شركات متوافقة مع الشريعة مهددة بخلع العباءة الإسلامية لتراجع الأصول ونمو قروض الفوائد وإيراداتها
على الرغم من أنه لم تتعرض أي من الشركات المتوافقة مع الشريعة الإسلامية لمخاطر الخروج من عباءة العمل المالي الإسلامي فعلياً حتى الآن، لكن «نظرياً» رأى الكثير من المحللين الماليين ومتخصصي الهيئات الشرعية، أن عدداً من الشركات المتوافقة بصدد التحول الإجباري إلى العمل التقليدي، بعد فقدانها شروط العمل المتوافق التي تضعها هيئات الرقابة الشرعية في الشركات.بعدما تفجرت ازمة الرهون العقارية وما تلاها من تبعات على الانظمة المالية والاقتصادية في كل البلدان، ذهب الكثير قانعا بان السبب الرئيسي لانهيار الاقتصاد العالمي يتمثل في النظام الرأسمالي وما يحويه من ادوات مالية تعتمد على فوائد الايرادات والقروض.
ورأى الكثير ان احد اهم الحلول الرئيسية للخروج من تلك الازمة هو التوجه الى النظام المالي الاسلامي، وتحول الشركات الى العمل وفق الشريعة الاسلامية، وبصرف النظر عن اختلاف الآراء بشان الوجهات التي طالتها الخسائر اكثر من الاخرى، فكثير من الاجراءات التي اقدمت عليها معظم اقتصادات العالم اتجهت نحو خفض الفوائد، لتشابه سياسات الشركات المتوافقة مع الشريعة.وعلى صعيد الشركات، فالكثير من الآراء ينادي بالتوجه الى الاستثمار الاسلامي، اذ انه الافضل -حسب الآراء- وبالفعل شهدت الفترات الاخيرة وقُبيل الازمة تحول الكثير من الشركات للعمل وفق الشريعة، وشهد هذا الاتجاه نموا متسارعا في المنطقة بصفة عامة وفي الكويت على وجه الخصوص. فقد تمكنت شركات الاستثمار الاسلامية الكويتية ولاول مرة خلال شهر مايو الماضي، من التفوق عدديا على مثيلاتها التقليدية عندما ارتفع عددها الى 44 شركة مقارنة مع 43 شركة استثمار تقليدية، كما تمكنت خلال فترة قصيرة من اثبات قدرتها على المنافسة، فبينما بلغ عددها 11 شركة فقط في مايو من عام 2003، فان الرقم ارتفع الى 44 حاليا بنسبة نمو 300 في المئة.وفوق ذلك اصبحت الشركات الاسلامية، في منافسة ضارية مع الشركات التقليدية للحصول على حصص سوقية ضخمة، وباتت هناك رغبة حقيقية للكثير من الشركات التقليدية للتحول إلى العمل المالي الاسلامي او المتوافق مع الشريعة الاسلامية.ووسط هذا الزخم من الصراع، اضحت الشركات المتوافقة تواجه مخاطر على وشك الحدوث وتاهت الكثير من المسلمات وسط محاولات الخروج من الازمة المالية وانقاذ ما يمكن انقاذه، بعد تعرض كل الشركات بكل سياساتها المالية المتبعة. وخفي على الكثير ان عددا من الشركات المتوافقة مع الشريعة الاسلامية يواجه خطر التحول الى العمل المالي التقليدي والخروج من عباءة العمل المالي الاسلامي، بعد تأثره بالازمة المالية بشكل اكبر من الآثار التي تعرضت لها الشركات التقليدية -حسب احصائيات- وهو ما ينبئ بالتبعية بان الاخيرة قد تواجه المزيد من الصعوبات اذا اتخذت قرارا بالتحول إلى العمل وفق الشريعة.وتتعلق هذه المخاطر بالشروط التي وضعها البنك المركزي للموافقة على تحول الشركات من العمل التقليدي الى العمل وفق الشريعة الاسلامية، خصوصا في بنود الايرادات والقروض، اذ اشترط البنك المركزي الا تتعدى نسبة القروض التي تتحمل الفوائد 30 في المئة فقط من اجمالي اصول الشركة، وثانيها ان تشكل ايرادات الفوائد نسبة 5 في المئة فقط من مجموع ايرادات الشركة.وعلى الرغم من انه لم تتعرض اي من الشركات المتوافقة الى مخاطر الخروج من عباءة العمل المالي الاسلامي فعلياً حتى الان، لكن نظريا رأى الكثير من المحللين الماليين ومتخصصي الهيئات الشرعية ان الكثير من الشركات المتوافقة بصدد التحول الاجباري الى العمل التقليدي.وفسر الخبراء ذلك بان الازمة المالية وتبعاتها على الاوضاع المالية للشركات ادت بالفعل الى تراجع اصول الكثير منها، كما ان معظم الشركات تبحث عن القروض لتعديل اوضاعها المالية وسداد التزاماتها وبالتالي ستجبر على الاقتراض حتى وان تحملت تلك القروض فوائد مخالفة سياساتها المالية، وهو ما يؤدي بالنهاية الى زيادة ملحوظة في قيمة القروض التي تتحمل الفوائد، يقابله تراجع في الاصول وبذلك تتضخم النسبة المذكورة الى اكثر من 30 في المئة.على الجانب الاخر، وفي ما يتعلق بالايرادات فمن المتفق عليه ان الشركات المتوافقة تصنف ايراداتها تبعا للفوائد التي تتحملها تلك الايرادات، راى في ذلك الخبراء ايضا ان تأثر تلك الشركات بالازمة المالية، سيؤدي في النهاية الى زيادة ملحوظة في نسبة ايرادات الفوائد، وبذلك فمن المؤكد ان تتعدى نسبة تلك الايرادات الى اجمالي ايرادات الشركة الـ5 في المئة.وبذلك تكون الشركات المتوافقة فقدت اهم الشروط لاستمرارها بالعمل وفق الشريعة الاسلامية، وبما يهدد باجبارها على التحول الى العمل التقليدي، اضافة الى ان الكثير من الشركات التقليدية التي ترغب في التحول الى العمل الاسلامي اصبحت هي الاخرى مهددة بفقدان تلك الخيارات ومجبرة على ان تظل تقليدية كما هي. هذا الفارق الذي صنعته الازمة المالية قد صنع مأزقا آخر، يتعلق بسعر الفائدة، فبعد الازمة المالية واتجاه معظم الاقتصادات الى خفض سعر الفائدة واتجاه البعض الى السياسة النقدية الصفرية وهو ما تتبعه الانظمة المالية الاسلامية، قد تتبدد هذه السياسة بتحول الكثير من الشركات المتوافقة الى العمل المالي التقليدي بعد فقدانها تلك الشروط، وتنحصر معدلات نمو الشركات المتوافقة التي شهدتها الفترة الاخيرة، وقد يصبح التحول الى النظام التقليدي هو الحل الوحيد.