم ووصف التمثيل بأنه عمل «أكثر ملاءمة للنساء».

تعدّ لائحة الأدوار والأفلام البارزة التي رفض المشاركة فيها مذهلة من بينها: Beverly Hills Cop ، Platoon Rain Man ،Pulp Fiction ،48 Hrs The Silence of the Lambs ،Top Gun ، Highlander

وTombstone. تعتبر هذه الأفلام بمثابة العروض المغرية لأنه صنع اسمه عبر أدوار قليلة من بينها مشاركته في أفلام Body Heat إلى جانب كاثلين تورنر، Diner للمخرج باري ليفينسون، Rumble Fish للمخرج فرانسيس فورد كوبولا، Angel Heart للمخرج ألان باركر الذي أعلن بعده أن «العمل مع رورك أشبه بكابوس، فأنت لا تعرف أبداً ما الذي سيقوم به». لكن أداءه في هذا الفيلم أثار تعليقات مفادها: «لو توفي ميكي بعد مشاركته في Angel Heart لتذكره الجمهور كجايمس بوند أو مارلون براندو».

جاء هذا التعليق على لسان أدريان لين مخرج فيلم 9Weeks الذي صدر عام 1986 وشارك رورك في بطولته مع كيم باسينغر واشتهر عبر أدائه فيه كرمز للإثارة الماجنة، إلا أن مقارنته بأداء مارلون براندو في فيلم Last Tango in Paris استمرت. كان بإمكانه أن يبني لنفسه سمعته الخاصة لكنه فضّل الإستمرار في أداء أدوار تظهره رمزاً للإثارة أو الرجل القوي، في النهاية شعر بالملل وعاد إلى الملاكمة.

ملاكم بفعل الظروف

في هذه المرحلة كان المعجبون به يجهلون ماضيه، مارس الملاكمة منذ الرابعة عشرة من عمره في ميامي بيتش، وهذا أمر طبيعي نظراً إلى تربيته على يد زوج والدته، كان شرطياً، لكن هذا الأخير نفى ما تردد عن سوء العلاقة بينهما.

ولد رورك عام 1952 في مدينة شنيكتادي في ولاية نيويورك في كنف أسرة كاثوليكية ذات أصول فرنسية وإيرلندية. هجر الوالد البيت عندما كان رورك في السادسة من عمره فتزوجت والدته مجدداً أوجين أديس، شرطي وأب لخمسة أولاد، أصطحب ميكي وشقيقه جوي إلى فلوريدا ليكبرا في ليبرتي سيتي، حي للسود يتميز بالعنف، في ميامي بيتش. وهذا أمر آخر ينكره أديس مدعياً أن العائلة أقامت في ميامي شورز، وهي منطقة للبيض. حتى إن أديس يشكك في ادعاءات رورك بأنه كان ملاكماً هاوياً ناجحاً.

أياً كانت الحقيقة بشأن تربيته، تتلاءم تصرفات رورك مع تصرفات رجل لديه مشاكل كثيرة، حقيقية أم خيالية، ليعالجها وهو لم يستسلم بعد. يقول مورغان، الذي جذبه حضور رورك عندما أجرى مقابلة معه لمجلة GQ بعدما انتهى من تصوير The wrestler: «رورك قوي والرجل الأكثر تمتعاً بحضور جسدي مميز قابلته يوماً. كان يتحلى بالقوة والإحساس في آن، عانى من استغلال والده الشديد له، توفي شقيقه إثر إصابته بالسرطان عندما كان في الأربعينات من عمره، حطمت كاري أوتيس قلبه ولم يشفَ أبداً».

التقى رورك أوتيس، عارضة أزياء عالمية ناجحة، أثناء تصوير فيلم Wild Orchid، إذ شاركته البطولة، بعد طلاقه من الممثلة ديبرا فوير التي تزوجها في ثمانينيات القرن الماضي. عام 1992، صدر فيلم Wild Orchid وأشيع أن رورك وأوتيس صورا خلاله مشهداً جنسياً حقيقياً، ثم تزوج الإثنان في السنة عينها. عام 1994 أوقِف رورك بتهمة الإعتداء بالضرب على زوجته. أسقطت أوتيس التهم الموجهة إليه لكنهما ما لبثا أن تطلقا عام 1998.

منذ ذلك الحين لم يُقِم رورك علاقة طويلة الأمد إلا مع مجموعة كلابه الصغيرة، علاقة غريبة بالنسبة إلى رجل كسر كل عظمة في وجهه ويديه وأماكن أخرى، إصابات يقول رورك إنها أجبرته على إجراء جراحات تجميل حوّلت وجهه ذا الملامح الجميلة والأنيقة إلى وجه منتفخ.

أدوار صغيرة

سخرت وسائل الاعلام من مظهره المتغير، المحطم وليس القلق، ولم تأتِ الجهود التي بذلها للعودة إلى التمثيل في أواخر تسعينيات القرن الماضي بأي فائدة. كان يشارك من حين إلى آخر في أدوار صغيرة من بينها جزء آخر من فيلم 9Weeks، لكن طوال الجزء المتبقي من العقد اعترف رورك بأنه كان مفلساً. وفي مرحلة ما اضطر إلى بيع دراجاته النارية الغالية على قلبه وكان يعتاش من المال الذي يقدّمه له صديقه ليدفع كلفة المأكل والمشرب.

استعان رورك بإيمانه الكاثوليكي الذي وجد فيه ملاذاً وعلاجاً له، وكشف لمورغان أنه فكّر في الإنتحار أكثر من مرة، حتى إنه فكر في الطريقة التي يمكن اعتمادها للقيام بذلك. في مقابلات متعددة ردّد أن نظرة أحد كلابه المحبوبة منعته من ذلك. في مرة أخرى خطط لقتل رجل اغتصب طليقته أوتيس وضربها قبل أن يقتل نفسه لكن الكاهن الذي تحدث إليه منعه من ذلك.

لم يعرف رورك في ذلك الوقت أن عدم حصوله على أدوار جيدة كان يُنسب إلى مجموعة من الممثلين والأشخاص النافذين في قطاع صناعة الأفلام الذين رفضوا العمل معه. فعام 2003، عُرض عليه دور البطولة في In the Cut مع نيكول كيدمان، فيلم جريء أدى كل من ميغ ريان ومارك روفالو دور البطولة فيه في نهاية المطاف. سُحب العرض منه لأن كيدمان رفضت العمل معه. وفي السنة التالية حصل على دور في فيلم Man on Fire، لكن المشهد المميز الذي أداه إلى جانب دانزيل واشنطن حُذِف لأسباب غامضة.

إذا بدا لكم أن هوليوود كانت قاسية جداً على رورك إلا أنه لم يتصرف كما ينبغي. سرت إشاعات بشأن رغبته في الإنضمام إلى نادي Hells Angels للدراجات النارية وتحوله ليصبح على غرار أولئك الرجال الذين يحاولون سرقة نساء الرجال الآخرين ما يورطهم في المشاكل ويعرضهم للضرب. كذلك في أواخر 2007 أوقف في ميامي لأنه كان يقود تحت تأثير الكحول، غير أن رورك ما لبث أن حصل في السنة الماضية على دور يشبه إلى حد بعيد شخصيته الحقيقية والخبرات التي مرّ بها. كان ليستمر في الملاكمة حتى النهاية لو أن صحته سمحت له بذلك كما فعل راندي روبنسون، الشخصية التي يؤديها.

يوضح مورغان: «أعتقد أنه ذكّر الناس بأنه ربما واحد من ثلاثة أو أربعة ممثلين بارزين في العالم، لطالما كان كذلك».

هذا هو تحديداً نوع السلوك الذي يحتاج إليه للتأكيد على أنه يستحق الفوز بجائزة أوسكار أفضل ممثل. ونظراً إلى هجومه على بين يمكننا القول إن التحدي بينهما عاد إلى الواجهة.

لمحة مختصرة عن حياته

ولادته: ولد فيليب أندريه رورك الإبن في شنيكتادي في ولاية نيويورك في 16 سبتمبر (أيلول) 1952.

حياته العائلية: عاش مع والدته وزوجها و8 اخوة آخرين من الأشقاء وأبناء زوج أمه. تزوّج ديبرا فوير عام 1981 وكاري أوتيس عام 1992.

المرحلة الأولى من حياته: بعد مغادرة والده انتقل مع والدته إلى فلوريدا حيث تزوجت شرطياً في ميامي بيتش، كان هذا الأخير يضربه بحسب قول رورك الذي يدّعي أنه أصبح ملاكماً في فترة مراهقته وفاز بعشرين من المباريات الـ26 التي خاضها على الرغم من أن زوج والدته كان يعترض على ذلك.

مسيرته المهنية: ترك علامة فارقة في هوليوود مع Body Heat وDiner عامي 1981 و1982. أصبح نجماً بارزاً في ثمانينيات القرن الماضي لكنه اكتسب سمعة أنه شخص غير متزن يصعب التعامل معه. توقف عن التمثيل في تسعينيات القرن الماضي ليعود إلى الملاكمة، وفاز بـ10 من 12 مباراة لكنه لم يقف في مواجهة خصم بارز. في وقت لاحق عاد إلى التمثيل وترشح للفوز بجائزة غولدن غلوب عن الدور الذي أداه في The Wrestler.

يقول رورك: «في داخلي ما زال يعيش طفل وهو نائم الآن. لا أريده أن يستيقظ مجدداً».

يقولون: «لم يؤمن أحد بميكي رورك... لا قيمة له كنجم على شباك التذاكر. لكنني أجلس معه وأنظر في عينيه. لم تمُت عيناه. هما نابضتان بالحياة، تطمحان وتفكران»، دارن أرونوفسكي، مخرج فيلم The Wrestler.

back to top